الغاباتي الرسالي

14 أكتوبر 2022
الجفاف يهدد غابات أفريقيا (كارلو موركوشو/Getty)
+ الخط -

ظل الدكتور عبد العظيم ميرغني، المدير الأسبق للهيئة القومية للغابات في السودان، يصوّر لنا في كتاباته أن "الغابات ليست حرفة، بل هي مهنة رسالية ومنهج حياة، ذلك لأن قطاع الغابات يرتبط بمعايش السواد الأعظم من الناس، ويوفر لهم أساسيات وضروريات حياتهم من طاقة ومأوى وغذاء ومرعى وخدمات بيئية"، وبهذا يكون "الغاباتي" جندي في معركة الحياة اليومية ضد الفقر والتصحر والتغيرات المناخية المربكة للحياة. 
تواجه الغابات في أفريقيا تحديات البقاء في ظل الفقر الذي يجبر السكان على الهجوم على هذا المورد الحيوي بشراسة، إن لم يقف بينهم وبينه الغاباتي المرشد لتوجيههم إلى سبل الإستخدام الأمثل والمستدام.
وما التصحر سوى نتاج لنشاط البشر وللتغيرات المناخية التي بدأت تأثيراتها تتجلى في صورة تجعل العبء الأكبر على عاتق الغاباتية من أعلى قمة الهرم المؤسسي، وواضعي السياسات، إلى حراس الغابات المزودين بالمعرفة والقانون الحامي والمنظّم للعمليات، مع إمكانات عمل تجنبهم الوقوع في براثن الفساد. 
خلال قمة قادة العالم بمؤتمر المناخ "كوب 26" في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، اتفقت أكثر من 100 دولة، تحتضن 85 في المائة من غابات العالم، على وضع حد لإزالة الغابات بحلول عام 2030، ومن بينها غابة وسط أفريقيا الاستوائية ذات الـ200 مليون هكتار، والتي يُقطع مليونا هكتار من أشجارها سنوياً، ما جعل الكونغو تخسر ما مقداره 20 في المائة من غاباتها الرطبة. 
تعد هذه الغابة ثاني أكبر غابة استوائية في العالم، وتتمدد في 6 بلدان، أكبرها الكونغو الديمقراطية التي تضم 60 في المائة من مساحة الغابة، وتتوزع البقية على دول الكاميرون والغابون وأفريقيا الوسطى وغينيا الاستوائية وجمهورية الكونغو، ويؤكد المختص في المجال البيئي بمعهد البحوث حول التنمية، ماكسيم ريجو، أنها "الغابة الوحيدة التي تمتص من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تبعث"، وهذا يعني أن هذه المنطقة الغابية تمثل قبراً حقيقياً للكربون على مستوى الكوكب. 

موقف
التحديثات الحية

في ديسمبر/ كانون الأول 2020، مُنح 300 مزارع من قرية نكالا بجمهورية الكونغو 16 ميلاً مربعاً من أراضي الغابات، فيما عُرف بالخطة الثورية لانقاذ أكبر غابة تسهم في استقرار مناخ العالم. وهي المرة الأولى التي تحصل فيها المجتمعات المحلية على الحق القانوني لحيازة أراضي الغابات بقصد إيقاف تضاؤل رقعتها، وإسهاماً في تخفيف حدة الفقر.
تؤكد عالمة الجغرافيا بجامعة ميريلاند، أليكساندرا تيوكافينا، أن "نحو 93 في المائة من خسارة الغطاء الغابي، خلال الفترة من 2000 إلى 2014، كانت بسبب الممارسات الزراعية لصغار الحائزين، ولهذا يعول دعاة حماية البيئة على "قانون إدارة المجتمعات المحلية للغابات"، مثل ما يُعوّل على جهود الغاباتية. 
في كل مكان، يظل الغاباتي هو الحارس الأمين لمستقبل الأجيال ضد الفقر والتصحر والتغيرات المناخية. فهلا منحناه ما يستحق من مكانة؟
(متخصص في شؤون البيئة)

المساهمون