تجاهل رسمي لتكرار انفجارات الغاز في كردستان العراق

17 يناير 2023
خلف الانفجار داخل مسكن الطلاب في دهوك 5 قتلى (إسماعيل عدنان/ فرانس برس)
+ الخط -

تكررت خلال الفترة الماضية حوادث انفجار ناتجة من تسرب الغاز في منازل وعمارات سكنية في مدن إقليم كردستان العراق، ما أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى. 
وفي منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، انهار مبنى مؤلف من 3 طوابق بالكامل، ما أدى إلى مصرع 15 شخصاً وجرح عدد مماثل، نتيجة انفجار منظومة الغاز داخله، كما ألحق الحادث أضراراً بالمنازل المجاورة في منطقة كازيوة. 
وبعد أيام قليلة، أسفر انفجار غاز آخر في محافظة دهوك، عن وفاة 5 أشخاص بينهم 3 رجال أمن، أحدهم ضابط برتبة رائد، وعامل وطالب، وجرح 37 أخرين، وفقاً لبيان أصدرته مديرية الدفاع المدني في المحافظة.
ومع تواصل أخبار إخلاء المباني بسبب الاشتباه في وجود تسرب للغاز، واستمرار المخاوف من أن تترافق مع مآسٍ جديدة تشبه ما حصل في مدينتي السليمانية ودهوك، يقول النائب في برلمان إقليم كردستان كاوه عبد القادر لـ"العربي الجديد"، إن "مجموعة أسباب تتسبب في تكرار حوادث انفجارات منظومات الغاز، أهمها الفساد المستشري في حكومة الإقليم، وبناء مجمعات سكنية حديثة من دون إخضاع المشاريع لإشراف حكومة الإقليم، كما أن ارتفاع أسعار الوقود ونقص تجهيز الطاقة الكهربائية جعلا المواطنين أكثر استخداماً لخيارات الطاقة البديلة، ومنها منظومات الغاز". 
يضيف: "ارتفعت أسعار الوقود بشكل جنوني في إقليم كردستان العراق، ووصل سعر الليتر الواحد إلى 1400 دينار (94 سنتاً)، ما يعادل ثلاثة أضعاف السعر الموجود في المدن التي تديرها الحكومة العراقية. وغالبية الشركات المسؤولة عن استيراد الوقود تابعة للأحزاب الحاكمة في إقليم كردستان، ما يعني أنها المسؤولة الأولى عن ارتفاع الأسعار، ما يجعل المواطن يختار منظومات الغاز حلاً بديلاً، رغم مخاطره، وعدم التقيّد بشروط السلامة".
وبعد حادثي السليمانية ودهوك، قررت حكومة إقليم كردستان العراق حظر استعمال كل أنواع منظومات الغاز، ومراجعة أوضاع كل الأماكن العامة والخاصة التي تحتوي على منظومات الغاز، وفتح تحقيقات في الحوادث الأخيرة، بهدف معالجة الظاهرة ومنع تكرارها. لكن مراقبين يؤكدون أن قرار حكومة الإقليم لم يطبق، وأن منظومات الغاز تنتشر في غالبية مدن الإقليم والمجمعات السكنية والفنادق والمطاعم والمنازل. كذلك، بات أصحاب السيارات يعدلون منظومات محركات سياراتهم من وقود البنزين إلى الغاز، بسبب ارتفاع سعر الوقود، ما يزيد مخاطر تكرار الحوادث والمآسي في المستقبل.

من أضرار الإنفجار في السليمانية (فريق فراج/ الأناضول)
أضرار الانفجار في السليمانية (فريق فراج/الأناضول)

وخلال السنوات الماضية، غزت شركات إيرانية أسواق إقليم كردستان العراق من خلال مشاريع لتركيب أنظمة غاز مخصصة للتدفئة داخل المجمعات السكنية العملاقة والمباني التجارية والمنازل، والتي نقلت تجارب بلادها إلى كردستان، مع اختلاف في أساليب التنفيذ وآليات العمل.
ويتهم الخبير الاقتصادي هيوا كمال، في حديثه لـ"العربي الجديد"، حكومة إقليم كردستان بـ"عدم الاكتراث بما يمر به المواطن الكردي من حوادث، وآخرها تكرار انفجارات منظومات الغاز". يضيف: "يدير المسؤولون والقيادات الحزبية غالبية المجمعات السكنية والفنادق. وهذه المباني لا تخضع للرقابة الفنية فتتكرر الحوادث. ونتيجة الفساد الموجود في مشاريع تشييد هذه المباني وعدم اتباعها شروط السلامة المهنية، وغياب مراقبة عمليات البناء، تستخدم شركات البناء عمالاً غير متخصصين، غالبيتهم من إيران ويتقاضون أجوراً رخيصة لنصب منظومات الغاز".

ويفيد بيان أصدرته رئاسة الحكومة العراقية بأن "رئيس الحكومة محمد شياع السوداني أمر بالتحقيق في أسباب تكرار هذه الحوادث، وفرض كل إجراءات السلامة المطلوبة في إطار القوانين المطبقة، لضمان عدم تكرارها وسط مخاوف من وقوع تفجيرات أكبر، خاصة في ظل انخفاض درجات الحرارة إلى ما دون الصفر في بعض مناطق الإقليم، ولجوء سكان هذه المناطق للغاز كوسيلة للتدفئة والحصول على طاقة كهربائية."
وتواجه فرق مديرية الدفاع المدني في عموم العراق جملة من التحدّيات في التعامل مع الحوادث اليومية المختلفة، وفي مقدمها النقص الكبير في كوادرها وآلياتها، وضعف هيكلية المؤسسة. كذلك، على تلك الفرق معالجة عشرات الحرائق اليومية لأسباب مختلفة.
في عام 2021، سجل العراق نحو 26 ألف حريق، أودت بحياة ما لا يقل عن 400 شخص، فضلاً عن إصابة المئات، وطاولت مستشفيات ومباني ومخازن تجارية ومجمعات سكنية، فضلاً عن مئات من الهكتارات الزراعية، وخصوصاً حقول القمح شمالي وجنوبي البلاد.

المساهمون