ربط مشاركون في جلسة حوار عقدتها منظمة النهضة العربية (أرض)، حول العنف الأسري بالأردن، أمس الثلاثاء، انتشار العنف والجرائم الأسرية بـ"الحاضنة الثقافية والقبول الاجتماعي لهذه الممارسات".
وقال الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة في الأردن محمد مقدادي: "تستمر التبريرات الاجتماعية للعنف الأسري في المجتمع الأردني، فالبعض ما زال يعتقد حتى الآن أن الضرب جزء من التريبة والتأديب، فيما يرى آخرون أنهم أحرار في التعامل مع زوجاتهم وأطفالهم وأفراد أسرهم، وأنه لا يجوز أن يتدخل أحد في أفعالهم".
تابع مقدادي: "يرتبط الحديث عن جرائم القتل في الأردن بأسلوب ارتكابها، علماً أن نسبتها تراوح بين 1 و1.6 جريمة قتل لكل مائة ألف نسمة، في حين تصل النسبة في العديد من دول العالم إلى 6 جرائم قتل لكل مائة ألف حالة". وشدد على "أهمية ان تنفذ المدارس والمراكز الصحية مبادرات للتوعية بالعنف الأسري، وتأكيد أهمية احترام الآخرين بعيداً عن اللجوء إلى العنف الجسدي واللفظي".
وأوضح الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة أن "عدد مقدمي خدمات الحماية من العنف الأسري في الأردن غير كافٍ، وهم يفتقرون إلى الكفاءة المناسبة، ما يعني أنهم يحتاجون إلى مزيد من التطوير والتدريب"، واعتبر أن "المخدرات والكحول يوفران بيئة خصبة لممارسة العنف، فالجرائم الأسرية لا تحصل في شكل مفاجئ، ومشكلة العنف الأسري في الأردن ثقافية، وليست قانونية".
بدوره، قال مدير إدارة حماية الأسرة والأحداث التابعة للأمن العام الأردني، العميد سائد القطاونة، إن "الإدارة سجلت 1320 حالة عنف جسدي خلال النصف الأول من العام الحالي، مقارنة بـ1273 حالة في النصف الأول من العام الماضي، و"هذه الزيادة غير كبيرة، بل منطقية استناداً إلى زيادة عدد السكان، لكن لا بدّ من الاعتراف بأن الإحصاءات لا تعطي دائماً الرقم الحقيقي لحالات العنف، فتلك التي تسجلها الإدارة هي لأشخاص قدموا بلاغات بحالات عنف، في حين لا تسجل حالات كثيرة بسبب عدم الإبلاغ عنها وبقائها في البيوت أو انتهائها بتدخلات أقارب".
ولفت القطاونة إلى "تسجيل 28 ألف بلاغ من خلال الاتصالات الهاتفية أو مواقع التواصل أو الحضور المباشر، في حين يوجد 30 ألف ملف عنف أسري في المديرية أغلق 27 ألفاً منها، علماً أن العمل الأكبر للإدارة يشمل ما بعد وقوع العنف".
وأضاف مدير إدارة حماية الأسرة والأحداث: "الإدارة معنية بتطبيق قوانين الحفاظ على الأمن الأسري وحمايتها، كما توفر البيئة المناسبة لتقديم الشكاوى بسرية والحفاظ على الخصوصية"، موضحا أنه "لا يمكن تصنيف كل ما يحصل داخل الأسرة بأنه عنف أسري، إذ هناك حوادث عن طريق الخطأ، لكن عدداً من الجرائم التي ارتكبت أخيراً كانت عنيفة".
وأشار المتحدث ذاته إلى أن "الإدارة مسؤولة أيضاً عن متابعة كل الاعتداءات الجنسية، وكذلك قضايا الاعتداءات في بيئة العمل، في حين تتابع العنف الأسري في مخيمات اللجوء السوري".
وقالت الخبيرة في علم الجريمة خولة الحسن إن "العنف سلوك يُكتسب، ويخضع لتأثيرات المشاعر والضغوط النفسية المتراكمة، وأحياناً يحدث له نوع من تنفيس، وينفجر عبر عنف جسدي أو لفظي. والمشكلة الأكبر أن زيادة العنف ترتبط بقبوله أو استيعابه اجتماعياً خلال مرحلة الانفجار، فيتحوّل إلى عنف جسدي ولفظي. والأهم في مواجهته امتلاك آليات للتعامل معه قبل أن يصل إلى مرحلة اللاعودة".
ونقلت الحسن عن نتائج مسح أجري أخيراً أن 21 في المائة من السيدات اللواتي سبق لهن الزواج في الأردن تعرضن لعنف جسدي مرة واحدة على الأقل منذ أن كن في سن الخامسة عشرة، وأن 71 في المائة من المعفنّات تعرضن لعنف جسدي من الأزواج الحاليين، و13 في المائة من قبل الأشقاء، و12 في المائة من الآباء.