أهالٍ ومتخصصون يصفون أحكام متظاهري "حق العودة" في مصر بـ"الصادمة"

15 ديسمبر 2024
خسر آلاف الأهالي منازلهم في سيناء خلال حملة الجيش المصري على الإرهاب (أرشيف/ الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- أصدرت المحكمة العسكرية المصرية أحكامًا بالسجن من ثلاث إلى عشر سنوات على متظاهري "حق العودة"، بينهم شخصيات بارزة، لمشاركتهم في مظاهرات للمطالبة بالعودة إلى مساكنهم في رفح والشيخ زويد.
- انتقدت مصادر قريبة من المتهمين عدم تدخل مشايخ سيناء ونوابها، مشيرة إلى أن المتهمين لم يرتكبوا جرائم تستحق المحاكمة العسكرية، وأنهم اعتقلوا رغم وعود الجيش بعدم التعرض لهم.
- طالبت صفحة "الموقف المصري" بإلغاء الأحكام والتوصل إلى حلول منصفة، مشيرة إلى أن الأحكام تكشف عن مظالم قبلية وتقصير تنموي، داعية لحماية حقوق وكرامة المصريين.

وصف باحثون وعدد من الأهالي الأحكام الصادرة عن المحكمة العسكرية المصرية، في الإسماعيلية، والخاصة بتظاهرات "حق العودة" بـ"الصادمة"، حيث طالب المتهمون خلال مشاركتهم في المظاهرات بالعودة إلى مساكنهم في رفح والشيخ زويد بعد أن هجرتهم السلطات المصرية قسرياً منها منذ عام 2014.

وقضت المحكمة، أمس السبت، في القضية العسكرية رقم 80 لسنة 2023 بالسجن لمدة سبع سنوات على الشيخ صابر الصياح، أحد أبرز رموز سيناء وقبيلة الرميلات، إلى جانب 11 آخرين، كذلك حكمت بالسجن ثلاث سنوات على 42 شخصاً آخرين، وأيضاً حكمت غيابياً بالسجن عشر سنوات على ثمانية آخرين، بينهم صحافيون بارزون.

وانتقد مصدر على صلة قرابة بأحد المتهمين عدم تدخل مشايخ سيناء ونوابها لصالح المعتقلين، الذين لم يقدموا أي مطالبات بالإفراج عنهم، في ظل انتمائهم إلى قبيلة الرميلات التي ليست لديها علاقات واسعة لدى قوات الجيش والشرطة على عكس قبيلتي السواركة والترابين اللتين يقودهما رجل الأعمال المصري إبراهيم العرجاني. مضيفاً لـ"العربي الجديد" أن "كل المتهمين زوراً وبهتاناً لم يرتكبوا أي جريمة تستحق الإحالة على المحاكم العسكرية، بل فوجئوا باعتقالهم وتحويلهم للمحاكمة بعد وعود ميدانية قدمت إليهم من قيادات في الجيش والمخابرات الحربية بعدم التعرض لكل المشاركين في هذه المسيرات"، موضحاً أن "ما حصل على أرض الواقع كان مخالفاً لهذه الوعود، فيما لم يتدخل أي شخص لحل هذه الأزمة، ولا سيما مشايخ القبائل الذين تخلوا عن هؤلاء المواطنين وتركوهم في السجون والمحاكمات العسكرية ولمصيرهم المجهول. رغم أن مشايخ القبائل كانوا شهوداً على اللقاءات التي عقدت بين المطالبين بالعودة إلى رفح وبين قوات الجيش والمخابرات".

أحكام صادمة بحق متظاهري حق العودة

صفحة "الموقف المصري" على الفيسبوك التي يشرف عليها عدد من الباحثين والخبراء المصريين، تساءلت: "لماذا نهدد أمننا بأنفسنا وعلى حساب أهلنا؟"، واصفة الأحكام الصادرة بحق متظاهري حق العودة بـ "الصادمة جداً، لأنها تأتي بعد أكثر من عشرة أعوام وربما عشرين عاماً من الحرب على الإرهاب في سيناء، تكشف فيها بوضوح أن مظالم قبلية وتقصيراً تنموياً كان له أثر خطير على خلق بيئة متحفزة ضد الدولة في سيناء".
وتابعت الصفحة: "النظام نفسه عملياً اعترف بخلق بيئة متحفزة ضد الدولة في سيناء، بأن احتضن النظام رجل الأعمال إبراهيم العرجاني وصديقه سالم اللافي وتحالف معهما في الحرب على الإرهاب، بعدما كانا ملاحَقين من قبل الشرطة المصرية نفسها. ثم يأتي القضاء العسكري ويسجن أكثر من 50 شخصاً من أبناء قبائل بعينها، رغم أن القضاء العسكري نفسه لم يتهمهم بممارسة عنف أو حمل سلاح، بل إن كل جرمهم تنظيم مظاهرات واعتصام سلمي ومسيرة نحو قراهم".
ورأت الصفحة أنه بدلاً من أن ينصف القضاء العسكري هؤلاء الناس، وبدلاً من عدم تكرار الجهات السيادية ورئاسة الجمهورية الأخطاء، يكون الرد بهذا العنف، الذي ينتج منه "زراعة أحقاد ومظالم وثارات جديدة، وأطفال وشباب وأهالٍ يرون أن أقرباءهم سُجنوا على يد الجيش المصري ظلماً، لا لشيء إلا لمطالبتهم بالعودة إلى بيوتهم".
وطالبت الصفحة أعلى سلطة في الدولة بإلغاء الأحكام الجائرة على متظاهري حق العودة، والتوصل إلى حلول منصفة مع أهالي سيناء في أقرب وقت، لحماية حقوق المصريين أولاً وكرامتهم، وثانياً لحماية الأمن القومي بوجود أهل سيناء في بيوتهم على كل شبر في مصر، في تأمين حقيقي من أي عدو متربص بمصر. 

يذكر أن قرارات الإخلاء التي رفضها الأهالي بدأت بعد صدور قرار رئيس الوزراء المصري الأسبق، إبراهيم محلب في 2014 بإنشاء منطقة عازلة على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، ثم تلا ذلك حملة تهجير جديدة في 2018، ثم صدر قرار رئاسي في 2021 بضم 2600 كيلومتر مربع من الأراضي في سيناء للمناطق الحدودية المحظورة، ما يعني إن مصير سكان تلك المناطق يصبح مرهوناً بتصريح من القوات المسلحة.
وبعد إعلان الدولة انتهاء الحرب على الإرهاب في سيناء، طالبت القبائل بالعودة إلى قراها وفقاً لوعود سابقة تلقوها من المسؤولين بإعادتهم إلى قراهم فور انتهاء الحرب، لكنهم فوجئوا بأن المؤسسة العسكرية تقوم بمعاينات في اتجاه إقامة مشاريع زراعية على أراضي تلك القرى.
وبعد الاعتصام الذي نظمه أبناء الرميلات، تلقوا وعداً من مسؤولين في جهات سيادية بينهم مسؤولون في رئاسة الجمهورية بالعودة إلى بيوتهم في العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول 2023، لكن لم يُوفَ بهذا الوعد، الذي تحول فيما بعد إلى حملة انتقامية ضد المعتصمين من أبناء القبائل استمرت منذ شهر أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي، وتكللت في شهر ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، بالقبض على الشيخ صابر الصياح، الذي تزعم تلك المظاهرات، وبه بدأت القضية 80 لسنة 2023 قضاء عسكري، التي انتهت بتلك الأحكام الصادمة، حسب وصف منظمات حقوقية.