تحديات التعليم العربي في الداخل الفلسطيني: ميزانيات وطبقية وجريمة

30 اغسطس 2023
مئات الغرف التعليمية عبارة عن غرف متنقلة وبركسات في النقب (العربي الجديد)
+ الخط -

يعاني التعليم العربي في الداخل الفلسطيني إجحافاً وتمييزاً في الميزانيات من مؤسسة الاحتلال الإسرائيلي، فضلاً عن تنامي الطبقية بين الفئات المسحوقة اقتصادياً والمتوسطة والعليا داخل المجتمع العربي بالداخل الفلسطيني، التي تؤثر في التحصيل العلمي.

ويواجه جهاز التربية والتعليم تحديات أصعب في النقب، منها نقص البنى التحتية، وسلب الاعتراف بـ27 بالمائة من طلاب قرى المجلس الإقليمي، فلا ينهون المدرسة الثانوية، إضافة إلى انعكاس قضية العنف والجريمة على المجتمع.

ويصف شرف حسان، رئيس لجنة متابعة قضايا التعليم العربي في الداخل الفلسطيني، وضع التعليم، قائلاً: "هو انعكاس لما يحدث في المجتمع. لذلك، التحدي الأكبر الذي يشكل خطراً على جهاز التربية والتعليم هو ذات الخطر الذي يداهم مجتمعنا متمثلاً بقضية العنف والجريمة المنظمة".

وأوضح لـ"العربي الجديد": "قسم كبير من المنخرطين في عالم الإجرام وما يُسمى جنود منظمات الإجرام، طلاب وخريجون فشل الجهاز التعليمي في استيعابهم وإعطاء حلول لمشاكلهم، لذا هم غير مرئيين لجهاز التربية والتعليم، هم على الهامش كانوا دائماً".

وعمّن هو المسؤول عن هؤلاء المهمشين، يقول حسان: "جهاز التربية والتعليم يتحمل المسؤولية، وجزء من الحل تغييري، أي أن يضع الجهاز برامج تستطيع رؤية هؤلاء الطلاب المهمشين، وتلبي احتياجاتهم من جيل الطفولة المبكرة ولغاية الثانويات".

ولمكافحة العنف والجريمة في المدارس، يرى حسان أنه يجب "وضع البرامج التي تستطيع معالجة موضوع التسرب الخفي من المدارس وإعطاء حلول تصلح لكل الطبقات. وأيضاً تلبية الدعم النفسي للطلاب الذين يعانون مباشرةً من عالم الجريمة والإجرام".

وأضاف: "عندما نقول: محاربة العنف والجريمة، يعني أهمية التربية في الانتماء والهوية، وبشكل خاص الهوية الوطنية. نحن نتحدث بالأساس عن علاقة طلابنا باللغة العربية"، منتقداً تركيز المدارس والمسؤولين فقط على الطلاب المتميزين.

طلاب القرى مسلوبة الاعتراف بالنقب

ويشير حسان إلى معاناة طلاب القرى مسلوبة الاعتراف بالنقب، قائلاً: "هناك واقع صعب جداً في قرى المجلس الإقليمي في النقب التي تقدم الخدمات إلى القرى. هناك مئات الغرف التعليمية عبارة عن غرف متنقلة وبركسات دون كهرباء وماء بشكل بائس، فضلاً عن وجود مشاكل أساسية في المواصلات، وفي ربط المدارس بشبكات الماء والكهرباء والشوارع".

ويوضح أنّ "27 بالمائة من الطلاب الذي يدخلون صف الأول ابتدائي لا يستمرون في التعليم إلى المرحلة الثانوية، وأكثر من 5 آلاف طالب عربي من جيل 3 سنوات إلى 5 سنوات دون أي إطار تعليمي ويبدأون حياتهم التعليمية في صف الأول ابتدائي. وهناك نواقص وصفوف ومبانٍ أساسية لا تلائم أحياناً البشر".

امتحانات البجروت والبيزا

وفي ما يتعلق بشهادة البجروت التي تثبت أن الطالب اجتاز بنجاح امتحان الثانوية العامة الإسرائيلية، يقول حسان: "نتائج البجروت ليست مؤشراً على تقدم جوهري في التعليم، حيث تآكلت مكانة الشهادة في السوق الاقتصادي والأكاديمي، وما ينبغى التركيز عليه، وضع الطلاب في جودة البجروت ومجمل القدرات والمهارات التي يطورها الطالب كي يكون مستعداً لعالم اليوم والمستقبل".

وفي إطار حديثه عن امتحانات البيزا (البرنامج الدولي لتقييم الطلبة)، يرى أنها "تدل على فجوة أكثر من ثلاث سنوات بين الطالب العربي والطالب اليهودي، ومصادر الفجوة بين العرب واليهود عديدة"، مشيراً إلى أن "قضيتنا مع وزارة التعليم ليست فقط ميزانيات، رغم أن الطريق طويل لتحصيل حقوقنا المادية كافة، ولكن توجد سلطات محلية أيضاً غنية في إسرائيل تضع لكل طالب 4 آلاف شيقل أكثر مما تضعه المجالس العربية. كذلك، إن قدرة العائلات العربية على الاستثمار في التعليم أقل بكثير، بسبب الوضع الاقتصادي والاجتماعي". 

الطبقية في المجتمع العربي

ويرصد حسان تأثير الطبقية في المجتمع العربي بالتحصيل، قائلاً: "الفجوة الطبقية داخل المجتمع العربي في اتساع. هناك طبقة وسطى وعُليا آخذة في تثبيت مكانتها وقدراتها ووضعها، هذا يؤثر إيجاباً بوضع طلابها بالتعليم. بالمقابل، هناك طبقات مسحوقة وفقيرة ووضعها الاجتماعي الاقتصادي يؤثر في الطلاب، وهذه حقيقة يجب أن نراها كمجتمع. وإذا لم نرَها، لن نستطيع أن نعطي حلولاً خاصة لأبناء الطبقات الفقيرة والمستضعفة وأبناء القرى مسلوبة الاعتراف بالنقب وأحياء الفقر العربية في المدن المختلطة الساحلية".

هل هناك حلول؟

وفي محاولة لإيجاد حلول يقول: "الحلول تكمن في تقوية التعليم الرسمي المفتوح للجميع، وللخروج من الأزمة يمكن الاستثمار في الطبقات الفقيرة والمسحوقة والمهمشين، إذ يشكلون أغلبية".

ويختتم  حديثه قائلاً: "قضيتنا ليست ميزانيات فقط، نضالنا من أجل أن يكون للتعليم العربي المكانة التي يستحقها داخل وزارة التربية والتعليم، ونضالنا من أجل تغيير مناهج التعليم ومضامينه، ومن أجل أن تكون هناك روح جديدة تؤدي دوراً حيوياً في مجتمعنا لا يقتصر فقط على نجاحات شخصية لأبناء طبقة محددة، بل نسعى لنهضة اجتماعية كبيرة".

المساهمون