كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق، الخميس، عن تسجيل أكثر من 467 ألف عائلة تعيلها النساء في البلاد، مؤكدة إعدادها خطة لتمكين النساء المستفيدات من إعانات الحماية ومساعدتهن على تحسين أوضاعهن الاقتصادية.
وعلى الرغم من أن المجتمع العراقي يفرض قيوداً كثيرة على النساء لأسباب عدة، بينها الأمن غير المستقر، والعادات والتقاليد الاجتماعية، إلا أن البلاد في السنوات الأخيرة شهدت انتشاراً كبيراً لظاهرة عمالة النساء بالقطاعين العام والخاص، بسبب الظروف التي تعيشها البلاد من عدم استقرار وغلاء فاحش.
ووفقاً لوكيل الوزارة للشؤون الإدارية والقانونية علاء السكيني، فإنّ "استهداف الأسر الفقيرة والمناطق الأشد فقراً يعدّ من أولويات عمل الوزارة، إلى جانب التأكيد على الأسر التي تعيلها النساء بغية شمولهنَّ بالخدمات المقدمة من الوزارة"، مبينا في تصريح لصحيفة الصباح الرسمية، اليوم الخميس، أن "الوزارة وضعت خطة تتمثل في تشكيل فريق عمل لحث المستفيدات من الإعانات الاجتماعية على الدخول في دورات لتمكينهن والنهوض بواقعهن الاقتصادي، وبالتالي الارتقاء إلى مصاف المجتمعات المتقدمة تحت مظلة القانون".
وأكد أن "عدد العائلات التي تعيلها النساء والمسجلة لدى الوزارة تجاوز 467 ألف أسرة في بغداد والمحافظات، إضافة إلى آلاف الأسر قيد الشمول والتي رصدت من خلال فرق البحث الميداني"، مبينا أن "الوزارة تنظم بشكل دائم دورات تدريبية للنساء والخريجات غير المستفيدات من الإعانات الاجتماعية بمختلف المهارات والمهن التي تحتاج إليها سوق العمل، وبما يتناسب مع إمكانياتهن وتحصيلهن الدراسي، وتحاول أيضاً إيجاد فرص عمل حقيقية لهن بالتنسيق مع القطاعين العام والخاص".
وأشار إلى أن "الوزارة تعمل على تحسين الأداء والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين والمستفيدات، من خلال معالجات واقعية للمشكلات والمعوقات التي تواجههم، ليتم بعد ذلك تحقيق الغاية عبر تقديم الخدمات الفعلية لجميع الفئات المستهدفة، لا سيما النساء والأطفال، كونهما الفئتين الأكثر هشاشة في المجتمع".
من جهتها، أكدت الناشطة في مجال حقوق المرأة منال التميمي أن "الرقم الذي تتحدث عنه الوزارة لا يمثل إحصائية شاملة لكل النساء العاملات في البلاد"، مبينة في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "الظروف السياسية التي عاشتها البلاد، وما نتج عنها من أزمة نزوح آلاف العوائل، وارتفاع نسبة الفقر والبطالة، والظروف الأمنية، وفقد الكثير من الأسر لمعيلها، وغير ذلك من ظروف أجبرت المرأة على العمل لتوفير لقمة العيش لعائلتها".
وأضافت: "هذه الظروف غير صحية، وتجبر المرأة على القبول بأي عمل كان، مع وجود أنواع الاستغلال لها من قبل أرباب العمل، وعدم إعطائها استحقاقها المادي كاملا، مع تحملها أعباء أعمال لا تقوى عليها جسديا"، مشددة على أن "الحكومة مقصرة بدعم النساء وتوفير حياة كريمة لهن، إلى جانب حصولهن على فرص عمل مناسبة، وبالحديث عن حصولهن على رواتب الإعانة الاجتماعية، فإن الآلاف منهن لم يحصلن عليها، فضلا عن أن تلك الإعانات لا قيمة لها أمام موجة الغلاء التي تعيشها البلاد".
ودعت إلى "التأسيس لقاعدة بيانات للمطلقات والأرامل في البلاد، ممن ليست لديهن رواتب تقاعدية، وأن تكون هناك خطط جدية لدعمهن ماديا مع توفير فرص عمل مناسبة لهن".
العراقية مها الجبوري، ذات الـ34 عاما، كشفت تفاصيل تجربتها في سوق العمل. إذ أكدت أن مقتل زوجها قبل عدة سنوات أجبرها على العمل لإعالة أطفالها، وقالت لـ"العربي الجديد": "قتل زوجي بعملية اغتيال لا نعرف أسبابها، وترك لي 3 أطفال، وليس لدينا أي راتب يعيننا"، مبينة أنها اضطرت للعمل كمدبرة منزل مقابل 300 دولار فقط، "ودوام عملي يزيد عن 12 ساعة يوميا".
ومضت قائلة: "أواجه استغلالاً بشعاً بالعمل، حتى أني أحمل الأشياء الثقيلة داخل المنزل وأنقلها"، مؤكدة أن "الراتب لا يكفيني لإعالة أطفالي، كما أني لم أحصل على أي راتب من الحكومة أو مساعدة".