قال المتحدث باسم وزارة العدل العراقية، أحمد لعيبي، اليوم الخميس، إن بلاده تنوي بناء المزيد من السجون بسبب ما وصفه بـ"حالة الاكتظاظ داخل السجون الحالية"، وذلك بالتزامن مع تقارير أكدت استمرار الانتهاكات في المعتقلات العراقية، كجرائم التعذيب وانتزاع الاعترافات بالقوة، والحبس بدون محاكمات، فضلا عن سوء التغذية وضعف الخدمات العلاجية والتعمد في تأخير إطلاق سراح النزلاء رغم انتهاء فترة أحكامهم.
وتضاعف عدد السجون في البلاد منذ الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 عدة مرات، إذ أنشـأت سلطة الاحتلال المؤقتة ثلاثة سجون في السليمانية والبصرة وبغداد، قبل أن توسع الحكومات المتعاقبة خطة السجون، ليرتفع العدد إلى 13 سجنا رئيسيا تنتشر في مدن وسط وجنوب البلاد، فضلا عن العاصمة بغداد، وإقليم كردستان، عدا عن ما يعرف بالسجون المؤقتة التي تتبع وزارتي الداخلية والدفاع، وتُعرف في العراق بـ"التسفيرات".
ولا توجد إحصائية رسمية لعدد السجناء في العراق، لكن مصادر حقوقية ترجّح تجاوز عددها المائة ألف سجين تتوزع على سجون وزارات العدل والداخلية والدفاع، إضافة إلى سجون تمتلكها أجهزة أمنية مثل جهاز المخابرات والأمن الوطني ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي، وسط استمرار الحديث عن سجون سرية غير معلنة تنتشر في البلاد وتضم آلاف المعتقلين.
واليوم الخميس، كشف المتحدث باسم وزارة العدل العراقية، أحمد لعيبي، عن وجود "خطة لتوسيع السجون في البلاد، بهدف معالجة حالة الاكتظاظ". ونقلت وكالة الأنباء العراقية (واع) عن لعيبي تأكيده قرب "فتح سجون جديدة، ضمن اتفاقات مع الأمم المتحدة، من أجل توسيع السجون، بسبب كثرة أعداد النزلاء وقلة الأبنية".
ورغم تقارير برلمانية وسياسية وحقوقية حول جرائم وانتهاكات متواصلة تحصل في السجون، كرّر لعيبي نفيه وجود حالات تعذيب أو انتهاكات، معتبرا ذلك "إشاعات، الغرض منها التسقيط والابتزاز".
وأمس الأربعاء، أعلن مركز جرائم الحرب، وهو منظمة حقوقية عراقية، عن وفاة معتقل في سجن بابل يدعى قاسم العويسي، قال إن التشريح الأولي للضحية يتبين عليه علامات تعذيب وسوء تغذية تسببت في وفاته، كما أعلن، اليوم الخميس، عن وفاة سجين آخر نتيجة الإهمال الصحي.
#توثيق وفاة المعتقل (أمين مجيد رشك الساعدي)من مدينة بغداد،في سجن العمارة قاطع (5) قاعة (1). بقي على حكمه(سنتين و3 شهور)وقد شمل بإجراءات عفو خاصة، تدهورت حالته يوم 6/5/2021م بارتفاع حرارته وضيق تنفس ليتبين أنه مصاب بكورونا ولم يتم إعطاءه الأوكسجن ولم يسعفه الكادر الطبي.#من_قتلني pic.twitter.com/FWwIOzwPIu
— مركز جرائم الحرب (@IWDCiraq) May 20, 2021
فيما حذرت، الإثنين الماضي، المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، من الانتهاكات داخل سجون العراق، وقال عضو مجلس أمناء المفوضية، فاضل الغراوي، في بيان، إن "أغلب السجون ومراكز الاحتجاز في البلاد تشهد العديد من المشكلات، وبعيدة عن تطبيق المعايير الدولية في التعامل مع النزلاء والموقوفين. هناك العديد من المشكلات، أبرزها الاكتظاظ، وتأخر إطلاق السراح، والزيارات العائلية، والضمانات القانونية، والغذاء، والصحة، وكون السجون ومراكز الاحتجاز قديمة، وتعدد إدارات السجون ومراكز الاحتجاز بين الوزارات، وعدم وجود برامج تأهيل حقيقية، واستنزاف الملف لأموال هائلة من خزينة الدولة".
وفي هذا السياق، تحدث عضو نقابة المحامين العراقيين، سيف القيسي، عن وجود معلومات جديدة حول أوضاع خطيرة بالسجون، أبرزها اكتظاظ غير مبرر في السجون، مؤكدا لـ "العربي الجديد" أن السلطات لم تعالج هذا الخلل، على الرغم من قيام النقابة، إضافة لمحامين بشكل منفرد، بإبلاغ وزارة العدل بتبعات استمرار وجود أعداد من السجناء تفوق قدرة السجون على استيعابها".
وحذّر من خطورة الاكتظاظ في السجون، لا سيما في ظل الأوضاع الحالية المتمثلة بجائحة كورونا، إذ يمكن أن تؤدي الأعداد الكبيرة إلى زيادة عدد الإصابات بين السجناء"، معتبرا أن تطبيق القانون كفيل بإخراج الآلاف من السجناء وإخلاء سبيلهم".
وأكد مدير دائرة الإصلاح في بغداد، كامل هاشم أمين، في وقت سابق من هذا الأسبوع، وجود اكتظاظ في السجون الخاصة بـ "الأحداث"، موضحا أن الحكومات المتعاقبة لم تقم ببناء سجون خاصة بهم، على الرغم من وجود خصوصية في البرامج المتعلقة بإعادة تمكينهم ودمجهم.
حراك لتشريع قانون جديد للعفو
وكشفت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي، عن إعداد مسودة لتشريع قانون جديد للعفو العام عن السجناء، وقال عضو اللجنة النائب حسن فدعم، إنّ "المسودة تنص على إصدار عفو يستثني المحكومين بالفساد المالي والإداري والمخدرات وجرائم أخرى محددة"، مبينا، في تصريح أوردته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "الصيغة الثانية من القانون نصت على دفع بدل نقدي للمحكومين، إذ يخير المحكوم عليه حالياً أو من سيحكمون مستقبلاً بين قضاء مدة حكمهم أو دفع بدل نقدي عن كل يوم أو شهر أو سنة من مدة محكوميتهم، مع استثناء الجرائم الجنائية من هذا العفو".
قوى سياسية أبدت دعمها لتشريع القانون، لا سيما وأن الكثير من السجناء اعتقلوا في ظروف لم تكن اعتيادية، وأن هناك شكوكا بحيادية ومهنية عمليات الاعتقال.
وقال القيادي في تحالف النصر الذي يتزعمه حيدر العبادي، صادق المحنا، لـ"العربي الجديد"، إن "العفو العام يجب أن يكون عن الذين لم يرتكبوا جرائم، فهناك ظروف غير اعتيادية مر بها البلد، أدت إلى وضع كثير من الناس في السجون وهم أبرياء"، مؤكدا "أهمية تشريع القانون، على أن يكون مشروطا، وأن يستثني قسما من الجرائم وملفات الفساد وغيرها، وضمن شروط قضائية أخرى".
وكان البرلمان العراقي السابق قد أقر، نهاية عام 2016، قانون العفو العام، والذي أثار في حينها جدلا سياسيا عميقا، وحاولت بعض القوى استغلاله سياسيا، لتحقيق مكاسب وشمول سجناء متورطين بجرائم مختلفة وملفات فساد.