الملك تشارلز الثالث.. البيئة قضيته

11 سبتمبر 2022
في مؤتمر "كوب 26" للتغيّر المناخي عندما كان لا يزال أمير ويلز (كريس جاكسون/فرانس برس)
+ الخط -

يبدو واضحاً أنّ ملك بريطانيا الجديد تشارلز الثالث رجل مدافع عن البيئة بقناعة ثابتة، وينشط منذ فترة طويلة من أجل حماية الطبيعة، ويدافع عن زراعة حيوية ومكافحة تغيّر المناخ، علماً أنّ في إمكان هذا الالتزام أن يجذب الشباب البريطاني.

وبين صورتَين للقاءات رسمية منشورتَين على حساباته الخاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، بصفته أمير ويلز، تكثر اللقطات التي يظهر فيها وهو بين أشجار الأيك الساحلية (مانغروف) المهدّدة بالانقراض في جزر سانت فنسنت وغرينادين، أو وهو يزرع شجرة في يوم البيئة العالمي أو يعرض فاكهة وخضروات عضوية في منزله "كلارنس هاوس" أو يبرز الزهور الملوّنة في حديقته العزيزة على قلبه في هايغروف غربي بريطانيا.

وفي مؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (كوب 26) الذي عُقد في غلاسكو باسكتلندا في عام 2021، كان أمير ويلز (حينها) من ألقى الخطاب الافتتاحي الذي دعا فيه رؤساء الدول والحكومات الجالسين أمامه إلى مضاعفة الجهود لمكافحة الاحترار المناخي لأنّ "الوقت انتهى"، لافتاً بذلك إلى أنّ لا مجال للمماطلة أكثر.

ملتزم منذ 1970

أوضح مدير السياسة والتواصل في معهد "غرانثام" لأبحاث تغير المناخ والبيئة بوب وارد، أنّ الملك الجديد البالغ من العمر 73 عاماً، ومنذ أوّل خطاب عام له في الشأن المناخي في عام 1970، "يساهم في التوعية بكلّ الجوانب المتعلقة بالبيئة منذ فترة طويلة جداً". وأضاف وارد، أنّه "في جوانب عديدة، كان (الملك الجديد) متقدّماً على الجمهور والسياسات" حول قضايا المناخ، مشيراً إلى أنّه "لا يهتم بتحديد المشكلات فقط بل بكيفية إيجاد حلول" لها.

في مزرعته "هايغروف" في غلوسترشير غربي إنكلترا، أقام تشارلز الثالث حديقة مفتوحة للجمهور ومزرعة مخصّصة بأكملها للزراعات العضوية. وهذا التغيير أثار شكوك بعض المزارعين المجاورين، لكنّه تحوّل مع الوقت إلى عمل ناجح حتى أنّ منتجاته تُباع تحت اسم "داتشي أوريجينالز"، في سلسلة متاجر "ويتروز" الراقية.

وفي إطار حرصه على أسلوب حياة "أكثر استدامة"، بدأ مذ كان أمير ويلز، حملة لجعل ممتلكاته الملكية خضراء عبر "خفض استخدام الوقود الأحفوري واستبدالها بالطاقات المتجددة" بنسبة 90%، بحسب ما يبيّن الموقع الرسمي المخصّص لنشاطه السابق.

ومنذ أعوام، ينشر تشارلز الثالث حصيلة انبعاثات الكربون التي يتسبّب هو فيها سنوياً، بما في ذلك رحلاته غير الرسمية. وقد بلغت 445 طناً ما بين مارس/ آذار 2021 والشهر نفسه من عام 2022. كذلك أدخل تعديلات على سيارته وهي من طراز "أستون مارتن" ويملكها منذ أكثر من خمسين عاماً، لتعمل على فائض النبيذ الأبيض الإنكليزي ومصل الألبان الناتج من عملية صنع الأجبان. وتعمل سيارته بمزيج يتألف في 85% من الإيثانول الحيوي و15% من الوقود الخالي من الرصاص.

ويترأس تشارلز الثالث المنظمة البيئية غير الحكومية "وورلد وايلدلايف فاند" (الصندوق العالمي للحياة البرية) في المملكة المتحدة منذ عام 2011. وكما والده الأمير فيليب قبله، كذلك هو يرعى عدداً من المنظمات مثل "سرفرز أغينست سيويج"، التي تعمل في مجال الصرف الصحي، ويضاعف الخطب والمقالات للتحذير من زوال التنوّع البيولوجي، مثلما فعل في مقال رأي نُشر في مجلة "نيوزويك" الأميركية في إبريل/نيسان الماضي.

"أهمّ من السياسة"

وقد واجهت مواقفه في بعض الأحيان انتقادات وعُدَّت مخالفة للتحفّظ السياسي المطلوب من أفراد العائلة الملكية. بالنسبة إلى وارد فإنّ تشارلز "كان يدرك دائماً أهمية منصبه كوليّ للعهد.. وسوف يكون بالتأكيد بالدرجة نفسها من الانتباه كرئيس دولة. وسوف يتعيّن عليه توخّي الحذر حتى لا يُعَدّ أنّه يعمل بهدف ممارسة ضغط على الحكومة". أضاف: "لكنّني لا أظنّ أنّه سوف يتوقّف عن التحدّث بالكامل" عن هذه المواضيع.

وفي سياق متصل، قالت روبي رايت (42 عاماً)، وهي رسّامة كانت أمام قصر باكنغهام غداة وفاة الملكة إليزابيث الثانية: "يجب عليه أن يضغط فعلاً في مجال البيئة وجعل هذه القضية إرثه.. هذا أهمّ من السياسة.. هذا يتعلق بمستقبل البشرية".

أمّا المصممة لورا بيرن (30 عاماً)، فقد رأت أنّ التزامه "أمر مهم لجيلي". وأضافت: "وجدت أنّه أمر جيّد جداً أن يتحدّث عن ذلك في يوبيل الملكة" في يونيو/حزيران الماضي الذي نُظم في الذكرى السبعين لاعتلائها العرش. والآن بعدما اعتلى العرش خلفاً لوالدته، لن يكون تشارلز الثالث قادراً بالتأكيد على تخصيص الكثير من الوقت لشغفه بالبستنة والزراعة، هو الذي اعترف في مقابلة في عام 1986 بأنّه يتحدّث إلى النباتات، الأمر الذي أثار موجة سخرية.

وتجدر الإشارة إلى أنّ نجله وليام الذي أصبح الآن أمير ويلز، يشارك والده التزامه هذا. وقد أطلق في العام الماضي جائزة "إيرث-شوت" التي تكافئ المشاريع التي تقدّم حلولاً لأزمة المناخ.

(فرانس برس)

المساهمون