في تأجيل جديد، هو السادس من نوعه منذ عام 2012، أعلنت وزارة التخطيط العراقية، اليوم الثلاثاء، تأجيل إجراء التعداد السكاني العام للبلاد والمقرر نهاية العام الحالي، إلى العام المقبل، بسبب تأخر إقرار الموازنة المالية للوزارة، وعدم بدء التحضيرات اللازمة لإجراء التعداد، المقرر أن يشمل مؤشرات مختلفة، من بينها نسب الفقر والبطالة والسكن النظامي والحصول على الخدمات.
وفي منتصف فبراير/شباط الماضي، أكد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، المضي بعملية إجراء تعداد شامل للسكان يشمل مؤشرات وإحصاءات مختلفة، تساعد مؤسسات الدولة في وضع الخطط التنموية ومعالجة المشاكل العامة في البلاد.
منذ عام 2012، جرى تأجيل مشروع التعداد السكاني العام في العراق، لست مرات، لأسباب أمنية وسياسية مختلفة
ومنذ عام 2012، جرى تأجيل مشروع التعداد السكاني العام في العراق، لست مرات، لأسباب أمنية وسياسية مختلفة، أبرزها سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، على مساحات واسعة من العراق، وأخرى تتعلق برفض قوى سياسية إدراج حقل الطائفة ضمن أسئلة استمارة الإحصاء، واعتبارها ترسيخاً للطائفية ومخالفة للدستور.
واليوم الثلاثاء، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، إنه "تقرر تأجيل التعداد العام للسكان بسبب تأخر إقرار الموازنة، وانتهاء نصف السنة الحالية من دون إقرارها، لا سيما أننا نحتاج إلى تخصيصات مالية لتغطية عملية التعداد السكاني"، وفقاً لقوله.
مبيناً في تصريحات أوردتها وسائل إعلام عراقية، أن "هنالك بنى تحتية ومتطلبات تحتاج مدداً زمنية، لذا في ضوء عدم إقرار الموازنة صار من غير الممكن استكمال كل هذه المتطلبات في غضون الأشهر الستة المتبقية من السنة الحالية".
ولفت عبد الزهرة الهنداوي إلى أن "عملية التعداد العام للسكان تحتاج إلى توفير أجهزة لوحية وتصنيعها واستيرادها من الخارج، وكذلك تدريب العدّادين لمدة شهرين، فضلاً عن إجراء عمليات الحصر والترقيم التي تحتاج إلى أكثر من شهرين، وأيضاً إجراء التعداد التجريبي، وغيرها الكثير من التفاصيل التي تحتاج إلى مدة زمنية"، مؤكداً أنه "لم يعد هنالك متسع من الوقت يكفي لإنجاز كل هذه المتطلبات، لذلك جرى تأجيل هذه العملية إلى العام المقبل بشكل اضطراري".
وحول عدد سكان العراق الحالي المتوقع قال الهنداوي: "نتوقع أن يصل نفوس العراق إلى 43 مليون نسمة بنهاية العام الحالي 2023، موزعين بواقع 50.5% للذكور و49.5% للنساء".
وسبق لوزارة التخطيط العراقية، المسؤولة عن إجراء التعداد، المطالبة بمبلغ 120 مليار دينار (نحو 80 مليون دولار) لتأمين تكاليف إجراء التعداد العام في عموم مدن البلاد، وهو ما ضمنته الحكومة في موازنة العام الحالي، لكن عدم إقرار البرلمان لها حال من إطلاق تلك المبالغ للوزارة لإجراء التعداد.
الدكتور عمر عبد العزيز، أستاذ الجامعة المستنصرية في بغداد قال لـ"العربي الجديد"، إن "التعداد السكاني المرتقب يتضمن قياس معدلات الفقر، ومستوى الدخل، والخدمات في كل مدينة عراقية، كما يرصد مؤشرات اجتماعية مختلفة مثل الأمية والتعليم والصحة، لذا سيكون هناك حاجة لموظفي وزارتي التربية والتعليم العالي للمشاركة في المسح الميداني، كونهم الأقدر على أخذ البيانات من المواطنين".
وأضاف لـ"العربي الجديد"، أن إجراء التعداد يعني مغادرة العراق مرحلة التخمين والتكهن في مجال عدد السكان، ومدى حاجة كل محافظة للخدمات، لكن يجب أن يبقى الإجراء بعيداً عن أي حسابات سياسية أو حزبية".
وتعوّل السلطات العراقية على التعداد السكاني، الذي سيشمل بيانات اقتصادية ومعيشية وتعليمية، في رسم خطط طويلة وقصيرة المدى، لا سيما فيما يتعلق بتطوير البنى التحتية.
وتعتمد البلاد على أرقام تخمينية في تقدير عدد السكان سنوياً، وانتهى العام الماضي بتقديرات عند 42 مليون إجمالي سكان العراق.
ولم يتمكّن العراق من إجراء تعداد سكاني بعد عام 2003 لأسباب غالبيتها مرتبطة بجوانب سياسية، وكذلك خلافات بشأن محاولات تصنيف العراقيين إلى مكوّنات قومية ومذهبية من خلال التعداد.
وفي سبتمبر/أيلول من العام الماضي، أعلنت وزارة التخطيط العراقية، أنّه يتوقع أن يبلغ عدد السكان الإجمالي في البلاد 50 مليون نسمة بحلول عام 2030، وسط تحذيرات من تأخّر الحكومة بإعداد خطة شاملة لمعالجة أزمات السكن، والتعليم، والصحة، والبطالة، والفقر.