تحرّك عالمي للعاملين في الرعاية الصحية ضد الإبادة في غزة

06 يناير 2025
جثث في ساحة مستشفى كمال عدوان، بيت لاهيا، شمال قطاع غزة، 6 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- نظمت مجموعات دولية فعاليات احتجاجية بعنوان "سيك فروم جينوسايد" للتنديد بالهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية الصحية في غزة، ودعت العاملين في المجال الصحي لأخذ يوم إجازة للتأمل والمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعية.
- في الولايات المتحدة، انتقدت مجموعات العمل الدولية موقف واشنطن من تمويل الإبادة الجماعية ودعم إسرائيل، مشيرة إلى تحويل المستشفيات إلى مصائد موت وصمت المؤسسات الطبية العالمية.
- في بريطانيا، نظمت وقفة احتجاجية أمام البرلمان، حيث طالب نواب بوقف تزويد إسرائيل بالأسلحة وفرض عقوبات بسبب انتهاكاتها للقانون الدولي وحقوق الإنسان.

في حين تمضي إسرائيل في جرائمها، في إطار حرب الإبادة الجماعية ضدّ الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 15 شهراً، نظّمت مجموعات دولية ناشطة خصوصاً في مجال الرعاية الصحية فعاليات احتجاجية اليوم الاثنين، وذلك في إطار تحرّك عالمي تحت عنوان "سيك فروم جينوسايد" (Sick From Genocide) للوقوف ضدّ الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف البنية التحتية الصحية والعاملين في هذا المجال في قطاع غزة. فتلك الهجمات تتواصل منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 من دون هوادة، في خطّة ممنهجة لتدمير المنظومة الصحية في القطاع المحاصر.

ودعت منظمة "أطباء ضدّ الإبادة الجماعية" (داغ) والجهات الراعية المشاركة، بمن في ذلك "العاملون في مجال الرعاية الصحية من أجل فلسطين" و"حركة الشباب الفلسطينية" و"ائتلاف عدم الإضرار" و"مجموعة العمّال من أجل فلسطين في حزب العمّال" و"مجلس الاستشارات الصحية لصوت اليهود من أجل السلام" وغيرها، العاملين في مجال الرعاية الصحية في كلّ أنحاء العالم إلى أخذ يوم إجازة مرضية خاصة بالصحة النفسية "للتأمّل في الإصابة الأخلاقية الهائلة الناجمة عن تمويل الإبادة الجماعية والانخراط في أهمّ جانب من جوانب العلاج: المطالبة علناً بإنهاء الإبادة الجماعية في قطاع غزة".

وفي هذا اليوم، تُنظَّم في الولايات المتحدة الأميركية، تحرّكات احتجاجية على موقف واشنطن من تمويل الإبادة الجماعية ودعم إسرائيل بالسلاح، في مدن بمختلف أنحاء البلاد. وأفادت مجموعات العمل الدولية، في بيانها المشترك حول النشاط اليوم، بأننا "شاهدنا الرعب لمدّة 15 شهراً وكيف جرى القضاء على الأطفال والأسر، من خلال الهجمات المتواصلة. وقد تحوّلت المستشفيات، التي تشكّل الأساس للرعاية الصحية المنقذة للحياة، إلى مصائد موت". ولفتت إلى أنّ "قصف مستشفى كمال عدوان (في بيت لاهيا - شمال قطاع غزة) وعملية إحراقه أخيراً، واعتقال زميلنا طبيب الأطفال حسام أبو صفية (أمور) توضح الاستهداف المتعمّد للعاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق الصحية"، مؤكدةً أنّ هذه "تكتيكات مصمّمة لتسريع إبادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وتهجيره قسراً".

وشدّدت مجموعات العمل الدولية، في بيانها نفسه، على أنّ "نحن مرضى. مرضى بسبب الإبادة الجماعية. لقد سئمنا من صمت وتواطؤ مؤسساتنا الطبية". أضافت: "لقد دانت الجمعيات الطبية الوطنية والمجلات الأكاديمية بسرعة وبشكل مناسب هجمات روسيا على أهداف الرعاية الصحية والمدنية في أوكرانيا وغيرها من الأزمات الإنسانية، كذلك أنهت جامعات مثل معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا علاقاتها البحثية مع روسيا بين عشية وضحاها"، لكنّ "هذه المؤسسات نفسها، مثل الجمعية الطبية الأميركية والجمعية الأميركية لطبّ الأطفال ومؤسسات أخرى، ظلّت صامتة بشكل فاضح في حين دمّرت إسرائيل بشكل منهجي المنظومة الصحية في قطاع غزة وقتلت مزيداً من الأطفال في العام الماضي، أكثر من أيّ صراع في هذا القرن".

وتابعت مجموعات العمل الدولية أنّ "على الرغم من واقع أنّ 61% من الناخبين الأميركيين يؤيّدون حظر إمداد إسرائيل بالسلاح، فإنّ قادتنا المنتخبين يواصلون إرسال أموال ضرائبنا لدعم الفظائع المروّعة". وأشارت إلى أنّ "منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومنظمة أطباء بلا حدود، بالإضافة إلى لجنة مستقلة تابعة للأمم المتحدة خلصت جميعها إلى أنّ إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في قطاع غزة".

وفي بيانها، لفتت مجموعات العمل الدولية إلى أنّ شعار "سيك فروم جينوسايد" ما ترجمته "سقيم من جرّاء الإبادة الجماعية" يعكس الأذى الأخلاقي الهائل والصدمة العاطفية والحزن الذي يعاني منه هؤلاء الذين يشهدون الفظائع المرتكبة. وأكدت: "لا يمكننا أن نعمل بصفتنا مقدّمي علاج في حين أنّنا نعلم أنّ تدمير الأرواح والمستقبل لا يُصار إلى تجاهله فحسب بل يُدعَم بصورة نشطة، إذ يموَّل من ضرائبنا"، وبيّنت أنّ "حكومة الولايات المتحدة الأميركية أرسلت أكثر من 310 مليارات دولار أميركية من أموال ضرائبنا إلى إسرائيل".

وفي ختام بيانها اليوم، شدّدت مجموعات العمل الدولية على أنّنا "لن نبقى صامتين. نطالب باتّخاذ إجراءات لإنهاء الإبادة الجماعية، بما في ذلك فرض حظر فوري على الأسلحة على إسرائيل، علماً أنّ الولايات المتحدة الأميركية تزوّد إسرائيل بـ70% من أسلحتها. وندعو زملاءنا ومؤسساتنا وجمعياتنا الوطنية إلى الانضمام إلينا في المطالبة بإنهاء الهجمات على منظومة الرعاية الصحية، والإفراج عن الطبيب حسام أبو صفية و450 عاملاً في مجال الرعاية الصحية محتجزين بصورة غير قانونية في مراكز الاحتجاز والتعذيب الإسرائيلية، وإنهاء الإبادة الجماعية على الفور، والمساءلة عن جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية، وتوفير المساعدات الإنسانية غير المقيّدة وغير المشروطة وإعادة الإعمار في قطاع غزة".

وقفة احتجاجية أمام البرلمان البريطاني

وشهدت العاصمة البريطانية لندن، مساء اليوم الاثنين، وقفة احتجاجية أمام البرلمان البريطاني، شارك فيها المئات للتعبير عن غضبهم إزاء موقف الحكومة البريطانية المتغاضي عن الجرائم المرتكبة بحق الإنسانية في قطاع غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وتخللت الوقفة كلمات لعدد من النواب والناشطين السياسيين، أبرزهم النائب المستقل جيرمي كوربين، الذي خاطب المحتشدين قائلاً: "شكراً لالتزامكم الدائم بالدفاع عن حرية وكرامة الشعب الفلسطيني، حتى تحقيق دولته المستقلة. وشكر خاص للعاملين في القطاع الصحي في بريطانيا الذين يقفون بتفانٍ إلى جانب زملائهم في غزة والضفة الغربية".

وأضاف كوربين: "كل ما نشهده من أزمة صحية متعمدة في غزة جرى تصميمه عمداً من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو يشمل استهداف وقتل المهنيين الطبيين. لقد شاهدت صورة الطبيب أبو صفية وهو يبتعد عن مستشفى مدمر، مشهد يعيدني إلى تلك اللحظات التي قرأت فيها تقاريره عن الحياة أثناء محاولته إنقاذ الأرواح تحت القصف".

وشدد على أن الأدلة ستثبت الجريمة و"هي جريمة حرب عندما تستهدف فيها الدولة عمداً المرافق الصحية والمستشفيات والمهنيين الطبيين"، مؤكداً: "لهذا السبب نحن هنا اليوم، أمام البرلمان البريطاني، حيث تُتخذ القرارات. من المعيب أن تستمر حكومتنا في تزويد إسرائيل بالأسلحة، وأن تسمح باستخدام قاعدة سلاح الجو الملكي نقطةَ انطلاق لمراقبة غزة".

وأشار كوربين إلى قرارات المحكمة الجنائية الدولية بشأن مذكرات التوقيف الصادرة بحق القادة الإسرائيليين، وقال: "الاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية التي تحدث في غزة سيزداد قوة إذا ما ثبت أن دولاً أو شركات أو أشخاصاً يقدمون الدعم المتعمد لمجرمي الحرب. وهي جريمة حقيقية في حد ذاتها، فإن الذراع الطويلة للقانون الدولي تمتد أيضاً إلى تلك الشركات والحكومات".

حزب الخضر يطالب بوقف تسليح إسرائيل

وخلال التظاهرة التي جرت أمام البرلمان البريطاني، تحدثت النائبة عن حزب الخضر إيلي تشاونز عن الانتهاكات المستمرة بحق القطاع الطبي في قطاع غزة، مؤكدة أن الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية هي جريمة حرب. وقالت: "دعونا نكون واضحين، الاستهداف المتعمد لنظام الرعاية الصحية الفلسطيني من قبل الجيش الإسرائيلي هو جريمة حرب. توجيه الهجمات عمداً ضد المستشفيات والأماكن التي يُعالَج فيها المرضى، وتدمير المرافق الصحية بشكل متعمد في عقاب جماعي، وكذلك الهجمات على السكان المدنيين، هي جميعها جرائم حرب".

وأضافت: "إسرائيل بصفتها قوة احتلال تتحمل مسؤولية بموجب القانون الدولي لضمان حصول الفلسطينيين على رعاية صحية كافية. ويجب أن تكون المستشفيات محمية بموجب القانون الدولي من قبل جميع الأطراف، كما تجب حماية العاملين الطبيين في مناطق الصراع. ومع ذلك، الحكومة الإسرائيلية تنتهك هذا القانون والمسؤوليات يوماً بعد يوم، بينما دول مثل المملكة المتحدة رفضت بشكل منهجي محاسبتها بالكامل".

وأشارت تشاونز إلى أن المملكة المتحدة تواصل بيع الأسلحة لإسرائيل، التي تُستخدم لتدمير المستشفيات ومهاجمة العاملين في المجال الطبي. وأضافت: "رسالة حزب الخضر كانت دائماً واضحة: أوقفوا تسليح إسرائيل، وها نحن الليلة نطالب أيضاً بالوقوف إلى جانب نظام الرعاية الصحية في غزة".

واختتمت النائبة البريطانية قائلة: "حان الوقت للتوقف عن بيع الأسلحة للمجرمين. حان الوقت لوقف تصرفات إسرائيل التي تتم بإفلات من العقاب، وحان الوقت لوقف الإبادة الجماعية وإخلاء المستشفيات في غزة".

نائب عمّالي يدعو إلى فرض العقوبات على إسرائيل 

كما تحدث النائب عن حزب العمال ريتشارد بورجون، خلال التظاهرة، مطالباً بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب انتهاكاتها المستمرة للقانون الدولي وحقوق الإنسان، خصوصاً في استهداف القطاع الصحي والمدنيين في غزة. وقال بورجون: "القانون الدولي واضح جدًا بشأن استهداف المرافق الصحية والمدنيين، إلا أن الحقيقة هي أن هذا التدمير للنظام الصحي يحدث لأن إسرائيل سُمح لها بالإفلات من العديد من جرائم الحرب، وسُمح لها بالإفلات من جرائم ضد الإنسانية وتمكنت دائماً من الإفلات من العقاب".

وأضاف: "تحدث العديد من المؤسسات الحقوقية الدولية عن جرائم إسرائيل، والأمم المتحدة والمحاكم الدولية تحدثت علناً عن استمرار إسرائيل في ارتكاب جرائم الحرب. ومع ذلك، تستمر هذه الجرائم لأن الحكومات العالمية ترفض اتخاذ الإجراء اللازم والدعوة إلى وقف إطلاق النار".

ودعا بورجون، الذي يمثل مدينة ليدز، إلى فرض عقوبات تجارية على إسرائيل، بالإضافة إلى فرض عقوبات على المسؤولين الإسرائيليين الذين يتحملون مسؤولية هذه الانتهاكات. وأشار إلى حملة أطلقها مع عدد من النواب البريطانيين، ضمت أكثر من 600 برلماني من عدة دول، تدعو إلى فرض العقوبات على إسرائيل.

المساهمون