لم تعرف عائلة معالي الكثير عن ظروف استشهاد ابنها طارق معالي (42 عاماً) أول من أمس السبت، برصاص مستوطن إسرائيلي داخل البؤرة الاستيطانية سيدي أفرايم المقامة منذ عام 2018 على جبل الريسان غرب رام الله وسط الضفة الغربية. ما عرفته أنّ عصابة من خمسة مستوطنين يتربعون على هذا الجبل، اعتادت الاعتداء على أهالي المنطقة، اعتدت على طارق حين كان يتوجه إلى أرضه المجاورة للبؤرة. في المقابل، يزعم الاحتلال بأن طارق حاول طعن المستوطن الذي قتله.
ونشر الاحتلال الإسرائيلي مقطع فيديو من كاميرا مراقبة يظهر طارق يلاحق مستوطناً، فعمد المستوطن في النهاية إلى قتله بالرصاص. الفرضية التي تضعها العائلة هي أن يكون ذلك المستوطن والمجموعة التي معه المسيطرة على أعلى تلة جبل الريسان، قد تعرضا لطارق حينما ذهب إلى أرضه القريبة جداً من البؤرة، أو أنها تعرضت له في يوم سابق، ما أدى إلى عودته إلى المكان.
وتقول والدة طارق عايشة معالي لـ "العربي الجديد": "توجه صباح السبت 21 يناير/ كانون الثاني إلى عمله في بلدة نعلين غرب رام الله في قطاع الألمنيوم، لكنها ترجح أنه ذهب إلى أرضه في جبل الريسان لرعاية مزروعاته فيها قبل التوجه إلى العمل". تتابع: "نحن لا نعرف ولم نرَ، لكن ربما قام هذا المستوطن باستفزازه. ابني طارق وأخي وابن خالي الشهداء كلهم فدى الوطن وكل فلسطين".
بدورها، تقول شقيقته هدى معالي لـ "العربي الجديد"، إن "لطارق أرضاً في جبل الريسان. ربما استفزه المستوطنون هذه المرة، وربما في أيام سابقة، فكل مرة يذهب إلى هناك يتعرضون له. وهذا الضغط يولد الانفجار. إلى متى سيظل الاحتلال يضغط علينا هكذا؟ لا يتركون أحداً يذهب إلى عمله بحرية".
تتابع هدى أن "شقيقها مثل كل الشباب الفلسطينيين يرون الظلم والقهر من الاحتلال المتواصل منذ سبعين عاماً. وكل هذا القهر، سواء حين يذهب الإنسان إلى بيته أو للصلاة، أو حتى ليشتري احتياجاته، يعترضون طريقه". وتسأل: "إلى متى سيبقى الاحتلال؟".
ويصف عودة معالي والد الشهيد طارق في حديثه مع "العربي الجديد" المستوطنين الذين يسيطرون على قمة جبل الريسان بالخلية الاستيطانية، قائلاً: "هم مجموعة لا تتجاوز خمسة أشخاص. هذه خلايا إرهابية تمارس كل يوم القتل في كل مكان، وتحاول أن تفرض على الفلسطيني الاستسلام والخنوع لكن شعبنا يروي هذه الأرض بدمه".
ويتابع والد الشهيد: "الأشخاص الخمسة الموجودون في هذا المكان يضايقون جميع الناس هنا. فهم في قمة التلة، ويهددون كل قرى غرب رام الله، ويستدرجون الشبان من أجل القتل".
لطارق ثلاثة أطفال أكبرهم بعمر 11 عاماً، وأصغرهم بعمر ست سنوت. وتقول والدته: "طارق شاب خلوق، متدين وتقي ويصلي، ولا يمكن أن يتحدث إلا بالحسنى، ويحب كل الناس، ويسعى دائماً ليوفق بينهم، حنون علي وعلى الجميع".
أما صديقه وابن خاله عمار عطايا، فيؤكد لـ"العربي الجديد" أنه نشأ معه في الحي نفسه، واعتقلا في سجون الاحتلال مع بعضهما البعض، وحكم عليهما بالسجن لمدة عامين. يضيف: "كنا صديقين للشهيد رياض خليفة، أحد قادة سرايا القدس الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، وأحد مهندسي عملية الهرب من سجن عوفر عام 2003، وقد شكل خلية بعد هروبه كان طارق من ضمنها".
يتابع عطايا: "هو مثل أي شاب فلسطيني يرفض الاحتلال والاستعمار، حر مناضل، كانت حياته العملية طبيعية لكن الاحتلال لا يترك أحداً، فله أرض قرب هذه البؤرة التي تقابل بيته بشكل مباشر".
وأبقت سلطات الاحتلال على جثمان الشهيد طارق معالي محتجزاً، ونقل بعد ساعات من استشهاده بمركبة إسعاف إسرائيلية من دون إعطاء العائلة معلومات حول إمكانية تسليم الجثمان.
وبدأ العمل ببؤرة "سيدي أفرايم" الاستيطانية في أغسطس/ آب عام 2018، على أراضي أعلى جبل الريسان الواقع على 3 قرى غرب رام الله، هي كفر نعمة، ورأس كركر، وخربثا بني حارث، ما أدى حينها إلى احتجاجات فلسطينية استمرت لأشهر بمسيرات أسبوعية، أصيب خلالها العديد من الشباب.
وتلك البؤرة الاستيطانية كانت أيضاً مكاناً لاستشهاد الشهيد الشاب خالد نوفل في فبراير/ شباط 2021، وهو من قرية راس كركر المجاورة بظروف مشابهة لاستشهاد طارق، كما اعتقلت قرب البؤرة الاستيطانية الأسيرة المحررة أنهار الديك، وهي حامل في مارس/ آذار 2021، بعد الاعتداء عليها بالضرب بذريعة محاولتها تنفيذ عملية طعن.