استمع إلى الملخص
- أطلقت الحكومة المغربية برنامج طوارئ لدعم المتضررين يشمل مساعدات مالية وتعويضات، لكن بطء إعادة الإعمار يزيد من معاناة المتضررين ويهدد صحتهم.
- تعبر منظمات المجتمع المدني عن قلقها من الوضع الإنساني، وتدعو لتسريع جهود الإعمار وتوفير مساكن مؤقتة ودعم شامل لضمان حياة كريمة للمتضررين.
ينتظر الخمسيني المغربي حسن باعدي، المتحدر من جماعة أزكور بإقليم الحوز، أعمال إعادة بناء منزله المتضرر من زلزال الحوز، والتي ما زالت متأخرة، وهو يسابق الزمن للاستعداد لحلول فصل شتاء ثان، إذ يحاول تقوية سقف خيمته بعازل بلاستيكي خشية تسرب مياه الأمطار في ظل عدم وجود مأوى آخر يلجأ إليه مع أسرته، مناشداً المسؤولين تسريع عملية إعادة الإعمار لمغادرة مخيمات الإيواء المقامة في منطقة تغيب عنها كل مقومات الحياة.
ويقول باعدي لـ"العربي الجديد" إنه يعيش في خيمة منذ أكثر من عام مع زوجته وأولاده الأربعة ووالدته، وإنّهم يكابدون أشكالاً من المعاناة، كان آخرها تضرر خيمتهم بسبب التقلبات الجوية في بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. ويضيف: "العيش داخل خيمة مقامة في منطقة جبلية خلال فصل الشتاء البارد يضاعف المخاطر، ويعرض الصغار وكبار السن للأمراض، بخاصة مع انخفاض درجات الحرارة إلى 10 درجات مئوية خلال ساعات الليل".
وبلغ عدد المتضررين من زلزال الحوز نحو 2.8 مليون نسمة، ويعيش المئات منهم منذ 7 سبتمبر/أيلول 2023، محنة مضاعفة داخل خيام بلاستيكية أو حاويات تحولت إلى منازل مؤقتة، لكنها لا توفر لهم الوقاية من حرارة الصيف ولا من برد الشتاء.
وقررت السلطات المغربية في إطار برنامج الطوارئ، منح مساعدة مالية بقيمة 30 ألف درهم مغربي (3000 دولار) للفئات الأكثر تضرراً، و140 ألف درهم (13.500 دولار) تعويضاً عن المساكن التي انهارت بالكامل، و80 ألف درهم (7700 دولار) لتغطية أشغال إعادة تأهيل مساكن انهارت جزئياً، وفق إحصائيات رسمية.
كما أعلنت الحكومة إطلاق ورش لإعادة إعمار القرى التي دمرها الزلزال، بميزانية مقدارها 120 مليار درهم (11.7 مليار دولار) على مدى خمس سنوات، تستهدف 4.2 ملايين نسمة، وقررت فتح اعتمادات بقيمة 2.5 مليار درهم (نحو 250 مليون دولار)، من أجل المباشرة الفورية في مشاريع إعادة الإعمار العاجلة في مجالات التعليم، والصحة، والتجهيز، والثقافة، والسياحة، والفلاحة، والأوقاف.
في المقابل، يبدي الناشط المدني مولاي المهدي غرايبة، قلقه من الوضع الإنساني الراهن في المناطق المتضررة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، مشيراً إلى أن "الخيام البلاستيكية كانت بمثابة حل مؤقت لإيواء المتضررين في الأيام الأولى بعد الكارثة، لكنّها أصبحت أحد أكبر التحديات التي يواجهها المنكوبون، خصوصاً مع انخفاض درجات الحرارة وتساقط الأمطار على جبال الأطلس".
ويوضح غرايبة لـ"العربي الجديد"، أن "الخيام لا تستطيع تأمين الحماية الكافية من الطقس البارد، ولم تعد مناسبة لبقاء السكان، وتدني مستوى الدعم المقدم يزيد من معاناة الأسر ويهدد الصحة والسلامة. ينبغي العمل على توفير مساكن مؤقتة ملائمة، وإنهاء تباطؤ عملية إعادة بناء المنازل المهدمة حتى لا تتفاقم الأزمة الإنسانية".
يتابع: "يتعرض المواطنون الذين فقدوا منازلهم لظروف مناخية قاسية في غياب المأوى المناسب، والحكومة بحاجة إلى تسريع الجهود لتوفير بدائل ملائمة، أو أماكن إيواء تضمن حياة كريمة، وتحمي هؤلاء المنكوبين من عواقب فصل الشتاء، كما أن المساعدات يجب ألّا تقتصر على الدعم المالي، بل يجب أن تشمل الدعم النفسي والاجتماعي، إضافة إلى المساعدات الطارئة لأغراض التدفئة والملابس الشتوية. المسؤولية تقع على عاتق الجميع، بداية من الحكومة، إلى منظمات المجتمع المدني، لتسريع الاستجابة لمتطلبات المنكوبين وضمان عدم تعرضهم لمزيد من المعاناة".
من جهته، يقول المنسق الوطني للائتلاف المدني من أجل الجبل، محمد الديش، لـ"العربي الجديد"، إن "أغلب منكوبي زلزال الحوز ما زالوا يرزحون تحت وطأة ظروف قاسية داخل خيام بلاستيكية اهترأت بفعل عوامل الزمن والطبيعة، أو في حاويات تم تحويلها إلى منازل مؤقتة. وتيرة إعادة الإعمار في المناطق المتضررة بطيئة للغاية، ما يعمق معاناة المنكوبين ويفاقم عزلتهم، ورغم الآمال الكبيرة التي كانت معلقة على وكالة إعادة إعمار مناطق الزلزال، إلا أن انطلاق أشغالها لم يحقق بعد التغيير المأمول".
ويوضح الديش أن "رئيس الحكومة تحدث عن بناء 1000 مسكن فقط بعد مرور أكثر من سنة على الزلزال، في حين أن حصيلة المنازل المتضررة تقدر بنحو 50 ألف منزل. تأخر عملية إعادة البناء يوحي باستمرار الأزمة لسنوات. في ظل هذا الوضع، يتحتم العمل على إجراءات في ما يخص الإيواء المؤقت، بما يقي المتضررين من البرد والأمطار والثلوج، ومنذ الشتاء الماضي، تم تنبيه السلطات إلى ضرورة البحث عن سبل أخرى للإيواء، وتجنب الاعتماد على الخيام البلاستيكية والمنازل المؤقتة".
يضيف: استناداً إلى الوتيرة الحالية للإعمار، فإن غالبية المتضررين من الزلزال لن يعودوا إلى منازلهم إلا بعد خمس سنوات أو أكثر، بينما ينبغي تسريع وتيرة البناء، وتبسيط الإجراءات، مع تعزيز التنسيق بين الوزارات والهيئات المعنية لتجاوز الأزمة، وكذلك اتخاذ إجراءات تمكن سكان الأقاليم المتضررة من تجاوز الشتاء بسلام".
وكشفت اللجنة الوزارية المكلفة ببرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز، أن السلطات المحلية وافقت حتى الآن على 57.072 ترخيصاً لإعادة البناء، مشيرة إلى أن ورش بناء وتأهيل المنازل المتضررة متواصلة أو انتهت في ما يخص 35.214 مسكناً، بزيادة تقدر بـ 5000 مسكن خلال الشهرين الأخيرين.
وأفادت اللجنة في بيان أعقب اجتماع ترأسه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، في 2 ديسمبر/كانون الأول الحالي، أن 57.786 أسرة حصلت على الدعم البالغ 20 ألف درهم دفعةً أولى لإعادة بناء وتأهيل منازلها التي تضررت كلياً أو جزئياً. وبخصوص المساكن التي تقع في المناطق ذات تضاريس وعرة، أفادت اللجنة بتواصل تنفيذ حلول ميدانية لفائدة 4.016 مسكناً، وأن نحو 750 مسكناً في حاجة إلى أشغال كبرى للبناء والتأهيل، أو نقلها إلى موقع آخر.
وتابع البيان أنه يتواصل صرف المساعدات للأسر التي انهارت منازلها جزئياً أو كلياً، والتي جرى تمديدها خمسة أشهر إضافية، وبلغت القيمة الإجمالية للمساعدات منذ انطلاقتها ملياري درهم (نحو 200 مليون دولار) وتسلمت 35.983 أسرة الدفعة الثانية من المساعدات، كما تسلمت 25.754 أسرة الدفعة الثالثة، و12.664 أسرة تسلمت الدفعة الرابعة والأخيرة.