الكوليرا يصل إلى الشمال السوري

22 سبتمبر 2022
غياب الصرف الصحي بالمخيمات يزيد الأمراض (محمد العبد الله/الأناضول)
+ الخط -

سُجّلت منطقة جرابلس بريف حلب الشرقي، يوم الاثنين الماضي، أول إصابة بالكوليرا في مناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري ، كما سُجّلت إصابة ثانية في منطقة رأس العين في ريف الحسكة الشمالي الثلاثاء الماضي، في وقت أكد منسق شبكة الإنذار المبكر في منطقة درع الفرات، الطبيب محمد الصالح، أنه جرى اتخاذ إجراءات لمنع تفشي الوباء في المنطقة.

يقول الصالح لـ"العربي الجديد"، إنه تمت طباعة العديد من منشورات التوعية، وتوزيعها على المراكز الصحية والمحال التجارية، وتتضمن أساليب الوقاية الأولية البسيطة التي تشمل تطهير مياه الشرب منزلياً بالغلي، أو بتعريضها لأشعة الشمس، أو خلطها بالكلور، وأن الإدارة المحلية بدأت مراقبة صهاريج نقل المياه، والعمل على تعقيمها بالكلور، وكذلك الخزانات العامة لمياه الشرب.
وتتضمن أساليب الوقاية الغسل الجيد لليدين بالماء والصابون بعد أي إجراء يمكن أن ينقل العدوى، وغسل الخضراوات والفواكه بشكل جيد، وعدم الاعتماد على الأكل الجاهز، وخاصة الطعام الذي لا يحتاج إلى طبخ، أو غلي.
يضيف الصالح أنه في حال الإصابة بالمرض، فهناك تدابير ينبغي أن يلجأ إليها المصاب، مشيراً إلى أن "نسبة من المصابين لا تعاني من أية أعراض، ونسبة أخرى تكون لديها أعراض متوسطة، ونحو 10 في المائة فقط تكون أعراضها شديدة، إذ تعاني من إسهال شديد يؤدي إلى جفاف سريع، وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة في حال لم تُعوّض السوائل، وقد يكون هناك قيء، وارتفاع في درجة حرارة الجسم، لكن الإسهال هو العارض الأساسي، وقد يؤدي إلى تشنجات، ووهن، ويمكن أن يتطور إلى قصور كلوي حاد".
ويؤكد أن إمكانية العلاج في المنزل متاحة باستخدام المحاليل المعروفة باسم "ماء الأملاح" طالما أن المريض قادر على تناول الطعام والشراب، وحالته العامة مقبولة، لكن في مراحل المرض المتقدمة على المصاب التوجه إلى المراكز الصحية لعلاجه بالمحاليل الوريدية، كما ينبغي الاهتمام بالصرف الصحي في حال الإصابة من أجل عدم انتشار العدوى.

وقال الصالح إن "الخطر الأكبر في المنطقة يتمثل في صعوبة توفير المياه الصالحة للشرب، والاعتماد على آبار سطحية أحياناً، والتجمعات السكانية الكبيرة، وخصوصاً المخيمات، تعاني من اختلاط مياه الشرب بالصرف الصحي، كما أن الخضراوات والفواكه الصيفية المتوفرة مصدر عدوى في حال كانت زراعتها تجري بمياه الصرف الصحي".

بدوره، يشدد المهندس البيئي محمد الإسماعيل على ضرورة الانتباه إلى مصادر المياه، باعتبارها السبب الأول لنقل العدوى، ويوضح لـ"العربي الجديد"، أن "أول التدابير الوقائية يتمثل في أخذ عينات من مصادر المياه المختلفة، ففي منطقة جرابلس كمثال، يجب أخذ عينات من مناطق مختلفة من نهر الفرات، وإجراء الفحص اللازم لها، وتكرار هذه العملية مرات عدة، وفي أوقات مختلفة لضبط مكان الانتشار، كما يجب فحص مياه الآبار بشكل دوري للكشف عن الملوثات، وأخذ عينات من أعماق مختلفة".
ويوضح الإسماعيل: "عملية تعقيم المياه بالغلي في المنزل متعبة، وقد تكون غير مجدية، فهي لا تقتل كل الطفيليات والبكتيريا الموجودة في الماء، والمواد الأكثر موثوقية في تعقيم المياه هي الكلور بشكليه الغازي والسائل، إضافة إلى مادة الفلور التي تستخدم بكميات أقل بكثير من الكلور، كونها قد تسبب هشاشة العظام عند الإنسان والحيوان، وتأثيرها على الحيوانات أشد".

تلوث مياه الشرب أحد أسباب عدوى الكوليرا (دليل سليمان/فرانس برس)
تلوث مياه الشرب أحد أسباب عدوى الكوليرا (دليل سليمان/ فرانس برس)

ويشير إلى أن "بيئة المخيمات يصعب فيها ضبط تفشي أمراض مثل الكوليرا، وذلك بسبب اختلاط شبكات الصرف الصحي بشبكات المياه، كما أنها تعرف طرقاً بدائية لنقل المياه، ولا توجد رقابة أو فحوص دورية على صهاريج نقل المياه، والكثير من المخيمات بلا صرف صحي، والجور العشوائية غير المجهزة سبب رئيسي لتفشي الأمراض، فهناك معايير للصرف الصحي، لكن من غير الممكن الالتزام بها في المخيمات، والمعتاد أن تصمد شبكات الصرف الصحي لمدة لا تقل عن 40 عاماً، مع إجراء عمليات صيانة دورية لها، وكذلك شبكات المياه، وهذا كله غير ممكن في المخيمات".
ويتابع الإسماعيل: "النقطة الأهم هي معرفة مصدر التلوث الرئيسي، والتخلص منه، وتليها مرحلة تقصي أماكن التلوث الثانوية، والتعامل معها، كما أنه من المهم مراقبة صهاريج نقل المياه، والتأكد بشكل دوري من خلوها من الملوثات".

من جهته، يقول الطبيب محمد حوالة لـ"العربي الجديد"، إنه لا حديث اليوم في كل أنحاء سورية إلا عن تفشي الكوليرا في مناطق قوات سورية الديمقراطية "قسد"، ومناطق سيطرة النظام، وأخيراً في مناطق سيطرة المعارضة، موضحاً أن "سبب المرض جرثومي، فهو ينتقل عن طريق البراز الملوث، وينتشر عبر المياه الجوفية ومياه الأنهار في حال غياب الصرف الصحي الجيد، أو عندما لا تتوفر مياه شرب نظيفة، والشمال السوري منطقة خطرة لعدم وجود الصرف الصحي بها، ونسب المياه المعالجة ضئيلة، وهذا أحد أبرز أسباب انتشار المرض".
ومع وصول المرض إلى مناطق الشمال السوري، تزايدت وتيرة حملات التوعية للوقاية منه، والحدّ من انتشاره، وبدأت منظمات إنسانية وجهات رسمية حملات توعية على الأرض، وباستخدام مواقع التواصل الاجتماعي، تشمل تقديم النصائح والإرشادات الخاصة بالوقاية من المرض، وكيفية التعامل معه في حال الإصابة.

المساهمون