المغرب: مطالبات بتأجيل فرض الجواز اللقاحي

20 أكتوبر 2021
استياء من الجواز اللقاحي في المغرب (فاضل سنا/فرانس برس)
+ الخط -

ارتفعت، الأربعاء، أصوات عدّة مطالبة الحكومة المغربية بتأجيل تنفيذ قرار فرض الجواز اللقاحي كوثيقة معتمدة من طرف السلطات الصحية، لدخول الإدارات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، والمؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والفضاءات المغلقة والمحلات التجارية وصالات الرياضة والحمامات.

ومع بدء العدّ العكسي لفرض الجواز اللقاحي المنتظر دخوله حيز التنفيذ، غداً الخميس، دعت فعاليات حقوقية وسياسية مغربية، من خلال عريضة إلكترونية، على موقع "أفاز" العالمي، الحكومة إلى تأجيل فرض الجواز اللقاحي حتى فتح نقاش وطني حوله وتقييم الشرعية القانونية للقرار وموافقته للمبادئ الدستورية، ومستوى تأثيره على حريات المواطنين المغاربة وحقوقهم الأساسية. كما دعت الفعاليات الموقّعة على العريضة الحكومة إلى مراجعة القرار وتحديد مهلة إشعار مسبق، أو تعليق العمل به لمدة شهرين، وذلك للسماح للمواطنين الراغبين في التلقيح بالقيام بذلك خلال فترة زمنية واضحة ونهائية، كي يتحمّل كل واحد مسؤوليته.

وعبّرت الفعاليات، التي تضم الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية المعارض، نبيل بنعبد الله، والأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد المعارض، نبيلة منيب، والبرلمانية السابقة عن حزب العدالة والتنمية، أمينة ماء العينين، عن عدم فهمهم لقرار فرض الجواز اللقاحي دون أي إشعار مسبق أو آجال معقولة، ودون فتح نقاش وطني حول القضية. وانتقدت العريضة، التي وقّع عليها حتى الآن أكثر من 2600 شخص على موقع "أفاز"، وجود "نقص في التواصل من طرف الحكومة، وعدم احترام مخاوف أو إكراهات بعض المواطنين"، مؤكّدة أنّ هذه المقاربة "من شأنها أن تعرّض ملايين المغاربة للقلق والإزعاج، أو لخطر عدم الالتحاق بوظائفهم، أو أن يجدوا أنفسهم غير قادرين على ولوج الإدارة للضرورات، أو ولوج وسائل النقل العمومي أو التمتع بحقوق أساسية أخرى".

ونبّهت العريضة إلى أنّ "تقسيم المواطنين دون سابق إشعار، بين ملقّحين وغير ملقّحين ليس من المرجح أن يحقق أهداف الأمن الصحي في مكافحة كوفيد-19"، كما أنه "يهدد بعدم مسايرة الميثاق الاجتماعي الجديد والذي أتاح لجميع المواطنين المغاربة والمقيمين في المغرب الاستفادة من مجانية التلقيح وجعله اختيارياً". وشدّدت على أنه "نظراً لكون التلقيح لم يكن قط إجبارياً، فمن غير المفهوم أن يتم تقييد حرية المواطنين في التنقل والتضييق على حقوقهم دون إبلاغهم خلال آجال زمنية معقولة. حيث سيتم حرمانهم من الحق في التنقل أو ولوج الأماكن العامة بسبب اختياراتهم الحرة، أو لمجرد عدم تمكنهم من التلقيح لأسباب طبية (الحساسية، موانع التلقيح، …) أو لأسباب أخرى".

وبينما دعا الموقّعون على العريضة، الحكومة إلى مراجعة القرار، حاول وزير الصحة المغربي، خالد آيت طالب، التخفيف من حدّة الانتقادات، حينما أكّد الأربعاء، في تصريحات له للإذاعة المغربية، أنه سيصبح من الممكن استخراج الجواز اللقاحي بعد تلقي الجرعة الأولى، لافتاً إلى أنّ المواطنين الذين يعانون حساسية شديدة ضدّ مكوّنات اللقاح، يمكن أن يتمتّعوا بما يمنحه جواز التلقيح بعد الحصول على شهادة طبية تثبت المانع. من جهته، قال البروفيسور خالد فتحي، الأستاذ بكلية الطب في جامعة محمد الخامس بالرباط، إنه في ظلّ توفّر التطعيم للجميع وبشكل مجاني، صار من حق الدولة كراعية للصالح العام وكمجسّدة للإرادة العامة، أن تفرض الجواز اللقاحي في الأماكن العامة، معتبراً أنّ التطعيم والجواز اللقاحي "لاينتهكان الحرية، بل يعيدانها إلينا بعد أن سلبها منّا الوباء".

وأوضح فتحي، في حديث مع "العربي الجديد "، أنّ قرار الحكومة اعتماد الجواز اللقاحي لولوج الأماكن العامة لم يكن مفاجئاً، إذ كانت هناك مؤشّرات عدّة على أنه قادم لا محالة، لافتاً إلى أنّ "المغرب ينهج لحدّ الآن سياسة الإقناع عوض مقاربة الإجبار، وهو يعوّل على ضمير المواطن ومواطنته، وعلى حملات التحسيس والتوعية لاستقطاب المتوارين وراء الأفكار المغلوطة والاعتقادات الواهية".

وأضاف: "سيقولون إنّ الجواز تراجع عن مبدأ الاختيارية، وأنه ديكتاتورية صحية أو تحكّم صحي، والتفاف على الحرية الفردية المقدّسة، وتقسيم للمجتمع إلى ملقّحين ينعمون بحقوق المواطنة وغير ملقحين تخلّى عنهم الوطن. وحتى إذا خفّت حدة نبرتهم، سيدفعون بأنّ الجواز هو مناورة واحتيال لفرض اللقاح، هم في كل هذا يتذرّعون بمبدأ الحرية الخالص، إلا أنهم لا ينتبهون إلى تهافت كل هذه الأطروحات".

وكانت الحكومة المغربية قد قرّرت، الاثنين الماضي، اعتماد الجواز اللقاحي كوثيقة معتمدة من طرف السلطات الصحية، لدخول الإدارات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة، والمؤسسات الفندقية والسياحية والمطاعم والمقاهي والفضاءات المغلقة والمحلات التجارية وصالات الرياضة والحمامات، وذلك ابتداءً من يوم غد الخميس. وقرّرت، وفق بيان لها، السماح للأشخاص بالتنقّل بين المدن والمناطق عبر وسائل النقل الخاصة أو العامة، شرط الإدلاء بالجواز، واعتماده كوثيقة للسفر إلى الخارج، وإلغاء رخصة التنقل المسلّمة من طرف السلطات المحلية المختصة بهذا الشأن.