العراق: مشروع واعد لتحويل النفايات إلى طاقة نظيفة

22 مايو 2024
تحويل النفايات إلى طاقة مشروع مثالي في العراق (حيدر حمداني/فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في 31 مارس، أعلنت هيئة الاستثمار في العراق عن مشروع لتحويل النفايات إلى طاقة نظيفة في بغداد، يهدف لمعالجة 3000 طن نفايات يوميًا، مع خطط للتوسع.
- خبراء البيئة والصحة يؤيدون المشروع لمواجهة التحديات البيئية ونقص البنية التحتية لإدارة النفايات، مما يحسن الظروف البيئية والصحية.
- تحويل النفايات إلى طاقة يقلل الحاجة لمكبات النفايات والحرق غير المراقب، مخفضًا انبعاثات الغازات الدفيئة ومساهمًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي وتعزيز الاقتصاد.

أعلنت هيئة الاستثمار في العراق في 31 مارس/ آذار الماضي أنها ستطلق أول مشروع في العاصمة بغداد لتحويل النفايات إلى طاقة نظيفة، ما جعل المواطنين يتفاءلون باحتمال أن يتخلص بلدهم من النفايات بطريقة آمنة تمهيداً للإفادة منها بدلاً من أن تظل مشكلة تلازم حياتهم.
وقال نائب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار سالار محمد: "فتحنا باب تقديم عروض لتنفيذ مشروع معالجة النفايات من أجل توليد الطاقة في بغداد، بهدف مواكبة التطور الحضاري في قطاع الطاقات المتجددة والمستدامة والنظيفة. وسيعمل المشروع بنظام الحرق التام لثلاثة آلاف طن من النفايات في بغداد يومياً، علماً أن كمياتها تتجاوز 10 آلاف طن يومياً، وسننقل المشروع إلى بقية المحافظات لاحقاً".
ولطالما ناشد خبراء عراقيون في مجال البيئة والصحة تنفيذ هذا المشروع. ويقول خبير المناخ والتنمية المستدامة أحمد حسن لـ"العربي الجديد": "يعاني العراق من تكدّس كميات كبيرة من النفايات. وتفيد إحصاءات بأن كمية النفايات السنوية تتجاوز 20 مليوناً، وهي خطرة جداً خصوصاً أنها لا تُعالج بطريقة صحيحة، لذا سيكون من النافع جداً استغلال الكميات بشكل صحيح عبر تحويلها إلى طاقة".
يتابع: "تشكل النفايات في العراق تحدياً بيئياً كبيراً لأن عوامل عدة تساهم في جعلها مشكلة خطيرة بينها نقص البنى التحتية لإدارتها، وعدم وجود نظام فعّال لجمعها وتدويرها. أيضاً من بين المشكلات التي تجعل النفايات مصدر خطر كبير تفشي الفقر الذي يدفع كثيرين إلى العمل في النفايات من دون تطبيق أي إجراءات سلامة، ما يعرّضهم لأمراض خطيرة، كما أن قلة الوعي البيئي تجعل السكان يساهمون في تكديس النفايات أو التخلص منها بطرق غير صحيحة".
ويؤكد خبير البيئة وتغيّر المناخ، محمد عبد الرحمن، في حديثه لـ"العربي الجديد": "تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة سيُساهم بفعّالية في تحويل الآثار السلبية التي يعاني منها الإنسان والحيوان والنبات في العراق إلى إيجابية، فخفض كمية النفايات التي تنتج في المدن وتحويلها إلى طاقة يُقللان الحاجة إلى مكبات نفايات والحرق غير المراقب، وبالتالي انبعاثات الغازات الدفيئة والتلوّث البيئي. إلى ذلك، يمكن استخدام النفايات المحوّلة إلى طاقة لمعالجة المياه وتحليتها، ما يساعد في الحفاظ على نظافة المياه وجودتها".

النفايات مشكلة تلازم حياة العراقيين (مرتضى السوداني/ الأناضول)
النفايات مشكلة تلازم حياة العراقيين (مرتضى السوداني/الأناضول)

ويشير إلى أن "حرق النفايات هي الطريقة التي تُعتمد منذ عقود طويلة للتخلص من النفايات، ما يتسبب في تلوّث خطير يؤثر على الحياة عموماً. أما تحويل النفايات إلى طاقة فيقضي على هذا النوع من التلوّث، ويقلل مخاطر الأمراض المرتبطة بتلوّث الهواء". ويؤكد أن تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة "سيُحسّن الظروف البيئية والصحية والاقتصادية للعراق ويحافظ على التنوع البيولوجي، ما يفيد حياة الإنسان والحيوانات والنباتات".
ويعاني العراق، البلد الغني بالنفط الذي يعدّ مصدر دخله الرئيسي، من مشاكل بيئية عدة تشمل، إلى التلوّث، ارتفاع درجات الحرارة وزيادة مساحات التصحر وانخفاض مستويات مياه الأنهر.
ويتبنى العديد من الجمعيات والمنظمات المدنية مشاريع وحملات ميدانية لمحاولة تخفيف مخاطر التلوّث وحماية البيئة، من خلال زراعة النباتات وتنظيف الشواطئ والشوارع والترويج للحفاظ على البيئة. وهي ترى أن دورها البيئي "يزداد صعوبة بسبب التحديات الكثيرة"، بحسب ما يقوله الناشط تحسين عبد الرحمن الذي يصف مشروع تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة بأنه "بداية لتحقيق نجاحات على طريق إنقاذ العراق من الملوّثات".

وباعتباره مطلعاً على المخاطر البيئية التي تهدد العراق، يرى عبد الرحمن أن الوضع البيئي للعراق "خطير جداً، وهو ما تؤكده تصنيفات عالمية متخصصة في مجال البيئة، والتي تضع العراق في مراتب متأخرة على صعيد نقاوة الهواء".
ويكشف مسح عالمي أجرته شركة سويسرية لتصنيع أجهزة تنقية الهواء أن العراق يحتل المرتبة الثانية بين أكثر دول العالم تلوّثاً، وأن العاصمة بغداد تأتي في المرتبة الـ13 من بين المدن الأكثر تلوّثاً في العالم. ويعتقد مواطنون بأن أمراضاً مختلفة يعانون منها ترتبط بالتلوّث الناجم عن انتشار مختلف النفايات وعدم معالجتها بطرق صحيحة.
وتقول تمارا حارث (28 سنة) لـ"العربي الجديد": "حين نسافر إلى دول أخرى، حتى تلك القريبة من العراق نجد أن الأجواء مختلفة. تكون السماء صافية والهواء نقياً، وهذا ما نفتقده في وطننا. ندعم أي عمل تتبناه الحكومة لتنقية الأجواء وتخليصها من النفايات والملوّثات لأنه يصب في مصلحتنا، خاصة أن كثيرين يعانون من أمراض خطيرة منها السرطان بسبب تلوّث الهواء".

المساهمون