باكستان: معاناة من انقطاع غاز الطهو

19 يناير 2023
مشاكل الباكستانيين كبيرة من انقطاع غاز الطهو، ولا سيما في موسم البرد (حسين علي/ الأناضول)
+ الخط -

من المعروف أن المواطنين الباكستانيين يعتمدون منذ القدم في شكل شبه كلي على غاز الطهو الذي ينتج محلياً، ولا يكلف الكثير على صعيد الرسوم المالية مقارنة بالكهرباء أو شراء الغاز من السوق. وفي السنوات الماضية، كان غاز الطهو ينقطع لساعات محدودة، لكن الوضع يختلف الآن، حتى إنه بات لا يتوافر في الأصل لأيام عدة في بعض المناطق.

تقول عظمى خان التي تسكن في مدينة راولبندي المجاورة للعاصمة إسلام آباد لـ"العربي الجديد": "ليس انقطاع غاز الطهو الموضوع حالياً، لأنه غير متوافر في الأصل. في السابق، كنا نقول إن غاز الطهو ينقطع باعتباره كان موجوداً، أما اليوم فلا نستطيع الآن استخدام هذا القول، لأن الغاز يُفقَد لفترات طويلة. في السابق، كنا نرتب الأمور في شكل روتيني من خلال إعداد وجبات في الوقت المناسب، أما الآن، فلا نستطيع ذلك، وننتظر فعلياً ساعات طويلة كي يأتي الغاز لإعداد وجبات لأولادنا الذين يذهبون إلى المدارس، ويتوقعون عندما يعودون إعداد وجبة الطعام لهم، لكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك غالباً".
تضيف: "لا نستطيع أن نستخدم الكهرباء بدلاً من الغاز، لأن رسومها مرتفعة جداً، كذلك إن شراء الغاز من السوق أغلى، ومداخيل معظم الباكستانيين هشة وضعيفة، وبالتالي استخدام غاز الطهو بعد شرائه من السوق يفوق قدراتهم، وكذلك الحال في ما يتعلق بشراء الخشب واستخدامه في المنزل. وهذا ما يعيشه سكان المدن الرئيسية، فكيف الحال بالنسبة إلى أولئك الذين يعيشون في القرى والأرياف، علماً أن المشاكل كثيرة من انقطاع غاز الطهي، لا سيما في موسم البرد الشديد".

قضايا وناس
التحديثات الحية

في 15 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعلنت شركة الغاز الوطنية في بيان أنها تحاول توفير الغاز في وقت وجبات الطعام الثلاث، ما يعني انقطاعه في باقي فترات اليوم والليل، رغم أن المواطنين يعتمدون كثيراً عليه من أجل الحصول على التدفئة أيضاً. 
واعتبر بعض المواطنين أن عدم توفير الغاز، حتى في وقت إعداد وجبات الطعام، يضاعف معاناتهم، سواء كانوا من سكان القرى والأرياف حيث الوضع أسوأ بالتأكيد، أو من سكان المدن الرئيسية.

الصورة
تحاول شركة الغاز الوطنية توفير الغاز في وقت وجبات الطعام الثلاث (فاروق نعيم/ فرانس برس)
تحاول شركة الغاز الوطنية توفير الغاز في وقت وجبات الطعام الثلاث (فاروق نعيم/ فرانس برس)

الحكومة المقصرة
يعلّق الإعلامي أسلم كوكهر على دور الحكومة في موضوع توفير غاز الطهو، بالقول لـ"العربي الجديد": "واضح أن الحكومة مقصرة للغاية وفاشلة في التعامل مع جميع الملفات الاجتماعية والمعيشية، وخصوصاً على صعيد توفير الطاقة والاحتياجات الحياتية للمواطنين الذين أرهقتهم قضايا أخرى، مثل الفقر والبطالة وغيرهما. كان يفترض أن تدرك الحكومة أن المخزون الذي تملكه لغاز الطهو لا يكفي احتياجات المواطنين الذين يعتمدون في الأساس على الغاز في الطبخ والتدفئة. وفيما نعيش في موسم برد قارس خلال الشتاء، انشغلت الحكومة السابقة برئاسة عمران خان، أو تلك الحالية، بشؤون التجاذبات السياسية والصراعات الداخلية بين الأحزاب السياسية".
يضيف: "هناك مشاكل في تقسيم الغاز بين الأقاليم، وافتقاد التخطيط على المدى البعيد، فيما كان يجب أن تخطط الحكومة للسنوات العشر المقبلة من خلال العمل لتطوير المخزون والإمدادات، أو توفير بدائل. والمشكلة الرئيسية ليست فقط استخدام المواطنين الغاز بكثرة، كما تزعم الحكومة، وهو ما نعترف بحصوله، لكن الغاز لا يتوافر دائماً، لا في الصيف ولا في الشتاء. من هنا، يمكن القول إن جزءاً من اللوم يقع على المواطنين وأساليب استخدامهم للغاز، لكن اللوم الأكبر والأساسي يبقى على الحكومة التي تفتقر إلى إدارة مناسبة، والتخطيط على المدى البعيد.

"لا طائل من الوعود"
من جهته، يقول المواطن محمد شريف لـ"العربي الجديد": "بدأ انقطاع الغاز للمرة الأولى عام 2008، لكنه حصل لأيام محدودة، خاصة الأيام الثلاثة من الأسبوع حين كانت الحكومة توفر الغاز للمحطات كي تستخدمه السيارات. وكان يمكن أن يتحمل الناس التدابير، لأن الانقطاع كان يحصل لساعات محددة، واستمر ذلك سنتين، ثم بدأت الأمور تتدهور بنحو كبير، وبدأ الناس يطالبون الحكومة عبر تظاهرات في مدن مختلفة بتوفير الغاز، وهي تعدنا بأنها تعمل بشكل متواصل لحل القضية، لكن لا طائل من الوعود".
وبين الأسباب الأخرى لانقطاع غاز الطهو في باكستان، يوضح المدير في إدارة الغاز الوطنية بإسلام آباد، المهندس عرفان خان لـ"العربي الجديد" أن "المشكلة الأساسية تتمثل بتردي الوضع الأمني الذي أثّر بجميع القطاعات الاقتصادية والمعيشية، وباكستان تملك مخزوناً كبيراً، لكن انعدام الأمن والأعمال الإرهابية يمنعان التطوير".  

المساهمون