العراق: فريق حكومي لمعالجة ظاهرة التسول بعد أيام من حملات اعتقال واسعة

11 مايو 2022
جهود للقضاء على التسول واعتقال العصابات التي تقوم بتأجير الأطفال(وليد الخالد/فرانس برس)
+ الخط -

كشفت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، عن وجود أكثر من 4 ملايين عراقي عاطل من العمل، مؤكدة أنها شكّلت فريقاً حكومياً لمعالجة ظاهرة التسول، عبر إيجاد الحلول الناجعة للحدّ منها، وذلك بعد أيام قليلة من تنفيذ الشرطة سلسلة من عمليات الاعتقال طاولت عشرات المتسولين في بغداد ومحافظات عديدة يستخدم بعضهم الأطفال الرضع وادعاء الإعاقة لكسب تعاطف الناس.

وقالت وكيلة وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، عبير الجلبي، مساء أمس الثلاثاء، في إيجاز صحافي قدّمته ببغداد إن "الوزارة سجلت أكثر من مليوني عاطل من العمل في قاعدة بياناتها، وهناك أعداد مماثلة للعاطلين غير مُسجّلين لديها، إلا أن ظاهرة تسول الشباب لا تنضوي أسبابها ضمن قلة فرص العمل، بل تعود إلى عوامل اجتماعية متمثلة بالتفكك الأسري وانتشار المخدرات، لاسيما في المناطق والمحافظات الفقيرة التي يلجأ أكثر أبنائها إلى العاصمة هرباً من واقعهم الصعب".

وأضافت الجلبي، أن "الوزارة تعمل ضمن فريق يضمّ وزارات الداخلية والأمن الوطني والتربية لغرض وضع خطة لمكافحة ظاهرة التسول في البلاد ووضع الحلول الناجعة لمكافحة التسول والحد منه".

الوزارة مستمرة بحملاتها الأمنية للقضاء على ظاهرة التسول، لا سيما وأن البعض من المتسولين يمارسون وسائل غير مشروعة

وأشارت الجلبي إلى "تنسيق الجهود الوطنية وتحديد متطلبات التعامل مع هذه الظاهرة، وتنظيم أدوار ومسؤوليات الجهات ذات العلاقة، وفق رؤية وطنية وسياسية شاملة، تشترك فيها كل الجهات والقطاعات الحكومية".

وبيّنت أن "رصد حالات التسول والتشرد للأحداث (القصّر الذين تقلّ أعمارهم عن السن القانونية) يقع على عاتق وزارة الداخلية، التي بدورها تنسق مع وزارة العمل لغرض إيداعهم في دور المشردين التابعة للوزارة، ممن تتراوح أعمارهم بين 12 إلى 17 عاماً، لغرض إعادة تأهيلهم وتدريبهم للحصول على عمل في حال تم الإفراج عنهم".

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، أكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، خالد المحنا، أن "الوزارة مستمرة بحملاتها الأمنية للقضاء على ظاهرة التسول، لا سيما وأن البعض من المتسولين يمارسون وسائل غير مشروعة تصل إلى حد ابتزاز المواطنين"، موضحا أن "مفارز الشرطة مستمرة في حملاتها لمكافحة الظاهرة".

وأضاف، أن "موضوع التسول يرتبط بعوامل كثيرة، حيث إن بعض المتسولين يعيشون تحت خط الفقر، فيضطرون للخروج للشارع للتسول من أجل سد حاجاتهم الضرورية، لهذا يجب على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شمول أكبر عدد من الفئات الفقيرة التي تعيش تحت خط الفقر، لكي يتسنى لوزارة الداخلية والأجهزة التنفيذية القيام بواجباتها تجاه ضبط المتسولين والمشردين"، مشدداً على "أهمية توفير البنى التحتية الخاصة لإيواء الأطفال المشردين وغيرهم".

المرشد الاجتماعي في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية العراقية، علي الساعدي قال لـ"العربي الجديد"، إنهم بحاجة إلى "مساعدة من البرلمان، تتضمن سنّ قانون لمعالجة ظاهرة التسول، ومن أبرز ما يجب أن يتضمن القانون هو بناء دور إيواء في كل المدن العراقية، لإيداع المشردين ومن ليس لهم مأوى بمن فيهم المتسولون، وتخصيص نفقات مالية لرعايتهم وإعادة تأهيلهم".

واعتبر أن اعتقال المتسول ليومين أو ثلاثة ثم إطلاق سراحه غير مجدٍ، إذ إن سبب المشكلة الذي أخرجه للشارع ما زال مستمرا، محذرا في الوقت ذاته من وجود عصابات تسول نشطة، جزء منها يتاجر بالبشر وينشط بعالم الجريمة خاصة في بغداد، وهم من يجب على الشرطة ضربهم وتفكيك شبكاتهم".

ووفقا لمدير عام الشرطة المجتمعية بوزارة الداخلية العراقية ببغداد، العميد غالب العطية، فإن "المديرية سجلت حالات لعصابات تقوم بتأجير الأطفال في عمليات التسول، وهذه تعد جريمة منظمة"، مبينا في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، أن "هذه العصابات تعاقب وفق القانون، بتهمة الاتجار بالبشر".

وأضاف أن "القانون ساعد القوات الأمنية في مواجهة هذه الحالة، وأن السجون اليوم امتلأت بتلك العصابات"، مؤكدا أن "العمل على هذا الملف مستمر من قبل الشرطة المجتمعية وبعض المؤسسات الأمنية".

وأشار إلى أن "مداخل ومخارج العاصمة بغداد، هي من أكثر الأماكن التي سجلت تواجد هذه العصابات، فضلا عن مناطق المزارات الدينية في محافظتي النجف وكربلاء، إذ إن هناك بعض العرب والأجانب يقدمون بقصد الزيارة، ويقومون باستغلال أطفالهم بعمليات التسول".

الخبير بالشأن العراقي أحمد الشيخلي، قال إن ظاهرة التسول باتت مصدر إزعاج كبير للأسر العراقية في الحدائق العامة وتقاطعات الطرق وحتى الأسواق والمجمعات التجارية، وقسم منهم يحرجون المواطنين خاصة العائلات والنساء ويلتصقون بالسيارات والأشخاص، وفي بعض الأحيان حين يعطونهم وحدات نقدية من فئات بسيطة يرمونها على صاحبها ويسمعونه شتائم.

وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن المشكلة باتت تستدعي تدخلا أمنياً، إذ إن عدد المتسولين المرتبطين بشبكات أو جماعات توزعهم على مناطق بغداد كبير، وهو يؤكد بالضرورة أن عملهم منظم ولصالح جهات خارجة عن القانون". معتبرا أن المتسولين حرموا شريحة أخرى وكبيرة من المواطنين المحتاجين من تقديم المساعدة لهم كنوع من التكافل في مثل هذه الظروف".

المساهمون