ارتفعت أصوات في المغرب أخيرا مُنبّهة إلى أنّ المجهودات المبذولة لرعاية صحة المصابين بأمراض نادرة تظل غير كافية على مستوى الكشف المبكر ورعاية المرضى ومتابعة حالتهم الصحية.
ويأتي ذلك في ظل غياب التواصل والتثقيف والتوعية الصحية بنوعية المرض النادر وكيفية التعاطي معه طبياً واجتماعياً وأسرياً ومجتمعياً، خاصة أن الأمراض النادرة تُمكن الوقاية منها في حال تشخيصها بشكل مبكر، وهي مسؤولية يتقاسمها المجتمع مع المرضى وأسرهم، والمهنيين الطبيين، ومقدمي الرعاية الصحية والمدافعين عن الحق في الصحة وجمعيات الأمراض النادرة وصانعي السياسات، الذين ينبغي التعاون بينهم لتحسين الرعاية الصحية والاجتماعية ونوعية الحياة للمرضى وعائلاتهم.
وفي السياق، قال رئيس جمعية "مرضى الضمور العضلي الشوكي" في المغرب، هشام بازي، اليوم الجمعة، لـ"العربي الجديد"، إنه في ظل عدم توفير العلاجات، فإن أرواح العديد من المرضى المغاربة مهددة، كما أن الإعاقات التي يخلفها المرض ستسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية قد تكلف الدولة على المدى البعيد خسائر أكبر بكثير من نفقات العلاج، لافتا إلى أن العلماء ابتكروا، منذ سنة 2016، ثلاثة علاجات فعالة ضد هذا المرض؛ إلا أن ارتفاع أسعارها يحول دون توفيرها في المغرب.
وأضاف المتحدث: "استطاع العديد من البلدان متوسطة الدخل تجاوز عقبة الأسعار عن طريق التفاوض مع شركات الأدوية؛ منها مصر وليبيا وتركيا وأوكرانيا ودول أخرى، لكن في المغرب، ما زالت وزارة الصحة مكتوفة الأيدي، تاركة المرضى عرضة للموت والإعاقة. صحيح أن إشكال غلاء أسعار الأدوية مطروح على المستوى العالمي وليس في المغرب فقط، لكنه ليس مبررا للتقاعس وعدم توفيرها في بلادنا".
ويحتاج المصابون بمرض "ضمور العضلات الشوكي" إلى حقنات من دواء "ZOLGENSMA" الذي يعتبر أغلى دواء في العالم، حيث يصل ثمنه إلى مليونين ومائة ألف دولار.
ويعتبر مرض "ضمور العضلات الشوكي" الوراثي من الأمراض النادرة التي تصيب الخلايا العصبية في الدماغ وفي الحبل الشوكي لدى الرضع والأطفال، ما يتسبب في ضعف العضلات ويؤثر على جزء أساسي من وظائفها، وعلى رأسها القدرة على المشي والحركة.
ويصنف المرض، الذي يصيب طفلا واحدا من بين 8 آلاف، أنه "المسبب الجيني الأول لموت الأطفال"، إذ إن غالبية المصابين به يموتون قبل سن السنتين، أما من ينجو منهم، فيعيش على كرسي متحرك ويعتمد على أجهزة التنفس للبقاء على قيد الحياة.
ويرى بازي أن وزارة الصحة في المغرب مدعوة إلى الانخراط الجدي في مفاوضات مع شركات الأدوية من أجل تخفيض الأثسعار بما يتناسب مع الإمكانيات الاقتصادية للمغرب، وإلزام صناديق التغطية الصحية بتحمل واجبها القانوني تجاه منخرطيها وتعويضهم عن نفقات العلاج إلى الحد الذي تسمح به ميزانياتها، مؤكدا أن "الحق في الحياة يسمو على كل العقبات المالية".
وأشار المتحدث إلى أن "جمعية مرضى الضمور العضلي الشوكي" بالمغرب كانت قد وجهت رسالة مفتوحة إلى وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، في 27 فبراير/شباط الماضي، من أجل المطالبة بالتوفير العاجل لأدوية الضمور العضلي الشوكي، وهي الرسالة التي تأتي بمناسبة اليوم العالمي للأمراض النادرة التي يفوق عددها سبعة آلاف مرض، أعلنت من خلالها الجمعية أنه يجرى "تغييب" علاجات مرض الضمور العضلي الشوكي النادر.
من جهتها، لفتت "الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة" إلى أن "ضعف التشخيص المبكر والرعاية يجعل أسر وأهل المصابين بأمراض نادرة يقاسون المعاناة، انطلاقاً من التنقل من طبيب إلى آخر بحثا عن العلاج المفقود، ما يكلفهم أموالا باهظة من دون جدوى".
وطالبت الشبكة، في بيان صدر عنها مؤخراً، وزارة الصحة بتبني وتنفيذ استراتيجية وبرنامج وطني فعال ومندمج للوقاية والتشخيص المبكر والعلاج والرعاية الاجتماعية للأمراض المزمنة، والقيام بالفحص المنتظم لجميع الأطفال حديثي الولادة، وتوجيه أولياء الأمور حول سبل التعامل مع الحالة وتشخيصها ورعايتها، مع ضرورة تنظيم فعاليات التوعية بالأمراض النادرة، والقيام بزيارات ميدانية إلى المدارس للتوعية بها.
كذلك، طالبت بضمان التأمين الصحي الشامل، وتغطية نسبة 100% لكل الخدمات الصحية للمصابين بأمراض نادرة، وتسجيلهم لدى الوكالة الوطنية للتأمين الصحي وصناديق التأمين الاجباري الأساسي عن المرض، ومديرية الأوبئة والأمراض لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
وكان وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب قد كشف، في التاسع من يناير/ كانون الثاني الماضي، في مجلس النواب ( الغرفة الأولى للبرلمان)، أن المغرب غير قادر على توفير أدوية مرض ضمور العضلات الشوكي، الذي يعد من الأمراض النادرة، بسبب ثمنها الباهظ للغاية، ملمحا، في معرض رده على سؤال تقدم به أحد نواب الفريق الدستوري الديمقراطي الاجتماعي حول الأسباب الكامنة وراء عدم توفر الأدوية المعالجة وعدم السماح للمختبرات بترخيص إدخالها، إلى احتمالية السماح لمختبرات باستيراد أدوية أقل ثمنا، يمكن الترخيص لبيعها في السوق المغربية.
يذكر أن العالم يخلد، نهاية فبراير/شباط من كل سنة (28 فبراير)، اليوم العالمي للأمراض النادرة، وهي فرصة سنوية لتوعية الرأي العام بهذه الأمراض، والتعبير عن التضامن مع الحاملين لها جراء الصعوبات الكثيرة التي تعترض حصولهم على خدمات صحية مناسبة.