اللاجئة بنفسج وهبي: لا أحد يستطيع نسيان بلده

01 ديسمبر 2021
تتمنى العودة إلى فلسطين (العربي الجديد)
+ الخط -

قد تختلف قصة بنفسج بديع وهبي عن قصص لاجئين آخرين خرجوا من فلسطين إلى لبنان، فهي لم تغادر سيراً على الأقدام أو تركب باخرة، بل كانت في أحشاء أمها تنعم بهدوء وطمأنينة، وتتحضر لسعادة تنشق هواء بلدها. وفي موطن اللجوء، ولدت في منطقة القرعون، شرق لبنان، عام 1948، بدلاً من بلدة سعسع بقضاء صفد التي تتحدر منها، والتي امتلك والدها فيها أراضي واسعة اهتم بزرعها واقتسام غلة رزقها مع أخواته البنات. 
تقول: "أخبرتني أمي بأن العائلة خرجت من فلسطين بعدما ألقت طائرات العدو الصهيوني مناشير حذرت السكان من البقاء في المنطقة، وطلبت منهم أن يستسلموا أو يخلوا المكان. وجاء ذلك بعدما حصلت مجازر عدة في مناطق مجاورة لقريتنا، بينها الصفصاف ودير ياسين". تضيف: "علمت من أمي أيضاً بأنه بعدما شاهد الناس هذه المجازر وسمعوا بأهوالها، بدأوا يفرون من المناطق التي يستهدفها الصهاينة لأنهم لم يملكوا أسلحة للدفاع عن أنفسهم".
وتتحدث عن أن أهلها توجهوا إلى منطقة رميش، جنوب لبنان، "حيث باعت أمي البقرة التي نقلتها معها لتأمين المأكل حيث لم أكن قد ولدت. وهم سكنوا في بيت شخص عمل على طاحونة لجدي في فلسطين". 
من رميش، انتقل أهلها إلى منطقة صور، جنوب لبنان أيضاً، وبقوا لنحو شهرين ثم غادروا إلى منطقة القرعون، حيث أبصرت النور، وتوجهوا منها لاحقاً إلى مخيم نهر البارد، شمال لبنان. وتقول: "عشت مع إخوتي، وهم ثلاثة صبيان وأربع بنات، في الشوادر زمناً طويلاً. وأذكر أن كل امرأة كانت تبيع مصاغها لتأمين معيشة عائلتها، بينما كانت وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين وتشغيلهم (أونروا) تقدم لنا الطعام والخبز". وتلفت إلى أن جدتها عادت إلى بلدتها سعسع من أجل إحضار مصاغ تركته في المنزل، فوجدت فيه إسرائيلياً يمسك بالذهب بين يديه، وبينها قطع ذهبية صغيرة ثمينة جداً اشتراها جدها من القدس. 

لم تتابع بنفسج تعليمها، وأوقفت دراستها في الصف الثاني الابتدائي بطلب من أمها كي تساعدها في تربية إخوتها وفي الأعمال المنزلية. وتروي أنها عندما كبرت قليلاً باتت تحضر الماء من النبع وتجمع الحطب، وهو ما ظلت تفعله حتى بلغت 19 من العمر، حيث تزوجت وانتقلت للعيش في مخيم تل الزعتر ببيروت، ثم سافرت مع زوجها إلى ليبيا، حيث عاشا لمدة سنتين وأنجبا بنتاً وصبياً، قبل أن يعودا ويسكنا في مخيم برج البراجنة ببيروت.
وتخبر بأن عائلتها هُجّرت من بيروت خلال العدوان الصهيوني عام 1982. ثم توفي زوجها بجلطة دماغية وهو في الـ43 من العمر بعدما سمع نبأ وفاة أخيه، وكانت ابنتها الصغرى تبلغ من العمر أربعة أشهر حينها. وتقول: "أنجبت سبع بنات وأربعة صبيان، لم أستطع تعليمهم بسبب سوء الأوضاع المادية".
لم تولد بنفسج في فلسطين، ولم ترها. كانت جنيناً في رحم أمها عندما لجأت إلى لبنان، لكنها تتمنى رغم ذلك العودة إليها، "لأن لا أحد يستطيع نسيان بلده، وفلسطين مليئة بخيرات نستطيع العيش بكرامة منها".

المساهمون