استمع إلى الملخص
- في عام 1993، نقل حافظ الأسد مبنى الإذاعة والتلفزيون إلى الساحة لحماية نظامه، ومنذ 2011 تم تعزيز حراسة المبنى بأوامر بإطلاق النار، رغم وقوع حوادث أمنية.
- في 8 ديسمبر، سيطرت المعارضة على مبنى الإذاعة والتلفزيون، مما أدى إلى سقوط النظام، وتحولت الساحة إلى مكان للاحتفال بتحرير سوريا.
"الملقى في الأمويين" جملة ترددت خلال آخر يومين من عمر نظام الأسد الذي استخدم منذ عام 2011 كل أنواع العنف لمنع وصول تظاهرات الثورة إلى الساحات الكبرى، وتعمّد جعل "ساحة الأمويين" مكاناً للتجمعات المليونية التي حشد فيها قسراً كل موظفي الدولة وطلاب المدارس والجامعات لمحاولة الرد على التظاهرات التي خرجت من كل المناطق للمطالبة بإسقاطه.
يقول علي العبدالله لـ "العربي الجديد": "كانت محاولة الوصول من الغوطة الشرقية إلى ساحة العباسيين التي تقع شرقي العاصمة دمشق تواجه بإطلاق نار كثيف من عناصر النظام وأجهزة استخباراته حينها. وأطلق الثوار حينها نداءات للوصول إلى ساحة الأمويين والاعتصام كي يسقط النظام، لكن كان يستحيل تطبيقها، فإنّ من يصل إلى الساحة الأقرب إلى قصر بشار الأسد ومباني الأركان وقيادة القوى الجوية، كان سيُقتل بلا تفكير، من هنا ظلت ساحة الأمويين حلماً للثوار لأنها تعني السقوط الأكيد للنظام".
فعلياً هدف نقل حافظ الأسد مبنى الإذاعة والتلفزيون إلى ساحة الأمويين عام 1993 إلى حماية نظامه من أي انقلاب محتمل. ومنذ عام 2011 حصّن النظام المقر وحوّل حراسته إلى مهمة سرية ينفذها عناصر الأمن العسكرية - 215". وحاله مماثل لمبنى "دار الأوبرا - المكتبة الوطنية".
يقول رجل أمن انضم إلى الفرقة المكلفة حماية مبنى الإذاعة والتلفزيون قبل التحرير لـ"العربي الجديد": كانت أوامر الحراسة مشددة خلال السنوات الأولى، وشملت إطلاق النار مباشرة في حال وجود تهديد. وهذا ما حدث خلال محاولة استهداف المبنى في إبريل/ نيسان 2013، الذي جاء بعد شهر من اشتباك شهده مبنى الأركان، والذي أفضى إلى إصدار القيادة السرية أوامر بإطلاق النار مباشرةً على أي محاولة لاقتحام مبنى التلفزيون من عناصر كانوا قد انشقوا عن النظام، وحاولوا السيطرة على المبنى حينها".
يضيف: "كانت هناك تعليمات مشددة بإجراء تفتيش دقيق لم يمنع حادث زرع متفجرات في الطابق الثالث، الذي أفضى حينها إلى نقل ومعاقبة عدد كبير من العناصر بتهمة التساهل، وجعل الذعر يسيطر على كل العاملين في المبنى بسبب الرواية التي روجها النظام حينها حول استهداف السوريين فقط بسبب انتمائهم العرقي أو عملهم في سلك الحكومة. وأنا أعتقد اليوم بأن غالبية التفجيرات التي استهدفت مناطق حيوية مثل مبنى الإذاعة التلفزيون كانت من تدبير النظام نفسه، لأن الإجراءات التي كنا نتخذها لا يمكن أن يخترقها إلا ضباط. إلى ذلك، كنا عناصر مكلفة حراسة مبنى الإذاعة والتلفزيون، وقوات إضافية لحماية ساحة الأمويين ذات الرمزية المهمة، التي تحمي قصر الشعب باعتبارها نقطة تحصين عسكري ثانية متقدمة. وخلال يوم السقوط لم نعرف ماذا يجري، وفجأة أخلى عناصر الأركان والمربعات الأمنية المواقع، فغادرنا المكان من تلقاء أنفسنا ومن دون العودة إلى قيادة السرية".
بعدما أخلى عناصر الأمن نقاط تمركزهم في مبنى الإذاعة والتلفزيون، سيطرت المعارضة عليه. وعند الساعات الأولى من فجر 8 ديسمبر/ كانون الأول أعلنت مجموعة من الثوار البيان رقم 1 الذي أكد سقوط نظام الأسد وتحرير جميع المعتقلين من السجون. ثم تحركت في شكل مفاجئ مجموعات من المدنيين منذ ساعات الصباح إلى ساحة الأمويين، وذلك من دون تحضير مسبق أو دعوة منظمة، وتحوّلت ساحة الأمويين إلى مكان للاحتفال بسقوط النظام وفرار رئيسه بشار الأسد إلى روسيا، وكان إطلاق الرصاص في الهواء ورفع علم الثورة هما الفعلين الأوّلَين العفويين اللذين مارسهما الثوار. ولتطبيق الملقى في الأمويين، توجهت فصائل درعا والسويداء وريف دمشق إلى الساحة التي أكد المشهد الاحتفالي رمزيتها.
ويقول الصحافي عبد الكافي الذي وصل إلى الساحة في وقت مبكر لـ "العربي الجديد": "كان لافتاً أن الثوار والمحتفلين أزالوا كل رموز النظام من الساحة، ومن بينها الأعلام واللافتات والصور، لكن أحداً لم يقترب من تمثال الجندي المجهول المبني في الطرف الشمالي من الساحة، ربما لأن التمثال يرمز إلى كل من قتل مجهولاً في سبيل البلاد، وبالتالي يمكن أن يكون رمزاً لشهداء الثورة المجهولين أيضاً".
ويقول المذيع عدي منصور لـ"العربي الجديد": "خلال الأيام الأخيرة من المعركة، حين انتظر السوريون تحرير دمشق من سطوة النظام، ترقبنا وصول قوات المعارضة إلى ساحة الأمويين لنقول أن النظام تهاوى، والتأكد من أن الأسد لن يحكم البلاد زمناً غير محدود. وهذا ما حدث، بالتالي كانت ساحة الأمويين حلماً عنى تحرير البلاد، وفهم السوريون جميعهم الأمر، لم نجد أي خبر عن سقوط دمشق التي لا يمكن أن تسقط، خصوصاً أن من حرروها من أبناء الوطن، وكان الخبر بالتالي أن الثوار وصلوا إلى ساحة الأمويين، وسقط النظام وتحررت سورية".