ندّدت هيئة علماء المسلمين في العراق، وهي من أبرز الواجهات الدينية في البلاد، اليوم الخميس، في بيان لها، بما سمته "تضليل الحقائق بشأن مقبرة حي الرفاعي في مدينة الموصل شمالي البلاد"، والتي انتشلت فرق الدفاع المدني منها رفات 145 شخصاً حتى الآن، بينهم أطفال ونساء قضوا خلال المعارك التي شهدتها المدينة بين عامي 2016 و2017.
ويأتي بيان الهيئة بالتزامن مع تقرير حقوقي لمرصد "أفاد"، المعني بشؤون حقوق الإنسان في بغداد، قال فيه إن "عدد الجثث المكتشفة تجاوز 140 في قبور متفرقة في حي الرفاعي خلف جامع بهاء الدين في الساحل الأيمن للموصل، غالبيتها هياكل عظمية ضمّت رجالاً ونساءً وأطفالاً، بينهم رضّع، قتلوا وفقاً لشهادات مسؤولين في مدينة الموصل بقصف جوي من طائرات التحالف الدولي"، متحدثا عن عمليات متعمدة لإخفاء حقيقة الضحايا الموجودين بالمقبرة.
وأصدرت هيئة علماء المسلمين في العراق بيانا موسعا اليوم الخميس، قالت فيه إنّه "كشف النقاب عن مقبرة تضم عشرات الجثث من الأطفال والنساء والرجال في حي الرفاعي بالساحل الأيمن من مدينة الموصل"، بفعل "القصف الحكومي وقوات التحالف الدولي على المدينة في سنتي (2016-2017م) أثناء الحرب على الموصل".
وأكّد البيان أن هناك "محاولة مفضوحة لتضليل الحقائق والتستر على هذه الجريمة وأسبابها ومرتكبيها وطبيعة الجثث الموجودة فيها، إذ منعت القوات الحكومية الصحافيين من تغطية هذه المشاهد أو مرافقة فريق انتشال رفات الضحايا"، لافتا إلى وجود أكثر من 20 مقبرة مماثلة في مدينة الموصل، كما شدد نقلا عن مسؤولين محليين على أن "هذه المقبرة الجماعية تضم ضحايا من أهالي منطقة حي الرفاعي والأحياء المجاورة لها".
|| بيان رقم (1494) المتعلق بانتشال أكثر من 145 جثة من مقبرة جماعية في الموصل؛ لأشخاص قتلوا في قصف القوات الحكومية وقوات الاحتلال على المدينة.
— هيئة علماء المسلمين في العراق (@amsiiraq) March 24, 2022
◻️ تفاصيل البيان: https://t.co/TS92uWmy1U pic.twitter.com/1DE97t1Ncg
واعتبرت الهيئة المقبرة بأنها "جزء من دلائل وشواهد خطيرة على ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في مدينة الموصل"، مُحمّلة حكومة رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي المسؤولية المباشرة عن هذه الجرائم والحكومات اللاحقة بـ"التستر عليها وتضليل الرأي العام بشأنها".
في السياق ذاته، نقل الصحافي العراقي محمد الكبيسي، عن دائرة الطب العدلي في مدينة الموصل، موقفاً جديداً قالت فيه إنّ اللجنة المسؤولة عن التحقيق بالمقبرة أخذت عينات DNA منهم، مُشدّدة على أنه "لا يمكن اتهامهم بأنهم مقاتلو "داعش""، في موقف مغاير عن التصريحات الأولية التي صدرت عن مسؤولين محليين قالوا فيها إن المقبرة لمسلحين من "داعش"، وهو ما أثار جملة ردود فعل شعبية منتقدة للتصريحات لوجود عظام أطفال وملابس نساء مع الرفات الذي تم انتشاله.
الطب العدلي في الموصل: اللجنة المسؤولة عن التحقيق برفات 140 شخصا عُثر عليهم أخذت عينات DNA لكنهم لا يمتلكون عينات سابقة، لذلك لا يمكن اتهامهم بأنهم مقاتلو داعش.#مقبرة_حي_الرفاعي_بالموصل
— محمد الكبيسي (@malkobaysi) March 24, 2022
الخبير بالشأن العراقي، أحمد الحمداني قال لـ"العربي الجديد"، إن القضاء العراقي مطالب بفتح تحقيق موسع وتشكيل لجنة للكشف عن كل المقابر بالمدن المحررة.
وأضاف الحمداني أن "هناك تلاعبا من قبل القوات الأمنية والحكومية بملف المقابر، عبر وضعها إما بخانة ضحايا الإرهاب أو أنهم مقاتلون من "داعش"، لكن الحقيقة أن كثيرا من المقابر هي لضحايا مدنيين قتلوا بالقصف الجوي والمدفعي والاشتباكات، وبعضها عمليات تصفية بدوافع انتقامية نفذتها مليشيات معروفة"، معتبراً أنّ "ردود الفعل الشعبية مهمة في الضغط على السلطات للاعتراف بحقيقة ضحايا هذه المقبرة".