الطلاق في الأردن ثقافة جيل بلا صبر

28 يونيو 2022
قيمة الصبر والتحمل لدى المتزوجين لم تعد كما في السابق (أرتور فيداك/ Getty)
+ الخط -

أورد تقرير أصدره القضاء الأردني أخيراً أن عدد حالات الطلاق بلغ 28.703 العام الماضي في مقابل نحو 76 ألف زواج، أما عدد حالات الطلاق عام 2020 فبلغ 22.780.
وحدد التقرير نسبة الطلاق مقارنة بعدد الزيجات بـ 5.8 في المائة عام 2021، ونسبة قضايا التفريق القضائي بـ23 في المائة من إجمالي حالات الطلاق.
وأشار التقرير إلى انخفاض نسبة زواج القاصرات دون 18 (القاصرات) بنسبة 1.2 في المائة، وحدد نسبته من عقود الزواج بـ 10.6 بالمائة (8037)، وأكد رفض القضاء طلبات كثيرة بمنح الإذن بالزواج بسبب عدم استكمال الشروط التي تضمن تحقيق المصلحة المنشودة من العقود.
تقول المحامية الشرعية، روحية قدره، لـ"العربي الجديد": "عالج قانون الأحوال الشخصية في الأردن موضوع الطلاق ونظمه ووضع الكثير من الضوابط التي تناسب الطرفين المعنيين، استجابة لحساسية القضية وما ينجم عنها من آثار سلبية تنعكس على الأطفال والمجتمع. 
ومن خلال تعاملها مع قضايا كثيرة ترى قدره أن "غالبية أسباب الطلاق في الأردن تعود إلى عوامل اقتصادية واجتماعية، مثل تدخل الأهل، وعدم قدره الشاب تحديداً على تحمل المسؤوليات، فيما لم يعد الصبر والتحمل عند الفتيات كما كانا عليهما لدى الأمهات والجدات".
تضيف: "مواقع التواصل الاجتماعي والدراما من ثقافات مختلفة مثل التركية والهندية التي غزت المجتمع الأردني، أطلقت أحلاماً زائفة لدى جيل الشباب أثّرت سلباً على استقرار العلاقات الزوجية، ووصل الأمر أحياناً إلى الخيانات".
وانطلاقاً من تجاربها وتعاملها مع المحاكم، تشير إلى أن انتشار المخدرات والإدمان انعكس سلباً على استقرار الأسر، واستمرار العلاقات الزوجية. وتلفت أيضاً إلى أن "من أسباب الطلاق، التغرير والتدليس ومحاولة أحد الزوجين إخفاء العيوب ومعلومات تهم الطرف الآخر، مثل وجود أمراض وحالات صحية كالإصابة بالصرع والشحنات الكهربائية، والشعر زائد في أجسام الإناث على غرار الرجال، والعجز الجنسي عند الرجال، علماً أن إخفاء هذه الأمور الأساسية يتنافى مع عقد الزواج والغاية منه".
وترى أيضاً أن "الوضع الاقتصادي وانخفاض الرواتب وتدني الأجور مقارنة بغلاء الأسعار تتسبب في خلافات أسرية قد تتطور وصولاً إلى مرحلة الطلاق".
وتوضح أن "قانون الأحوال الشخصية الأردني عالج موضوع الطلاق والتفريق، وبين مواده الطلاق مقابل الإبراء وبسبب خلاف على المال، والافتداء الذي كان يسمى الخلع، وكذلك التفريق بسبب عدم دفع المهر، وعدم الإنفاق والسجن، وبسبب  حصول شقاق ونزاع، وظهور عيوب، فسخ عقد الزواج لعدم الكفاءة، وقضايا أخرى. والقانون لا يتطرق لأسباب الطلاق، بل يعالج المشكلات عبر وضع حلول واقعية لحل روابط الزواج غير المستقيم".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وترى قدره أن "الطلاق لا يرتبط بفئة عمرية محددة، لذا نجد طلب زوجين لم يكملا فترة شهر الطلاق، وكذلك الحال بالنسبة إلى زوجين مرتبطين منذ 50 عاماً، لكن النسبة الكبرى منهم متزوجون منذ فترات تتراوح بين سنة واحدة وعشر سنوات تقريباً".
من جهته، يقول أستاذ علم الاجتماع حسين الخزاعي لـ"العربي الجديد": "عدد حالات الطلاق كبير نسبياً بالنسبة إلى الأردن، وهو ما أعزوه بالدرجة الأولى إلى الوضع الاقتصادي الذي يؤثر خصوصاً في المراحل الأولى من الحياة الزوجية على توفير مستلزمات الزواج، والقدرة على الإنفاق على البيت خاصة، باعتبار أن البعض قد يفاجأ بحجمه بعد الاعتياد على العيش مع الأهل، وعدم الإنفاق أو المساهمة في المصاريف. وهكذا يحاول كثير من الناس الانسحاب من الزواج بسبب الأوضاع المادية، علماً أن تدني الأجور يجعل بعض الأشخاص عاجزين عن الإنفاق على الأسرة".

يبتعد المجتمع الأردني عن ثقافة الخوف من الطلاق (أرتور فيداك/ Getty)
يبتعد المجتمع الأردني عن ثقافة الخوف من الطلاق (أرتور فيداك/ Getty)

يضيف: "البطالة سبب مهم للتخلي عن الزواج. وتشير أرقام الإحصاءات إلى أن نسبة الأزواج العاطلين عن العمل تزيد عن 20 في المائة في المجتمع الأردني. وفي العادة لا يستطيع الزوج والزوجة الاستمرار معاً، فهما عاجزان في الأصل عن استئجار بيت يجمعهما".
واعتبر أن "حالات الطلاق في السنة الأولى كثيرة، بسبب عدم نظر بعض أفراد الجيل الجديد إلى الزواج كما الآباء والأجداد، فقيمة الصبر والتحمل لم تعد كما في السابق".

ويذكر الخزاعي أن ثقافة فئة واسعة من المجتمع الأردني تجاوزت ربط السبب الرئيسي للطلاق بالمرأة التي باتت اليوم تتمتع بشخصية ذات حضور اجتماعي قوي، وتملك ميزات العلم والمعرفة، وتشغل وظائف قد تجعلها تستقل بذاتها وتحقق مكانتها بمعزل عن الزوج، كما أن المجتمع بعيد عن ثقافة الخوف من الطلاق.
ويلفت إلى أن نسبة 20 في المائة من المتزوجات في الأردن مطلقات، وزال النفور من الزواج من مطلقات، ولم يعد يمثل مشكلة كما في السابق عندما كان الناس يبتعدون عن الزواج من مطلقات.

المساهمون