اليمن: هيئات الإغاثة تسعى إلى إطعام ملايين الجياع في هدنة رمضان

22 ابريل 2022
مساعدات المنظمات هي سند اليمنيين الوحيد (محمد حويس/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أتاح وقف إطلاق النار لمدّة شهرَين فرصة أمام منظمات الإغاثة لتكثيف تقديم مساعداتها لملايين الجياع في اليمن، لكنّه من المتوقّع أن يتفاقم سوء التغذية الذي يعاني منه الأطفال في حال استئناف القتال أو عدم انتظام تمويل المساعدات الإنسانية.

تقول مديرة شؤون اليمن في المجلس النرويجي للاجئين، إيرين هتشينسون، إنّ "الفوائد المترتّبة على الهدنة في أسابيعها الأولى كبيرة بالفعل". فقد تمكّنت المجموعة من تقديم مساعدات لـ 12 ألف شخص في إحدى مناطق محافظة حجة (شمال غرب) التي لم يصل إليها أحد منذ أكثر من ثلاثة أعوام.

وقد دمّر الصراع المستمر منذ أكثر من سبعة أعوام اقتصاد اليمن وشرّد الملايين وجعل أسعار المواد الغذائية بعيدة عن متناول كثيرين. كذلك تتزايد الضغوط بفعل ارتفاع أسعار الحبوب والسلع العالمية، لا سيّما نتيجة الأزمة الوبائية وحرب أوكرانيا. وبحسب المدير القُطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن، ريتشارد راغان، الذي يحاول برنامجه الأأممي إطعام نصف سكان اليمن البالغ عددهم 30 مليون نسمة في أحد أكبر برامجه على الإطلاق، فإنّ "عشرات الملايين في اليمن يعيشون على حدّ الكفاف".

جياد جلال طفل يمني يبلغ من العمر عاماً واحداً، يعاني من هزال ونقص في النموّ نتيجة سوء التغذية الحاد. وتبدو على جلده علامات التجفاف، في حين تنتؤ جمجمته وعظام أطرافه من شدّة النحول. ويعيش جياد مع عائلته في مخيّم "الخديش" المؤقت للنازحين بمحافظة حجة، إحدى أفقر مناطق اليمن. وهو واحد من 2.2 مليون طفل دون الخامسة، من بينهم 538 ألفاً يعانون من سوء التغذية الحاد، والذين قدّرت الأمم المتحدة، قبل وقف إطلاق النار الأخير، أنّ حالتهم سوف تتدهور إلى سوء التغذية حرج هذا العام.

خبر زهرة أحمد، جدّة جياد، وكالة "رويترز": "نأكل فقط ما يمكننا الحصول عليه من وكالات الإغاثة. قمح وفاصولياء وأغذية مماثلة. وإذا لم نتلقّ الطعام، فإنّنا نأكل في بعض الأيام ونجوع في أيام أخرى". تضيف: "نحن محاصرون بين الجوع والتعب. انظروا إلى الأطفال"، وهي تشير إلى جياد الصغير الذي يعجزون عن تحمّل تكاليف نقله إلى العاصمة صنعاء لتلقي العلاج.

وقد أظهرت بيانات الأمم المتحدة في شهر مارس/ آذار الماضي، أنّ مشكلتَي الجوع وسوء التغذية تفاقمتا هذا العام، متوقّعة أن تصل أعداد اليمنيين غير القادرين على تأمين الحدّ الأدنى من الغذاء إلى مستوى مرتفع جديد يبلغ 19 مليوناً ما بين يونيو/ حزيران وديسمبر/ كانون الأوّل 2022، علماً أنّه يسجّل حالياً 17.4 مليوناً. ووفقاً لتحليل برنامج "التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي" التابع للأمم المتحدة، فإنّ عدد الذين يواجهون ظروفاً شبيهة بالمجاعة قد يرتفع من 31 ألفاً إلى 161 ألف شخص.

وفي المهرة، شرقي اليمن، راحت نساء في مخيّم للنازحين يشعلنَ النار في الهواء الطلق، ويقلينَ كرات العجين كي يمضغها الأطفال، فيما يضعنَ الخبز في أفران الطين الساخنة. فاطمة قايد واحدة من هؤلاء، وهي أمّ لعشرة أطفال، تقول لوكالة "رويترز": "نحن الكبار علينا التحلّي بالصبر وتحمّل الجوع لإطعام الأطفال. لو تعلمون كم أنا متعبة لأنّني لا أطعم إلا أطفالي". وتشير إلى أنّهم لا يتلقّون مساعدات إلا مرّة واحدة في العام، في خلال شهر رمضان، ويشترون الطعام عن طريق جمع العبوات البلاستيكية وبيعها، أمّا اللحوم فمن النادر الحصول عليها.

من جهتها، تطعم سهام عبد الحكيم، وهي أمّ لأربعة أطفال، صغارها سكّراً مُذاباً في الماء، لأنّها عاجزة عن الحصول على حليب. وتقول: "عندما أكون حاملاً، لا أتناول الطعام تقريباً... فقط شاياً وخبزاً".

وفي تصريح له قبل أيام، قال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحد إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إنّ الهدنة التي تستمرّ شهرَين والتي بدأت في الثاني من إبريل/ نيسان الجاري بالتزامن مع بداية شهر رمضان، "صامدة إلى حدّ بعيد" مع "انخفاض كبير في العنف وتراجع سقوط الضحايا المدنيين".

وتشمل الهدنة، وهي أوّل وقف للعمليات القتالية على مستوى البلاد منذ عام 2016، تعليقاً للعمليات العسكرية الهجومية والسماح باستيراد الوقود إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون وانطلاق عدد من الرحلات الجوية التجارية من صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون. وفي هذا الإطار، أفادت الخطوط الجوية اليمنية، هذا الأسبوع، بأنّها سوف تبدأ بتسيير رحلات ذهاباً وإياباً ما بين صنعاء والعاصمة الأردنية عمّان ابتداءً من بعد غد الأحد. فالتحالف العسكري بقيادة السعودية يسيطر منذ مارس/ آذار 2015 على المجالَين البحري والجوي لليمن.

ولفت راغان إلى أنّ وقف إطلاق النار في خلال هذه الهدنة، سمح لبرنامج الأغذية العالمي وللشركاء التجاريين بزيادة عمليات الطحن والتوزيع. أضاف أنّ عمليات البرنامج متأخّرة عن الجدول الموضوع لها، لمدّة تتراوح ما بين 60 و75 يوماً، بسبب التصعيد السابق في القتال.

تجدر الإشارة إلى أنّه في حال لم يسمح السلام بإعادة بناء الاقتصاد اليمني، فإنّ 80 في المائة من اليمنيين على أقلّ تقدير سوف يستمرّون في اعتمادهم على المساعدات الإنسانية. وفي مارس/ آذار الماضي، تلقّت الأمم المتحدة 1.3 مليار دولار أميركي فقط لمساعداتها الخاصة بعام 2022، أي أقلّ بكثير من المبلغ المنتظر المحدّدة قيمته بـ4.27 مليارات دولار. ومنذ ذلك الحين، جاءت تعهّدات إضافية من الاتحاد الأوروبي والسعودية والإمارات، غير أنّ التمويل ما زال غير مستقرّ. يُذكر أنّ برنامج الأغذية العالمي خفّض منذ يناير/ كانون الثاني الماضي الحصص الغذائية لثمانية ملايين شخص من أصل 13 مليون شخص يؤمّن لهم الطعام شهرياً، بسبب نقص التمويل.

(رويترز)

المساهمون