انتشار تعاطي المخدرات في الكويت بين المراهقين والشباب بات مصدر قلق للمعنيين، وخصوصاً في ظلّ تفشي أنواع جديدة ما زالت غير معروفة، ما يتطلب وضع آلية مختلفة عما سبق في محاولة للحدّ منها
تزداد نسبة تعاطي المخدرات في الكويت بين المراهقين والشباب، في ظل تزايد العوامل المشجعة، أبرزها وسائل التواصل الاجتماعي التي سهلت الوصول إلى المخدرات، بالإضافة إلى ظهور أنواع جديدة منها تباع بأسعار رخيصة ويمكن للمراهقين الحصول عليها.
تكثر عمليات تهريب المخدرات إلى الكويت، وتأتي غالبيتها عبر الحدود البحرية المشتركة مع إيران. ويعمد المهربون الإيرانيون إلى وضعها داخل البضائع القادمة من البلاد، أو عن طريق سفن الصيد التي تدخل إلى الكويت بشكل رسمي. وضبطت وزارة الداخلية الكويتية مطلع شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي أكبر كمية مهربة في تاريخ الكويت من مخدرات "الشبو" القادمة من إيران داخل أكياس الملح، بحسب بيان رسمي صادر عنها.
وتشير الإحصائيات الخاصة بالمراكز التطوعية لعلاج الإدمان إلى وجود أكثر من 70 ألف مدمن في الكويت. لكن الإدارة العامة لمكافحة المخدرات التابعة لوزارة الداخلية قالت إن هذه الأعداد مبالغ فيها وأن عدد المدمنين الحقيقي في الكويت لا يتجاوز 20 ألفاً.
يقول مدير إدارة مكافحة المخدرات العميد بدر الغضوري لـ"العربي الجديد" إن "الإحصائيات الرسمية الخاصة بتعاطي المخدرات تفيد بأنها آخذة في الانتشار بشكل متزايد بين المراهقين والشباب، إذ إن 20 في المائة من طلاب المدارس في الكويت سبق لهم أن تعاطوا أنواعاً معينة من المخدرات"، لافتاً إلى أن بلده يتعرض "لحرب فعلية والضحية هم شبابنا الذين ازدادت معدلات الجريمة في ما بينهم بشكل كبير بسبب المخدرات".
وبحسب إحصائيات وزارة الداخلية، فإن 75 في المائة من الجرائم التي تحدث داخل الكويت مرتبطة ارتباطاً مباشراً ببيع أو تعاطي أو ترويج المخدرات. ويعزو الغضوري سبب تزايد نسبة تعاطي المخدرات وحجم الكميات المضبوطة إلى سببين رئيسيين: الأول هو الأنواع الجديدة من المخدرات التي باتت رخيصة الثمن وسهلة النقل وغير معروفة للعالم أصلاً، وتمكن المروجين وتجار المخدرات من استغلال وسائل التواصل الاجتماعي لبيعها، والثاني هو موقع الكويت الجغرافي القريب من الدول المصدرة للمخدرات ومقرات التوزيع والإنتاج الكبرى، في إشارة ضمنية إلى إيران وباكستان وأفغانستان. وتحولت الكويت، بحسب وصفه، إلى "محطة عبور" للمخدرات حول العالم.
إلى ذلك، يقول ضابط رفيع المستوى في الإدارة العامة للمخدرات، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لـ "العربي الجديد": "نخوض في الكويت حرباً حقيقية ضد المخدرات إلى الدرجة التي نتعرض فيها للتهديد بالقتل أو إيذاء الأبناء". يضيف: "في السابق، كنا نضبط سنوياً طناً من الحشيش. أما اليوم، فبتنا نضبط 4 أو 5 أطنان. وفي ما يتعلق بالمخدرات الجديدة، فما زلنا لا نعرف على وجه الدقة الكمية التي نضبطها بسبب عددها الكبير، وخصوصاً مخدر الشبو الذي يسمى الميث، وهو مخدر رخيص الثمن يصنع في بعض دول أوروبا الشرقية أو في الكويت ويباع بين الشباب بكثرة".
قانونياً، فشلت الأجهزة الحكومية في دفع البرلمان نحو إقرار قوانين أكثر تشدداً مع تجار المخدرات، خصوصاً أن القوانين المعتمدة حالياً لم تُحدّث منذ تسعينيات القرن الماضي. ويقول المحامي والخبير القانوني عمر العصيمي لـ "العربي الجديد": "هناك مشكلة كبيرة في مواكبة وزارة الداخلية تطورات تجارة المخدرات في الكويت. نلاحظ أن القائمة الرسمية للمخدرات في الكويت لا تشمل الأنواع الجديدة التي باتت أكثر شيوعاً لدى المدمنين، بل تحتوي على الأنواع التقليدية مثل الهيرويين والكوكايين والحشيش".
وتعترف القيادات الأمنية في وزارة الداخلية بهذه المشكلة. ويقول الغضوري إن إدارته تعمل على وضع المخدرات الجديدة في قوائم المنع بهدف تشديد العقوبات بحق المتاجرين بها والذين يتعاطونها. ويقول عدنان دشتي، وهو مدير إحدى العيادات الخاصة بالإدمان والتابعة لوزارة الصحة، والذي يسابق الزمن لإنجاز الأعمال الورقية الخاصة بعيادته للإشراف على علاج المدمنين، لـ"العربي الجديد": "نحن نخسر في حربنا ضد الإدمان لأننا لا نواجهه بالطريقة الصحيحة، ولأن مواردنا لا تتوافق مع حجم ثروتنا كبلد غني، ومع حجم الإدمان الذي يعاني منه الشباب في مجتمعنا".
ويرى دشتي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "مشكلة المخدرات في الكويت معقدة؛ هناك الجانب النفسي المتعلق بتركيبة المراهقين وسعيهم إلى تجربة ما هو جديد، وهناك الجانب الاجتماعي المتعلق بالشباب المهمش الذي لا يجد ما يعبر فيه عن نفسه فيلجأ إلى المخدرات". كما يتحدث عن الجانب الأمني "كون الكويت تعد عاصمة للتوزيع بالنسبة لبعض دول الجوار".
ويرى دشتي أن "حل قضية تجارة المخدرات أمني، على عكس حل مشكلة التعاطي"، لافتاً إلى أن "الحل يكمن في وجود آليات واضحة لمحاربة المخدرات وخطط غير ارتجالية لمكافحة الإدمان". ويرى خبراء مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان أن الحكومة الكويتية بحاجة إلى تشكيل هيئة كبرى لمكافحة المخدرات تضم خبراء أمنيين ونفسيين في مكان واحد، وتحاول التوصل إلى حل ينهي هذه المشكلة الكبيرة في الكويت.