حاصرت قوات الأمن الجزائرية مجموعات من الشباب العاطلين عن العمل، كانوا بصدد تنظيم وقفة احتجاجية وسط مدينة ورقلة، عاصمة النفط جنوبي الجزائر، للمطالبة بتوفير مناصب الشغل في الشركات النفطية العاملة في حقول النفط في المنطقة.
واستخدمت الشرطة القوة لإجهاض الوقفة الاحتجاجية الثانية التي تنظم من قبل العاطلين عن العمل في ظرف أسبوع، واعتقلت عدداً من الشباب واقتادتهم إلى مراكز الأمن، وزاد تدخل الشرطة من منسوب الغضب لدى الشباب الذين تمسكوا بحقهم في الاحتجاج، وبالمطالبة بالإفراج الفوري عن الموقوفين.
وندّد نشطاء محليون بما وصفوه بـ" أساليب الترهيب والقمع البوليسي" الذي يتعرض له الشباب، على الرغم من سلمية احتجاجهم ومشروعية مطالبهم.
وطالب المحتجون الحكومة بإيفاد لجنة تحقيق للنظر في ملف التشغيل، والتوقف عند كيفيات توزيع المناصب والتوظيف بالمحاباة من قبل مسؤولين في الولاية ووكالات التشغيل المحلية، كما طالبوا السلطات بإلغاء ومراجعة شروط يعتبرونها "تعجيزية" تعيق التحاق عدد منهم بالعمل في الشركات البترولية.
والأحد الماضي، قطع العاطلون عن العمل في الولاية نفسها الطريق العام، وقاموا بإشعال العجلات المطاطية، رداً على ما وصفوه بـ "الوعود من طرف المسؤولين والكذب على البطالين"، بتوفير مناصب الشغل، وعبروا عن امتعاضهم من التهميش.
والأسبوع الماضي، كان العاطلون عن العمل قد نظموا وقفة احتجاجية، بينما انطلقت مجموعة تضم 30 شاباً من مدينة تقرت بولاية ورقلة جنوبي الجزائر، منذ يوم الجمعة في مسيرة على الأقدام باتجاه العاصمة، للمطالبة بالحق في مناصب الشغل وتحسين أوضاعهم المعيشية، بعد محاولة الشرطة توقيفهم في مدينة سطيف شرقي الجزائر، ومنعهم من الوصول إلى العاصمة لمقابلة المسؤولين في الحكومة، إثر عجز المسؤولين المحليين عن التكفل بمشاكل الشغل والتنمية والتلاعب بالموارد وبرامج التشغيل.
وتنظم هذه الاحتجاجات المستمرة، من طرف "لجنة البطالين" المنتشرة في كثيرٍ من ولايات الجنوب. وفي الفترة الأخيرة بدأ يتشكل حراك اجتماعي واسع في عدة مدن في الجنوب، وإضافة إلى ورقلة، تشهد مدن كتقرت والأغواط وغرداية واليزي وتمنراست وقفات احتجاجية للشباب والسكان للمطالبة بالتنمية.
وقال الناشط المدني في مدينة ورقلة عبد المالك بياك لـ" العربي الجديد" إن "هذا الحراك الاجتماعي في مدن الجنوب والاحتجاجات على الشغل لم تنقطع منذ سنوات، خاصة بعد 2012، إذ زاد تنظيم البطالين وانخراط الشباب في المجتمع المدني في منسوب الاحتجاج الاجتماعي في مدن الجنوب بسبب الفوارق الاجتماعية والتنمية والبنى التحتية التي يمكن ملاحظتها ببساطة بين مدن الشمال ومدن الجنوب التي تزخر بثروات النفط والغاز".
وذكر المتحدث أن "السلطات المركزية ظلّت تتهرب من حل مشاكل شباب الجنوب، وحاولت في مقابل ذلك الترقيع بحلول عشوائية لم تنتج هي الأخرى سوى الفساد، إذ تم وضع ملف التشغيل في يد وكالات محلية سيطرت عليها مجموعات المصالح"، مشيراً إلى أن الحل يكمن في تعزيز الاستثمارات في مدن الجنوب وتحسين البنى التحتية للسكان.