اللاجئون السوريون في الأردن لا يستعجلون العودة إلى الوطن.. بانتظار استقرار الأوضاع

08 ديسمبر 2024
في مخيم الزعتري أكبر مخيمات اللاجئين السوريين في الأردن، 26 يوليو 2022 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعيش السوريون في الأردن حالة من الفرح بعد سقوط نظام الأسد، لكنهم يترددون في العودة بسبب الغموض في سوريا، حيث الأوضاع المعيشية في الأردن مقبولة.
- يعبر اللاجئون عن سعادتهم بتحرر المعتقلين، ويفضلون الانتظار حتى انتهاء التزاماتهم مثل تعليم أبنائهم قبل العودة، كما يروي بعضهم قصصهم الشخصية.
- يبلغ عدد اللاجئين السوريين في الأردن حوالي 620 ألفًا، يعيش 20% منهم في مخيمات، ويتمتعون بحياة مستقرة بفضل الترحيب والعلاقات الطيبة مع الأردنيين.

يسود الفرح والأمل أوساط السوريين في الأردن بعد إسقاط نظام الأسد في دمشق، لكنّ هؤلاء بمعظمهم يفضّلون عدم استعجال عودتهم إلى الوطن، في انتظار استقرار الأوضاع فيه. وعلى الرغم من رغبة هؤلاء في العودة إلى سورية بأسرع وقت، فإنّهم اختاروا ترقّب ما سوف يحدث، ولا سيّما أنّ المشهد لم يتّضح كلياً بعد ومن الصعب التكهّن بإمكانية تحقيق الاستقرار اللازم لعودة اللاجئين. كذلك فإنّ عودة هؤلاء إلى الوطن تنطوي على مغامرة، ولا سيّما أنّ الأوضاع المعيشية بالنسبة إلى اللاجئين السورين في الأردن مقبولة مقارنة بدول الجوار الأخرى مثل لبنان وتركيا.

علي الشيخ لاجئ سوري من محافظة الرقة (شمال) ويعيش اليوم في العاصمة الأردنية عمّان. يقول لـ"العربي الجديد" إنّ "جميع السوريّين في الأردن يشعرون بالفرح إزاء ما جرى"، ويشعرون كذلك بـ"الحرية، فالقيود التي كانت تكبّل حركتهم كُسرت، وصار من الممكن التوجّه الآن إلى سورية بعد سقوط نظام الأسد". ويخبر الشيخ أنّه أتى إلى الأردن في عام 2011 "مع بداية الأحداث"، ومنذ ذلك الحين لم يقصد هو وأهله سورية، إذ كان مطلوباً للنظام، مؤكداً: "صار في إمكان جميع السوريين التوجّه إلى الوطن ولقاء أقربائهم وأهلهم الذين غابوا عنهم كلّ هذه السنوات".

ويقدّر الشيخ أنّ "السوريين بمعظمهم، أي أكثر من 70% منهم، يرغبون في العودة الى الوطن، لكنّهم لن يستعجلوا ذلك حتى يتّضح المشهد". يضيف أنّهم سوف ينتظرون انتهاء ارتباطاتهم في الأردن، من قبيل تعليم أبنائهم والتزامات أخرى. ويتابع: "عندما أتيت إلى الأردن في عام 2011، كان لديّ طفل واحد يبلغ من العمر 40 يوماً. اليوم، هو في الصف السابع، فيما كبرت العائلة"، لافتاً إلى أنّ "الأردن رحّب بنا طوال هذه السنوات ولم نتعرّض لأيّ مضايقات". ويكمل الشيخ: "وفي هذه الفترة، كنّا نتواصل مع الأهل، لكنّنا كنّا نخشى من تناول الأوضاع، ونكتفي بالمجاملات والسؤال عن الصحة. أنت لا تستطيع التمادي بالحديث أكثر خوفاً من الرقابة". ولا يخفي فرحته لـ"تحرير الأقارب الذين كانوا معتقلين في سجون النظام".

من جهته، يقول عروة أبو شاهين اللاجئ السوري في مخيم الأزرق من محافظة حمص (وسط) لـ"العربي الجديد" إنّه وصل إلى الأردن في عام 2012 ولم يعد إلى سورية منذ ذلك الحين. يضيف أنّ "ما حدث اليوم فرحة بالنسبة إلى جميع السوريين الذين كانوا ينتظرون هذا اليوم، ليس فقط منذ 14 عاماً وإنّما منذ أكثر من 50 عاماً. واليوم، فرحة السوريين في كلّ مكان، بسبب زوال النظام الذي أجبرهم على الهجرة بعيداً عن الوطن والأهل، وعرّضهم لمختلف أنواع العذاب". ويشير أبو شاهين إلى أنّه يبلغ من العمر اليوم 34 عاماً، وأنّه لم يؤسّس أسرة، "إذ أقسمت بألا أتزوّج حتي يسقط النظام". ويتابع: "أنوي العودة إلى سورية في أسرع وقت ممكن، والجميع سوف يعود إلى الوطن"، ويردف أنّ "اليوم عيد بالنسبة إلى الجميع. فاليوم انتهى ظلم نظام الأسد، والشعب السوري سوف يتمتّع بحريته وإنسانيته".

في الإطار نفسه، يقول مواطن سوري، يكتفي بالتعريف عن نفسه باسم أحمد، إنّه قصد الأردن في عام 2004 انطلاقاً من محافظة الرقة السورية، لكنّه لم يعد يزور سورية منذ عام 2011. ويشير بحديثه لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "السوريين اليوم فرحون بتحرير المعتقلين من سجون النظام"، متحدّثاً عن خروج أحد أقاربه من السجن، علماً أنّه كان قد اعتُقل قبل خمسة أعوام. يضيف: "لديّ أبناء صغار ولا أفكّر بالعودة الى سورية في الوقت الراهن، إلا عند التأكد من استقرار الأوضاع هناك". ويؤكد: "نحن لا نستعجل العودة إلى سورية، فقد عشنا في السنوات الماضية حياة مستقرّة في الأردن، في ظلّ الترحيب والعلاقات الطيبة مع الشعب الأردني".

بدوره، يخبر المواطن السوري أحمد حسين، من محافظة حلب (شمال)، أنّه قصد الأردن بهدف العمل في عام 2006، وأنّه لم يعد لزيارة سورية منذ عام 2011، مشيراً إلى أنّ أخاه لحق به إلى الأردن في عام 2011. ويؤكد لـ"العربي الجديد" أنّ "السوريّين بمعظمهم يرغبون في العودة الى سورية، لكنّني شخصياً لا أفكّر في العودة سريعاً"، موضحاً أنّ "أطفالي في المدارس وسوف أنتظر إلى حين تستقرّ الأمور وتكون الظروف قد هُيّئت". ويلفت حسين إلى أنّ "أبنائي صاروا شبّاناً ولم يزوروا سورية قطّ، إذ لطالما كان الاعتقال سيفاً مسلطاً على رقاب الجميع، لأسباب عديدة من بينها الخدمة العسكرية، علماً أنّ الأمر قد يقع أحياناً بهدف الابتزاز أو بحسب المزاج".

ويُقدَّر عدد اللاجئين السوريين في الأردن، المسجّلين رسمياً لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، بنحو 620 ألف مواطن سوري، يعيش نحو 20% منهم في مخيمات تتوزّع في شمال البلاد ووسطها. ويؤوي مخيم الزعتري، الأكبر حجماً وسعة، نحو 80 ألف لاجئ سوري، ويقع على بعد 10 كيلومترات إلى شرق مدينة المفرق شمالي الأردن. من جهته، يستضيف مخيم الأزرق للاجئين الواقع في شمال شرق الأردن 38 ألف مواطن سوري، أمّا المتبقون فيتوزّعون على مختلف المحافظات الأردنية. يُذكر أنّ العاصمة عمّان تحلّ في الصدارة لجهة عدد اللاجئين السوريين المقيمين في الأردن، مع 195 ألفاً و334 لاجئاً مسجّلين جميعاً لدى المفوضية، فيما تأتي مدينة المفرق (شمال) ثانية بعدد اللاجئين السوريين مع 169 ألفاً و43 لاجئاً، وتليها محافظة إربد (أقصى الشمال) مع 128 ألفاً و467 لاجئاً. ويتوزّع الباقون في مختلف محافظات الشمال والوسط، مع عدد قليل في جنوب الأردن.

المساهمون