الغرافين مادة عجيبة تغذي نظرية المؤامرة الرافضة للقاحات كوفيد-19

02 أكتوبر 2021
الغرافين أحد مواد النانوتكنولوجي الواعدة في مجال الصناعة (Getty)
+ الخط -

يعد "الغرافين" فائق المقاومة وفائق الاستقرار وفائق التوصيل، بإحداث ثورة في صناعة الطيران، والطاقة، والصناعات الطبية. لكن نظرًا لحداثة عهدها وإمكاناتها الهائلة، تشكل هذه المادة النانوية موضوع رسائل لا حصر لها من المعلومات المضللة من جانب رافضي اللقاحات حول العالم.

الغرافين يُشار إليه غالبًا على أنه "مادة عجيبة"؛ فهو من بين أخف المواد المكتشفة حتى الآن. ويتكون من الكربون، وتم اكتشافه في عام 1947، ولكن لم ينجح العلماء في عزله سوى في العام 2004 بفضل أبحاث الهولندي أندريه جيم والبريطاني الروسي كونستانتين نوفوسيلوف اللذين حصلا تقديرًا لإنجازهما على جائزة نوبل للفيزياء في عام 2010.

يقول الباحث الأرجنتيني مارسيلو ماريسكال، المتخصص في تكنولوجيا النانو، إن هذه المادة لها خصائص كيميائية وفيزيائية فريدة تجعلها من "أكثر التقنيات الواعدة مستقبلًا". إذ تجري حاليًا أبحاث على الغرافين لتصنيع أجهزة استشعار حساسة جدًا، وأجهزة إلكترونية مرنة للسيارات، والطائرات، والأقمار الصناعية خصوصا، فهو يخزن الطاقة بسهولة شديدة، وهذا يجعله مادة مفضلة لبطاريات السيارات، ويمكن أن تكون له أيضًا استخدامات في البناء والطب، ولا سيما كناقل للعلاجات الجينية، والطب الجزيئي، واللقاحات.

ماذا يربط الغرافين بلقاحات كوفيد-19؟

على غرار ما حصل مع تقنيات الاتصالات للجيل الخامس والرقائق الدقيقة، نجد اليوم الغرافين محور كثير من نظريات المؤامرة مثل تلك التي يُطلق عليها اسم "حصان طروادة"، فوفقًا لهذه النظريات، تسعى حكومات أو شخصيات نافذة إلى "التحكم" في الأشخاص عن بُعد باستخدام مواد يتم حقنها من خلال اللقاحات المضادة لكوفيد-19، أو تتبع تحركاتهم عن طريق نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).

ظهرت هذه الشائعات في ربيع عام 2021، بعدما سحبت كندا من السوق الكمامات الطبية التي تحتوي على الغرافين بسبب مخاطر صحية محتملة. بعد شهر، وبينما كانت حملات التطعيم ضد كوفيد-19 تسير على قدم وساق في أوروبا والولايات المتحدة وتتقدم في أميركا اللاتينية وأماكن أخرى في العالم، بدأ مستخدمون للشبكات الاجتماعية يتحدثون عن احتواء اللقاح على مركبات "مغناطيسية" جاذبة.

روَّج هؤلاء مقاطع فيديو "لإثبات" أن اللقاحات المضادة للفيروسات تحتوي على مكونات "سرية" وضارة، بما في ذلك الغرافين على وجه الخصوص، بهدف "التحكم في إرادة" الناس من خلال الخصائص المغناطيسية، وادعى آخرون أن أكسيد الغرافين، المشتق منه، موجود في اللقاحات، وهو "يغير المجال الكهرومغناطيسي" للناس، ويمكن أن يتسبب بوفاتهم.

ما الذي نعرفه عن الغرافين؟

لا يحتوي أي من اللقاحات المضادة للفيروسات المرخصة من منظمة الصحة العالمية على الغرافين، أو أكسيد الغرافين، وليست للغرافين ولا لأكسيد الغرافين خصائص مغناطيسية طبيعية، كما يقول العلماء.

يؤكد دييغو بينيا، من مركز أبحاث الكيمياء البيولوجية والمواد الجزيئية في إسبانيا، أن الغرافين "مغناطيسي فقط في ظل ظروف معملية محددة جدًا. في ظل الظروف الطبيعية يفقد خصائصه المغناطيسية".

ويوضح مارسيلو ماريسكال أنه تُجرى على الغرافين وأكسيد الغرافين أبحاث لأغراض الطب الحيوي، لكنها "دراسات نموذجية في مراحل العلوم الأساسية، وما زالت بعيدة عن التطبيق".

أما في ما يتعلق بالكمامات المباعة في كندا، فقد استؤنف بيعها أيضًا بعدما أظهرت دراسة أن "جزيئات الغرافين لا تطلقها هذه الأقنعة بكميات كفيلة بأن تسبب آثارًا ضارة على الرئتين".

يقول ماريسكال: "عندما تسلط الصحافة والسوق الضوء على مادة ما تعد بإحداث ثورة في الصناعة، كما فعلت مواد الصلب أو البوليمر في الماضي، تصير هذه المادة هدفًا لأصحاب نظرية المؤامرة".

وتؤكد إستر فاسكيز فرنانديز باتشيكو، من المعهد الإقليمي للبحوث العلمية التطبيقية في قشتالة ولامانتشا بإسبانيا، أن "البحث الذي يثير الكثير من الأمل لديه مشكلة: فالناس يريدون رؤية تأثيراته بسرعة كبيرة. غير أن أي تطور تكنولوجي يتطلب سنوات عدة، وهذه الفكرة لا يتم للأسف التشديد عليها. المادة معروفة، والجميع يعرف أنها حقيقية، ولكن لا يمكن للجميع أن يفهموا كيفية التعامل معها، لذلك من السهل جدًا جعل الناس يصدقون أشياء ليس لها أي أساس علمي".

(فرانس برس)

المساهمون