الشيخوخة تجتاح العالم: أوروبا الأكثر تأثراً

03 فبراير 2023
الشيخوخة تجتاح العالم..
+ الخط -

تتزايد التقارير التي تحذّر من مخاطر انخفاض نسب المواليد في عدد من الدول، لا سيّما الأوروبية منها، وتحوّلها إلى "الشيخوخة السكانية". ويهدّد تغيّر الخصائص الديموغرافية لتلك الدول قدرتها على البقاء، إذ إنّ اليد العاملة المتمثلة من الشباب والبالغين هي المحرّك الرئيس لأيّ قطاع حيوي.

وبينما تخطّى عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة في عام 2022، فإنّ الأرقام الصادرة عن عدد من مراكز الإحصاء أشارت إلى أنّ قارتَي آسيا وأوروبا شهدتا انخفاضاً ملحوظاً في عدد المواليد خلال العام المنصرم.

وهذا الأسبوع، حذّر الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك من تلاشي دولة إيطاليا بسبب انخفاض معدّلات الخصوبة، وقال إنّ "إيطاليا ودولاً أخرى عديدة تحتضر". كذلك، أشارت تقارير صندوق النقد الدولي الخاصة باقتصادات متقدمة عديدة، بما فيها ألمانيا، إلى أنّ الشيخوخة تمثّل عامل قلق لتقدّم هذه الاقتصادات، بسبب انخفاض العمالة الفتية وارتفاع الإنفاق على الرعاية الصحية وأجور المتقاعدين.

وكشف تقرير صادر عن مكتب الإحصاءات الأوروبي "يوروستات" (تابع للمفوضية الأوروبية)، في يوليو/ تموز الماضي، انخفاضاً جديداً في عدد سكان دول الاتحاد الأوروبي في عام 2021، بعد أوّل انخفاض في النموّ السكاني في عام 2020 بسبب تأثير جائحة كورونا.

وأعاد التقرير الأوروبي السبب إلى "التغيّر السلبي" في النموّ السكاني الناتج عن ارتفاع عدد الوفيات مقارنة بأعداد المواليد. وذكر أنّ عدد سكان دول الاتحاد لم يزد على مدار نحو 62 عاماً إلا بمقدار 92.3 مليون نسمة، إذ ارتفع من 354.5 مليوناً في عام 1960 إلى 446.8 مليوناً في الأوّل من يناير/ كانون الثاني من عام 2022. وشكّلت ألمانيا وفرنسا وإيطاليا معاً ما يقرب من نصف (47 في المائة) إجمالي سكان الاتحاد الأوروبي في يناير 2022.

أوروبا تشيخ

وبحسب ما أفادت تقارير رسمية، شهدت ثماني دول يزيد عدد سكانها عن 10 ملايين نسمة انخفاضاً في عدد سكانها في العقد الماضي. فإلى جانب أوكرانيا التي انخفض عدد سكانها على خلفية الحرب الروسية، فإنّ أعداد السكان في إيطاليا والبرتغال وبولندا ورومانيا واليونان آخذة أيضاً في الانخفاض.

وانخفض عدد سكان إيطاليا في العامَين الماضيَين بنحو 230 ألف نسمة، فهو بلغ بحلول فبراير/ شباط الجاري نحو 60 مليوناً و232 ألف نسمة مقارنة بـ60 مليوناً و461 ألفاً في عام 2020، وفقاً لتقديرات الأمم المتحدة لعام 2020.

وفي البرتغال، سُجّل انخفاض بنحو 60 ألف نسمة، إذ بلغ تعدادها السكاني حتى فبراير/شباط الجاري نحو 10 ملايين و120 ألف نسمة مقارنة بـ10 ملايين و196 ألفاً في عام 2020.

من جهتها، أوضحت بيانات مكتب الإحصاء المركزي في بولندا أنّ عدد السكان انخفض بمقدار 141 ألف نسمة في عام 2022، وهو ما يُعَدّ أكبر انخفاض لعدد المواليد في البلاد، وهو أدنى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية. وبلغ عدد سكان بولندا بحلول فبراير الجاري 37 مليوناً و739 ألف نسمة.

وتراجع عدد سكان رومانيا كذلك من 19 مليوناً و237 ألف نسمة في عام 2020 إلى 18 مليوناً و907 آلاف بحلول فبراير الجاري.

وشهدت اليونان تراجعاً بأكثر من مليون نسمة منذ عام 2000، إذا بات عدد سكانها 10 ملايين و200 ألف نسمة مقارنة بنحو 11 مليوناً قبل أكثر من عقد.

وبيّنت تقارير أنّ السبب المشترك في تراجع نموّ السكان في هذه الدول هو انخفاض معدّلات الخصوبة، الأمر الذي يعني أنّ النساء صرنَ ينجبنَ عدداً أقلّ من الأطفال في المتوسّط. وذكر البنك الدولي أنّ معدلات الخصوبة سجّلت ما بين 1.2 إلى 1.6 طفل لكلّ امرأة في دول جنوبي أوروبا وشرقيها، في حين أنّ ثمّة حاجة إلى معدّل خصوبة يتخطّى طفلَين اثنَين للحفاظ على استقرار النموّ السكاني.

وتُضاف إلى تراجع النموّ السكاني موجة النزوح الجماعي الضخمة التي اجتاحت بولندا ورومانيا واليونان، إذ تغادر أعداد أكبر من الناس بلدانهم للعيش خارجها.

وخارج أوروبا، تشهد اليابان كذلك انخفاضاً في نموّها السكاني، ويعود ذلك إلى حدّ كبير إلى معدّل الخصوبة المنخفض البالغ 1.3 طفل لكلّ امرأة. وقد فقدت اليابان أكثر من ثلاثة ملايين نسمة ما بين عامَي 2011 و2021، وفقاً للبنك الدولي.

وينطبق الوضع نفسه على سورية، إذ تشهد البلاد انخفاضاً في عدد سكانها على خلفية الحرب وفرار ملايين السوريين واللجوء إلى بلدان مجاورة. وبحسب تقديرات المرصد السوري، قُتل نحو 606 آلاف رجل وامرأة وطفل خلال أعوام الحرب في البلاد.

قرن بلا مواليد

وفي يناير المنصرم، كشفت الصين عن انخفاض عدد مواليدها في عام 2021 إلى مستوى غير مسبوق منذ عام 1978 على أقلّ تقدير. وبلغ معدّل الولادات في أكثر دول العالم تعداداً للسكان 7.52 ولادات لكلّ ألف نسمة في عام 2021، وفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، فيما بلغ 8.52 ولادات في عام 2020.

وفي تقرير حول التوقعات السكانية في العالم صدر في عام 2022، قدّرت الأمم المتحدة أن تفقد الصين نحو نصف سكانها بحلول عام 2100، لتنخفض من أكثر من 1.4 مليار نسمة إلى 771 مليوناً. ووفقاً لتوقّعات المنظمة الأممية، فإنّ عدد الصينيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و64 عاماً سوف ينخفض بنسبة أكثر من 60 في المائة هذا القرن.

وتأثّرت الاتّجاهات السكانية في الصين على مرّ الأعوام إلى حدّ كبير بسياسة الطفل الواحد المثيرة للجدل، والتي أُقرّت في عام 1979 لإبطاء النموّ السكاني، ففرضت غرامات على العائلات التي انتهكت القواعد وقد فقد أفرادها وظائفهم في بعض الحالات. وفي عام 2016، ألغت الصين سياستها تلك وسمحت للأزواج بإنجاب طفلَين، إلا أنّه تبيّن أنّ زيادة معدّلات المواليد أصعب بكثير من تخفيضها.

كذلك بيّن التقرير الأممي ذاته أنّ أربع دول من بين الدول العشر التي تضمّ أكبر عدد من السكان سوف تسجّل أعداداً أقلّ بحلول نهاية القرن مقارنة بما تملك الآن؛ وهي الصين والبرازيل وروسيا والمكسيك.

ولفت التقرير إلى أنّ روسيا سوف تستمرّ في التراجع على مستوى النموّ السكاني، إذ ينخفض عدد سكانها من 145 مليون نسمة في عام 2022 إلى 133 مليوناً في عام 2050، ثمّ إلى 112 مليوناً في عام 2100.

وسوف تشهد المكسيك ارتفاعاً في عدد مواليدها ليصل إلى 144 مليوناً في عام 2050، ثمّ تتراجع إلى 116 مليوناً في عام 2100.

وفي البرازيل التي يبلغ عدد سكانها حالياً 215 مليون نسمة، فسوف يرتفع العدد إلى 231 مليوناً في عام 2050، لكنّه سوف ينخفض إلى 185 مليوناً بحلول نهاية القرن.

أمّا كوريا الجنوبية فقد أحدثت مفاجأة في الأعوام الأخيرة، من خلال تسجيلها انخفاضاً في معدّل المواليد، إذ يبلغ الآن أقلّ من 0.9 طفل لكلّ امرأة، وهو أدنى بكثير من أسوأ الحالات التي كان من الممكن الإشارة إليها قبل بضعة أعوام. ومن المتوقّع، في غضون عامَين، أن يتخطّى خُمس السكان في كوريا الجنوبية 65 عاماً، وفقاً لوكالة الإحصاء الوطنية.

ذات صلة

الصورة
تطالب جمعيات رعاية الحيوان بتعامل رحيم مع الكلاب (فريد قطب/الأناضول)

مجتمع

تهدد "كلاب الشوارع" حياة المصريين في محافظات عدة، لا سيما المارة من الأطفال وكبار السن التي تعرّض عدد منهم إلى عضات استدعت نقلهم إلى المستشفى حيث توفي بعضهم.
الصورة
شهادات الميلاد لازمة للحصول على الخدمات (محمود عيسى/الأناضول)

مجتمع

تعتبر أزمة إصدار شهادات الميلاد لأطفال غزة المولودين خلال فترة العدوان إحدى أبرز العقبات التي تواجه أسر الأطفال، إذ تحرمهم من الخدمات.
الصورة
الطفل الفلسطيني يزن الكفارنة في مستشفى في رفح في قطاع غزة (جهاد الشرافي/ الأناضول)

مجتمع

في اليوم الـ150 من الحرب على قطاع غزة، توفي الطفل الفلسطيني يزن الكفارنة البالغ من العمر 10 أعوام، نتيجة إصابته بسوء تغذية حاد وسط نقص كبير في الإمدادات.
الصورة
فقدت أمهات غزة عشرات من مواليدهن (دعاء الباز/الأناضول)

مجتمع

يفتقر قطاع رعاية الأطفال إلى الكثير من الاحتياجات الأساسية، في ظل شح المساعدات المخصصة لمستشفيات قطاع غزة، خصوصاً مستلزمات المواليد الجدد.
المساهمون