على الرغم من تأكيد الحكومة العراقية المتكرر حرصها على إغلاق ملف النزوح الداخلي في البلاد بإعادة جميع النازحين إلى مناطقهم، لا تزال عشرات آلاف الأسر العراقية غير قادرة على العودة إلى منازلها، بحسب وزارة الهجرة في بغداد.
بينما يؤكد مسؤولون أن عودة نازحي بلدة جرف الصخر، بمحافظة بابل جنوبي البلاد، وبلدات أخرى مثل يثرب والعويسات، ما زال صعبا بسبب سيطرة فصائل مسلحة ضمن "الحشد الشعبي"، على المنطقة ورفضها الانسحاب منها.
وقال وكيل وزارة الهجرة العراقية كريم النوري إن عدد الأسر المتبقية في مخيمات النزوح هو 39 ألفا، مؤكدا في حديث لصحيفة "الصباح" الرسمية أن أغلب النازحين يقطنون في مخيمات إقليم كردستان.
وجود خطة حكومية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان من أجل عودة جميع النازحين إلى مناطقهم الأصلية طوعا بهدف إغلاق ملف النزوح
ولا تحتسب الوزارة النازحين ممن يقيمون خارج المخيمات، إذ تتخصص بتقديم المساعدة لنازحي المخيمات، بينما يقدر إجمالي النازحين خارجها بأكثر من 750 ألفا يقيمون في مجمعات سكنية على نفقتهم في بلدات عدة بأربيل والسليمانية، إضافة إلى بغداد والأنبار.
وأشار النوري إلى وجود خطة حكومية بالتنسيق مع حكومة إقليم كردستان من أجل عودة جميع النازحين إلى مناطقهم الأصلية طوعا، بهدف إغلاق ملف النزوح بشكل نهائي، مبينا أن السلطات تمكنت خلال عام واحد من إغلاق 50 مخيماً للنزوح في 5 محافظات، وإعادة نحو 81 ألف أسرة من أصل 120 ألفا، بعد حل جميع المشكلات الأمنية والعشائرية وتوفير الخدمات.
وتابع وكيل وزارة الهجرة أن "الوزارة أعدّت خطة بالتعاون مع جهات ووزارات عدة لتسهيل عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية"، مضيفا "من خلال الخطة التي أعدتها الوزارة ونفذتها في عهد حكومة الكاظمي، تم حلّ جميع المشكلات العشائرية التي كانت تمنع النازحين من العودة إلى مناطقهم بالتنسيق مع الجهات الأمنية، وهو ما لم تستطع الوزارة تحقيقه خلال الأعوام الماضية".
وتشكلت الحكومة العراقية الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي في مايو/ أيار 2020، ووعدت عند بداية تشكيلها بحل أزمة النزوح بشكل نهائي، إلا أنها لم تتمكن من إعادة أهالي البلدات التي تحتلها المليشيات منذ سنوات وترفض الانسحاب منها، وأبرزها جرف الصخر، يثرب، العويسات، العوجة، ذراع دجلة، الثرثار، مجمع الفوسفات، مجمع بيجي، إضافة إلى مناطق أخرى وعشرات القرى أغلبها بمحافظات نينوى وصلاح الدين.
مسؤول حكومي في مديرية عمليات وزارة الهجرة قال، لـ"العربي الجديد"، طالبا عدم ذكر اسمه، إن هناك إصرارا لدى السلطات على طيّ صفحة النزوح بما فيها البلدات التي تنتشر فيها فصائل مسلحة، إلا أن الموضوع يحتاج إلى الوقت بسبب جوانب سياسية تحيط بالقضية.
وتابع "الجهات الموجودة في جرف الصخر، على سبيل المثال، تؤكد أن المنطقة غير جاهزة لاستقبال النازحين بسبب وجود مخاوف أمنية، وترفض حتى دخول الفرق الحكومية، بينما في العوجة، ترفض جهات أخرى فتح البلدة وإعادة أهلها عبر المماطلة وعدم الردّ على أي طلب حكومي.
وأكد عضو البرلمان يحيى المحمدي، في وقت سابق، أن الحكومة لم تتمكن من حسم ملف النزوح، مع أنها سبق أن تعهدت في أكثر من مرة بإنهاء الملف.
وتحدث المحمدي عن "وجود مناطق لم يعد أهلها لأسباب أمنية وأخرى سياسية، مثل جرف الصخر والعوجة، وأخرى لم يعد أهلها لأسباب تتعلق بعدم الحصول على تعويضات تمكنهم من بناء منازلهم التي دمرت بسبب الإرهاب، أو نتيجة لمشاكل عشائرية".
وتعدّ بلدة جرف الصخر، التي تزيد مساحتها عن 50 كيلومتراً مربعاً وتقع على مسافة نحو 60 كيلومتراً إلى الجنوب من العاصمة بغداد وإلى الشمال من محافظة بابل، واحدة من البلدات العراقية التي تستولي عليها الفصائل المسلّحة منذ 7 سنوات وتمنع أهلها من العودة، رغم محاولات سياسية وحكومية لإقناعها بالانسحاب منها.
ولم تتمكن الحكومات العراقية المتعاقبة، من ضمنها الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي، من استعادة السيطرة على جرف الصخر التي يسيطر عليها خليط من المليشيات المرتبطة بإيران، وأبرزها "كتائب حزب الله" و"سرايا الخراساني" و"عصائب أهل الحق" و"كتائب الإمام علي" وحركة "النجباء".