استطاع الطفل الفلسطيني، نور الدين فلفل، من حي النصر غربي مدينة غزة، بفضل ملاحظات أخيه الأكبر، دخول عالم البرمجة وتصميم الألعاب، منذ أن كان عمره 5 سنوات فقط.
نصائح أخيه كانت بداية الشغف بالنسبة له لدخول عالم التصميم والأرقام إذ تمكن من حل بعض المسائل الحسابية حتى قبل دخوله المدرسة، فقد طلب من شقيقه في السابعة من عمره تعلم المونتاج، ليصدم الجميع بتمكنه من "مونتاج" مقاطع فيديو.
يشرح الطفل نور الدين البالغ حالياً 13 سنة لـ"العربي الجديد"، دخوله هذا المجال، قائلاً: "بدأت أقوم بالمونتاج على شكل خدع بصرية للفيديوهات، وإضافة الأصوات والحركات في المونتاج، والفوتوشوب"، ليكمل رحلته الاستكشافية في عالم تصميم المواقع ويصمم أول موقع بعمر 11 عاماً، مضيفاً أن شقيقه كان الداعم الأول له، فقد كان يجلس بجانبه ويطلب منه التعلم في العديد من البرامج البصرية.
رحلة نور الدين لم تقف عند هذا الحد، اذ انضم لمركز "رُسُل" الذي يتبع لمعهد الأمل للأيتام ضمن مشروع تمكين الأطفال لمستقبل أفضل، من خلال اكتشاف مواهبهم وتطوير قدراتهم لمهن مستقبلية، ومع بداية انضمامه للمركز بدأ التعلم على برامج أكثر تخصصاً في التصميم، إذ قدم العديد من التصاميم داخل المركز. ورغم صغر سنه، اقتحم نور الدين عالم البرمجة، وأصبح أول طفل في غزة يحصل على دورات متخصصة في البرمجة ليتمكن بنفسه من تصميم الألعاب ثنائية الأبعاد D2، كذلك تمكن من تصميم 7 ألعاب، بينما يقوم بإعداد أخرى تضم 50 مرحلة.
يحلم الطفل بتطوير مستواه في البرمجة وتصميم الألعاب ليتحول إلى محترف في تصميم الألعاب ثلاثية الأبعاد، والألعاب "اونلاين"، كما يطمح لإنتاج لعبة شبيهة بلعبة "ماين كرافت"، وغيرها من الألعاب التي تعتمد على فك الألغاز.
صادفت نور الدين العديد من المواقف في المدرسة خصوصاً مع مادة التكنولوجيا، عندما كان معلم المادة يشرح لرفاقه عن البرمجة للمبتدئين، وخلال الشرح أخطأ الأستاذ بإحدى الخطوات ليصححها له نور الدين، ويحصل بعدها على إشادة من أستاذه.
طموحه أكبر من عمره
رغم صغر سنه، إلا أنَ طموحه في عالم البرمجة كبير، فهو يشعر مثلاً بالضيق من غياب العديد من المسائل المتعلقة بالبرمجة عن المناهج التعليمية، والتي يمكن من خلالها اكتشاف مواهب زملائه، إلا أنه في الوقت الحالي يطور أداءه بنفسه من خلال متابعة المبرمجين عبر الـ"يوتيوب".
رغم تركيزه على البرمجة في الوقت الحالي، يتطلع نور الدين إلى أن يتخصص في الجامعة بإنتاج الأفلام الكرتونية، ويؤسس عمله الخاص، ورغم الحصار والوضع الاقتصادي الصعب في غزة، يبقى طموحه أكبر من عمره ويتخطى حدود مدينته المحاصرة.
الدعم العائلي لنور الدين كان من أبرز أسباب نجاحه، فبعد سفر شقيقه، صديق، للعمل في تركيا، أكمل شقيقه صهيب المهمة. ويشرح أخوه لـ"العربي الجديد" كيف كان يحلّ المسائل الحسابية لشقيقه الذي يكبره بست سنوات. كانت والدته تطرح المسائل الرياضية على أخيه فكان نور الدين السباق إلى حل المسائل الرياضية بسلاسة. ويكمل صهيب حديثه قائلاً: "أخي متفوق جداً في الدراسة ومن المميزين في مدرسة اليرموك الإعدادية، وعندما انضم لمركز رُسُل، كانت إحدى الشروط اجتياز اختبار الذكاء، ليحصل بعدها على المركز الثالث على مستوى قطاع غزة في مستوى الذكاء العقلي -العلمي، كما حصلت شقيقته مِسك على المركز الأول لأنّها تمتلك موهبة في الشعر والإلقاء في القسم الأدبي".
ويكمل أفراد العائلة الحديث بفخر عن نور الدين، فهو أصبح يقوم بالتصميم للمؤسسات داخل القطاع، خصوصاً للمحال الصغيرة، بينما تتطلع العائلة ليصبح ابنها أحد المبرمجين العالميين.
ورغم قلة الإمكانيات وصعوبة الأوضاع في قطاع غزة المحاصر، إلا أنّ نور الدين بحاجة للاهتمام الكافي الذي يدعم طريقه لتنمية موهبته، بعيداً عن سياسة طمس المواهب في ظل غياب الاهتمام الرسمي بالمواهب، هذا عدا عن الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة للغزيين.
ليست تجربة نور الدين فلفل الأولى من نوعها في قطاع غزة، لمن هم في مثل عمره، إذ سبق للطفل الغزي، محمد الحليمي، المشاركة في مسابقة عالمية لشركة "ميكروسوفت" مع وصوله إلى النهائيات، وكان دخوله عالم التصميم تماشياً مع متطلبات برمجة الألعاب، كونها تحتاج إلى تصميم الأشكال والأجسام الخاصة باللعبة قبل عملية برمجتها وتحريكها. يقول عن ذلك: "كانت تجربتي الأولى وأنا في سن السابعة، حينما صنعت لعبة الثعبان عبر برنامج سهل وبسيط من ضمن برامج صناعة الألعاب".