العراق يحقق في بيع بطاقات تلقيح مزورة

31 يوليو 2021
يؤمن البعض بضرورة الحصول على اللقاحات (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

تزامناً مع إطلاق السلطات حملات في العاصمة العراقية بغداد لحثّ المواطنين على تلقي اللقاحات المضادة لفيروس كورونا الجديد، وفرض عدد من الوزارات والدوائر الحكومية قيوداً على غير الحاصلين على اللقاحات من مراجعين وموظفين، بما فيها منع السفر خارج البلاد، يلاحظ انتشار تزوير بطاقات التطعيم الصحية في مقابل مبالغ مالية تراوح ما بين 50 و200 دولار. وعادة ما يلجأ رافضو اللقاحات إلى شراء هذه البطاقات، التي رُصدت في مدن عدة، من بينها بغداد وكربلاء والأنبار وبابل وغيرها.
وخلال الأيام الماضية، سجّلت البلاد ارتفاعاً في أعداد الإصابات والوفيات بكوفيدـ19 تجاوزت حاجز الـ 13 ألف إصابة ونحو 70 حالة وفاة يومياً، وسط تحذيرات من خروج الأوضاع عن السيطرة وعدم قدرة المستشفيات على استيعاب المزيد من الحالات الحرجة. ويتصدر العراق الدول العربية لناحية أعداد الاصابات التي تجاوزت حاجز مليون ونصف مليون إصابة، في وقت تجاوز فيه عدد الوفيات 18 ألف وفاة، بحسب عداد موقع "وورلد ميترز"، وسط تشكيك في الأرقام. إذ يتوقع خبراء أن تكون أعلى في ظل ضعف الإجراءات التنظيمية في المستشفيات وتوجه الكثير من المواطنين للعلاج على نفقتهم الخاصة بدلاً من المستشفيات الحكومية التي تعاني تراجعاً كبيراً في خدماتها.
وأثارت البطاقات المزورة هذه جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصاً أن الدوائر والمؤسسات الرسمية تطلب إبرازها. إلا أن حديث المدير العام لدائرة صحة بغداد الكرخ، جاسب الحجامي، عن وجود بطاقات تلقيح مزورة متورط فيها موظفون في القطاع الصحي، وتصل سعر البطاقة الواحدة إلى 200 دولار، زاد من تناقل المواطنين لهذه الأخبار. ونقلت وسائل إعلام محلية عن الحجامي قوله إنّ "الموظفين المشاركين في التزوير سيُفصَلون من الوظيفة ويحالون على القضاء". يضيف: "رافقت الأيام الأولى لانطلاق حملة التلقيح دفع رشىً وتزوير للحصول على بطاقة التلقيح التي تؤكد حصول الشخص على اللقاح من دون أن يكون قد تلقاه فعلاً. والآن هناك بطاقات مزورة يصل سعرها إلى مائتي دولار". 

ويصف هذا الفعل "بالمشين" الذي يشبه "من يدفع لقاتل مأجور ليقتله. أما من يحصل على الرشوة ويتولى التزوير فهو قاتل مأجور يتحمل إثم كل من مرض أو مات بسببه". هنا، يؤكد أن "البطاقة المزورة لن تنفع حين تصدر البطاقة الإلكترونية التي تعتمد البيانات الحقيقية المسجلة في دوائر الصحة"، مشيراً إلى أن "هناك أشخاصاً يجري التحقيق معهم حالياً في دائرة صحة الكرخ ساهموا في هذه الأفعال المشينة، وسيُفصَلون من الوظيفة ويُحالون على القضاء لينالوا جزاءهم العادل".
في المقابل، ينفي المدير العام لدائرة صحة كربلاء، صباح الموسوي، في حديث لـ "العربي الجديد"، وجود أو رصد أي عمليات بيع للبطاقات الصحية الخاصة بلقاحات كورونا، مؤكداً أن "التطعيم في كربلاء يجري بانسيابية عالية، وهناك إقبال واسع من قبل المواطنين على أخذ اللقاح"، محذراً في الوقت نفسه مما وصفه بـ "كارثة صحية في حال عدم استجابة المواطنين للتلقيح، لكون الإصابات إلى تزايد كبير بسبب التجمعات وعدم الوقاية الصحية".
وتنفي وزارة الصحة بيع بطاقات صحية مزورة. وتقول عضو الفريق الإعلامي الطبي في وزارة الصحة، ربى فلاح حسن، لـ "العربي الجديد"، إنه "ليس هناك بيع للبطاقات، لأنّها تحتاج إلى تسجيل على المنصة الإلكترونية، كما توثق البيانات في المراكز والمستشفيات الخاصة". وتشدد على أنّ "بيع البطاقات غير محتمل. ففي الأساس، اللقاحات مجانية والبطاقات مجانية. ما المانع من أخذ اللقاح الذي أثبت فاعليته حتى اليوم؟".

إلا أن مصادر في وزارة الصحة في بغداد تؤكد لـ "العربي الجديد" تتبع مصادر المعلومات التي تحدثت عن بيع بطاقات التطعيم المزيفة بالتعاون مع الأمن الوطني ووكالة الاستخبارات، مؤكدة أن بيان مدير صحة الكرخ في بغداد دفع السلطات إلى فتح تحقيق في الحادث. وعلى الرغم من نفي السلطات الأمر، يبقى من يؤكد، ومنهم المواطن علي جبار، حصوله على بطاقة مزيفة في مقابل 75 ألف دينار (نحو 50 دولاراً) من أحد الأشخاص في بلدة جنوبيّ العراق. ويشير، خلال حديثه لـ "العربي الجديد"، إلى عدم قناعته بأخذ اللقاح، لكونه أصيب سابقاً بالفيروس، ولم يكن تأثيره كبيراً، مؤكداً أن هناك من حصل على مثل هذه البطاقة بطرق مختلفة.
إلا أن الناشط الحقوقي معتز الجبوري، يؤكد أن مكاتب وعصابات متخصصة بالتزوير تتورط في الظاهرة الجديدة، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن البعض، بسبب الوقت الضيق، يعمد إلى شراء مثل هذه البطاقات أو الحصول عليها بوسائل ملتوية للدخول إلى الدوائر أو السفر، مبيناً أن الحكومة مطالبة بالتحرك والتعامل مع الموضوع وإيلائه أهمية كبيرة.

المساهمون