تحركات في بغداد وأربيل حيال أزمة المهاجرين العراقيين على حدود أوروبا

11 نوفمبر 2021
عائلات عراقية، وأغلب أفرادها من إقليم كردستان، عالقة عند حدود بيلاروسيا وبولندا (Getty)
+ الخط -

قال دبلوماسي عراقي في وزارة الخارجية ببغداد، اليوم الخميس، لـ"العربي الجديد"، إنّ الحكومة شكّلت خليّة عمل طارئة من وزارتي الخارجية والهجرة وممثلين عن حكومة إقليم كردستان، لمعالجة أزمة تجمع المئات من العراقيين المهاجرين بشكل رسمي على الحدود الأوروبية، ومرورهم بأوضاع إنسانية سيئة للغاية، فيما كشفت وزارة الهجرة عن رفض قسم منهم العودة للعراق.

وللأسبوع الثاني على التوالي، تتفاعل أزمة تجمع المئات من العائلات العراقية، وأغلب أفرادها من إقليم كردستان، عند الحدود بين بيلاروسيا وبولندا، في وقت فرضت السلطات الأمنية في كل من بولندا وليتوانيا ولاتفيا إجراءات مشددة لمنع دخولهم، حيث ما زالوا محاصرين في غابات حدودية بين تلك الدول وبيلاروسيا. وفاقم نزول الثلج والطقس السيئ من معاناتهم، وسط تحذيرات من وجود مرضى وكبار سن ونساء حوامل وأطفال رضع معرضين للموت.

واليوم، الخميس، أبلغ مسؤول عراقي بارز في وزارة الخارجية ببغداد، "العربي الجديد"، بأن بلاده شكّلت لجنة خاصة للتعامل مع الأزمة، بإشراك ممثلين عن حكومة إقليم كردستان العراق في أربيل، مؤكدا أن اللجنة ستعمل على إعادتهم جوا إلى العراق، وحاليا هناك مساع لإيصال الاحتياجات الأساسية إليهم.

وتحدث المصدر عن أن العائلات والشبان هم ضحايا شركات سياحة وشبكات تهريب تنشط في عدة دول مقابل مبالغ مالية، والتي قدمت لهم وعودا بحياة أفضل في الدول الأوروبية حال وصولهم، فيما تسعى السلطات العراقية لكشف تلك الشبكات وملاحقتها قانونيا.

وكشف المسؤول ذاته عن أنّ الموجة الحالية من المهاجرين هي الأكبر التي تخرج من العراق منذ اجتياح تنظيم "داعش" البلاد عام 2014 واحتلاله مساحات واسعة، لكنه أكد في الوقت ذاته أن أغلب المهاجرين يقدمون روايات وقصصا غير حقيقية عن وضعهم بالعراق، ضمن مساعي الحصول على حق اللجوء والإقامة.

وأكد أن من بين المهاجرين الحاليين من هم من جنسيات دول أخرى في الشرق الأوسط، وليسوا جميعا عراقيين.

من جانبه، اتّهم وكيل وزارة الهجرة العراقية كريم النوري، الخميس، السلطات في بيلاروسيا بأنها تدفع العراقيين المهاجرين إلى غابات دولة ليتوانيا الحدودية معها للضغط على الاتحاد الأوروبي.

وقال النوري، في إيجاز قدّمه للصحافيين في بغداد، إن "ظاهرة سفر العراقيين إلى بيلاروسيا بدأت منذ أشهر، وانتشرت مافيات وعصابات لتهريب العراقيين باتجاه ليتوانيا وبولندا، ومن ثم إلى باقي أوروبا"، مستدركا: "لكن هناك مشكلة حقيقية بين الاتحاد الأوروبي وبيلاروسيا، دفعت الأخيرة إلى الضغط من خلال دفع العراقيين نحو الغابات بين بيلاروسيا وليتوانيا".

وبيّن أن "العراق شكّل لجنة من وزارة الهجرة والمخابرات ومديرية الأحوال المدنية، وأوقف السفر إلى بيلاروسيا كرسالة حسن نية إلى الاتحاد الأوروبي، الذي هدّد العراق بعقوبات، رغم أنه ليست لدينا علاقة مع عصابات التهريب".

وأكد أن "الحكومة العراقية تتابع وضع العالقين من العراقيين هناك، وسنسهل عودتهم إلى العراق من خلال سفارة روسيا لعدم وجود سفارة عراقية في بيلاروسيا".

فيما رفض بيان لوزارة الهجرة العراقية عمليات ضرب المهاجرين من قبل حرس الحدود في تلك الدول، ودعا إلى الالتزام بالمعاهدات الدولية. 

اتّهم وكيل وزارة الهجرة العراقية كريم النوري، الخميس، السلطات في بيلاروسيا بأنها تدفع العراقيين المهاجرين إلى غابات دولة ليتوانيا الحدودية معها للضغط على الاتحاد الأوروبي

ووفقا لبيان نقلته وسائل إعلام عراقية عن مدير عمليات وزارة الهجرة عباس جهانكير، فإن "الحكومة أرسلت الطائرات لنجدة العراقيين العالقين وإعادتهم لوطنهم، لكن الكثيرين منهم رفضوا العودة"، دون أن يحدد تاريخ ذلك.

وأضاف أن "الكثير من المهاجرين يتعاملون مع مهربين وأشخاص غير رسميين وغير معتمدين بين الدول، ومع ذلك فإن الحكومة العراقية تتابع وضعهم وحالتهم من خلال وزارة الخارجية". وأشار إلى أن "الحكومة العراقية لا تعرف عدد المهاجرين العراقيين العالقين على الحدود البولندية حتى الآن"، مقدرا بأن "أعدادهم لا تتجاوز ألف مهاجر حتى الآن".

العالقون على حدود بولندا - بيلاروسيا.. مأساة متصاعدة ومصير مجهول

في السياق ذاته، قالت القيادية في حزب "الاتحاد الوطني الكردستاني" بمدينة السليمانية، شمالي العراق، ريزان شيخ دلير، إنّ "السبب الاقتصادي هو الأساس في الهجرة التي تحصل الآن، إذ إن المواطن يبحث عن فرص للعمل، إضافة إلى أن الوضع السياسي له تأثير على الناس".

وأكدت شيخ دلير، في تصريحات صحافية، أن "الآونة الأخيرة شهدت تقييدا كبيرا لحرية التعبير والآراء، وجرت حملة اعتقالات أيضا، وهو عامل من عوامل ارتفاع نسبة الهجرة، خصوصا بين الشباب"، مشددة على أن "حكومة الإقليم هي التي تتحمل المسؤولية الكاملة عن موجة الهجرة الحالية، ولا دخل لحكومة بغداد بهذا الأمر". 

الناشط الحقوقي محمد خليل شواني في مدينة السليمانية، اعتبر أن سبب موجات النزوح الجديدة هو "انعدام الأمل بغد أفضل".

وأضاف شواني أن "ظاهرة هجرة الشباب بأعمار 20 إلى 30 عاما لم تكن جديدة على العراق، وتحديدا إقليم كردستان، منذ عام 1990 وإلى غاية الآن، لكن اللافت أن هناك عائلات كاملة غادرت البلاد، وفاقم الموضوع وجود شركات وشبكات سمسرة تأخذ مبالغ تصل إلى 10 آلاف دولار".

واعتبر المتحدث ذاته أن "الأوضاع الاقتصادية والبطالة واستمرار الأزمات السياسية في العراق ككل، الذي دخل بأزمة أخرى، وهي تسلط المليشيات ونفوذها بعد الخلاص من أزمة داعش، كلها مسببات تشجع على التفكير بالهجرة".

ووصف مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في إقليم كردستان العراق سفين دزيي مشاهد المهاجرين على حدود بيلاروسيا بـ"الكارثة"، قائلا: "نحن على اتصال مع القنصل البولندي في الإقليم وممثل الإقليم في بولندا أيضا".

لجوء واغتراب
التحديثات الحية

وبين مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في إقليم كردستان، في مؤتمر صحافي عقد بأربيل، أمس الأربعاء، أنه "للأسف هناك إلى غاية الآن جثتان لمهاجرين ونحاول إعادتهما للإقليم"، مردفا: "هناك حالة لامرأة أنجبت توأما، واحتجز المستشفى الطفلين ويهدد بتسليمهما لدار الأيتام إن لم يتم دفع تكاليف المستشفى".

كما أشار إلى أن احتلال مسلحي حزب "العمال الكردستاني" مناطق حدودية في الإقليم مع تركيا ضمن دهوك وأربيل "أثر على زيادة الهجرة في الإقليم، بسبب أن هذه المناطق باتت مقرات لمسلحي الحزب، فضلا عن عدم وجود مشاريع استثمارية فيها، لأن المستثمرين يخافون من الاستثمار في تلك المناطق".

وأكد سفين دزيي أن هناك "مافيات وعصابات تتاجر بموضوع الهجرة في إقليم كردستان"، داعيا المواطنين إلى "عدم تسليم مصيرهم للمافيات والمهربين"، قائلا إن "شعبنا بات ضحية لهؤلاء المهربين". وتابع: "نتواصل مع الحكومة العراقية بهدف إعادة المهاجرين، إلا أننا ضد العودة القسرية بأي شكل من الأشكال".

المساهمون