انقطاع الكهرباء يزعج الباكستانيين... جهود الحكومة فاشلة

05 يونيو 2024
تظاهرة في كراتشي ضد ارتفاع كلفة فواتير الكهرباء (رضوان تبسم/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- باكستان تعاني من أزمة طاقة مستمرة لعقدين، بسبب فشل الحكومات المتعاقبة في إيجاد حلول جذرية، والأحزاب السياسية تعد بالحلول خلال الحملات الانتخابية لكن تلقي باللوم على السابقين عند الحكم.
- المواطنون يواجهون صعوبات بالغة بسبب انقطاع التيار الكهربائي، مما يؤدي إلى تظاهرات واسعة النطاق في المدن الكبرى مثل كراتشي، احتجاجًا على الانقطاع المستمر والفساد الحكومي.
- التظاهرات تؤثر على الحياة اليومية وتحول بعضها إلى أعمال شغب، خاصة في المناطق الريفية. الحكومة تلقي باللوم على سرقة الكهرباء، بينما يرى الناشطون أن الفشل الحكومي هو السبب الرئيسي للأزمة.

لا تزال أزمة الطاقة الكهربائية من أهم مشكلات باكستان، وفشلت الحكومات المتعاقبة خلال العقدين الماضيين في إيجاد حلول، إذ تروج الأحزاب السياسية خلال حملاتها الانتخابية أنها ستقوم بحل الأزمة، لكنها عندما تصل إلى الحكم تكتفي باتهام الحكومات السابقة بالفشل، وتقول إن الأمور خارج سيطرتها، وهذا ما تفعله حكومة رئيس الوزراء الحالي شهباز شريف.
وقال مكتب رئيس الوزراء، في بيان، إن الحكومة تبذل قصارى جهدها من أجل إنهاء أزمة الكهرباء، وإن لديها خطة مكونة من عدة مراحل، موضحة أن رئيس الوزراء في تواصل دائم مع مسؤولي إدارة الكهرباء الوطنية ووزارة الطاقة. 
لكن المواطنين يرون أن الأوضاع لا يمكن تحملها، وأن الحياة غير ممكنة في ظل الحر الشديد وعدم توفر الكهرباء. يقول محمد رضوان، من مدينة كراتشي، لـ"العربي الجديد"، بعد أن شارك في تظاهرة كبيرة شهدتها المدينة احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 16 ساعة: "الحياة غير ممكنة في ظل هذه الظروف. نبذل قصارى جهدنا لمواصلة الحياة، لكن كيف يعيش الأطفال والنساء داخل المنازل وهم يحترقون من شدة الحر مع عدم وجود الكهرباء".
يضيف رضوان: "زوجتي عندها التهاب في المعدة، ولا تستطيع أن تطيق هذا الحر، ولا سيما أنها تأخذ أنواعاً مختلفة من الأدوية والمضادات الحيوية، وأولادي يعانون شدة الحر، والحكومة غارقة في الفساد والتجاذبات السياسية، وهمّها الأول والأخير هو البقاء في السلطة، وليس توفير الخدمات للمواطن، من هنا ينفد صبرنا، ولا يبقى أمامنا سوى الخروج إلى الشارع، وإذا استمر هذا الحال فسنخرج الأطفال والنساء معنا إلى الشارع، ونغلق جميع الطرق، ونشل أعمال الحكومة".
ويقول محمد صارم، من مدينة كراتشي لـ"العربي الجديد": "الحكومة لا تهمها حياة المواطنين، فتارة تنقطع الكهرباء لساعات باسم نقص الطاقة، وأحياناً لا تنقطع ليومين بذريعة الإصلاح والترميم، وما يضاعف معاناة المواطنين أنه مع انقطاع التيار الكهربائي تنقطع المياه أيضاً، وتحدثنا مع المسؤولين مراراً، لكنهم عاجزون عن فعل أي شيء، وعندما نتضايق في المنازل نخرج إلى الشوارع، وخروجنا إلى الشارع يسبب مشكلات للمواطنين الآخرين".

الصورة
محتجون على انقطاع الكهرباء في كويته (باناراس خان/فرانس برس)
محتجون على انقطاع الكهرباء في كويته (باناراس خان/فرانس برس)

يضيف: "مع تزايد التظاهرات تتعثر حركة المرور، وتعجز الشرطة عن التصدي للمتظاهرين بسبب كثرة أعدادهم، وبسبب غضبهم أيضاً. الشرطة جزء من الشعب، وهم يعانون ما نعانيه؛ ومن ثم تمتلئ الشوارع بالمتظاهرين بينما الشرطة تتفرج، فهي تعي أن الحكومة لا تفعل شيئاً؛ وأنه لا بد من ممارسة الضغط عليها".
وبينما تكون غالبية التظاهرات سلمية، خصوصاً في المدن الرئيسية مثل كراتشي ولاهور وبشاور وكويته، تخرج أحياناً عن السيطرة في القرى والأرياف، حيث رقابة الحكومة ضعيفة، ولا يمكن لها متابعة الضالعين في أعمال التخريب بسبب عدم وجود كاميرات مراقبة، لذا يقوم مواطنون خلال التظاهرات بأعمال شغب، وأحياناً تدمير المكاتب الحكومية، خاصة تلك التابعة لإدارة الكهرباء والماء.
حدث هذا في 29 مايو/أيار الماضي، في مقاطعة خيبر القبلية (شمال غرب)، فقد خرج مئات من المواطنين في تظاهرة كبيرة في منطقة جمرود، وهي إحدى مناطق المقاطعة الرئيسية، وبعد أن كانوا يمشون في الطرقات رافعين لافتات منددة ويهتفون ضد الحكومة ويتهمونها بالفشل، قام عدد من الشبان بالاعتداء على محولات الكهرباء والأعمدة، والتي قالوا إنه لا فائدة من وجودها طالما أن الكهرباء غير موجودة.

وبينما اتهم المتظاهرون، وكذا حكومة إقليم خيبر بختونخوا المحلية الحكومة المركزية بالمسؤولية، وبأنها لا تتيح القدر الكافي من الكهرباء للإقليم، تقول الحكومة المركزية إن سرقة الكهرباء من أهم أسباب نقص الطاقة. وقال وزير الداخلية، محسن نقوي، في مؤتمر صحافي في 27 مايو، إن "أحد أسباب نقص الكهرباء هو السرقة التي تحدث في المناطق النائية، خاصة في الشمال الغربي والجنوب".
ويقول الناشط الباكستاني حميد الله مروت، وهو من سكان شمال غربي باكستان، لـ"العربي الجديد"، إن ما قاله وزير الداخلية صحيح إلى حد ما، لكن الأزمة سببها الرئيسي هو فشل الحكومات المتعاقبة، والتي ينبغي لها التصدي لجرائم سرقة الكهرباء، وما دام أن لديها القوة والسلطة، لا يمكنها أن تحمل المواطنين المسؤولية، وتجعلهم يدفعون الثمن.

المساهمون