استمع إلى الملخص
- استغل حزب ديمقراطيو السويد الحادثة للدعوة إلى تشديد القوانين، بينما رفض اللاجئون تعميم الحادثة عليهم، مؤكدين على ضرورة عدم التعميم.
- كشفت التحقيقات عن سجل جنائي طويل للمعتدي، مما أدى إلى الحكم عليه بالسجن والترحيل، وأثار نقاشاً حول تشديد قوانين ترحيل المخالفين.
فجّر اعتداء على مسنّة سويدية (91 عاماً) على يد لاجئ من أصول عربية، في الآونة الأخيرة، نقاشاً وغضباً، بسبب ما وُصف بـ"تراخي القوانين" وفشل سياسات اللجوء والهجرة في البلد. وخلّف الاعتداء الذي وقع في شهر أغسطس/ آب الماضي حالة من الصدمة في البلد الاسكندنافي الذي يضم نحو مليونين ونصف مليون مواطن مقيم ممن ولدوا خارجه (من بين نحو عشرة ملايين ونصف مليون).
وأدّى الحكم الصادر، أخيراً، على المعتدي إلى سجال حول انتهاج حكومة يسار ويسار الوسط السابقة سياسات متسامحة، مع قدوم عشرات الآلاف من اللاجئين في عام 2015، دون تحقيق سياسات دمج ناجحة.
العجوز كريستا والقلادة الذهبية
تعود قصة المسنة السويدية الأرملة كريستا إلى شهر أغسطس/ آب الماضي. فقد كانت معتادة أسبوعياً على حمل باقة ورود تضعها على قبر زوجها، مرتدية ألواناً زاهية وقلادة ذهبية أهداها لها زوجها قبل نصف قرن. وحين كانت كريستا تصعد درج محطة قطارات ضاحية سولينتونا في استوكهولم قادها حظها العاثر إلى تتبع لص عنيف لها على الدرج، محاولاً انتزاع القلادة من رقبتها بالقوة. دافعت المسنة عن القلادة والحقيبة. وقد أظهرت كاميرا المراقبة العجوز تتدحرج على الدرج مع المعتدي الذي تمكن من انتزاع العقد والهروب من المكان. وبدلاً من زيارة قبر زوجها نقلت كريستا إلى المستشفى بكسر في الرقبة والساقين. وذلك وسط ذعر وهروب نساء أخريات. ويبدو أن شريط المراقبة جعل الشرطة تتعرف إلى المعتدي، الذي كان معروفاً لها منذ سنوات.
عودة انتشار الفيديو، تزامناً مع محاكمة المعتدي في الأسبوع الماضي، أعادت السجال مجدداً حول العنف في المجتمع، فيما يستغل أقصى اليمين السويدي المتشدد، حزب ديمقراطيو السويد، الحادثة للدفع نحو المزيد من القوانين المتشددة، وخصوصاً حيال تسريع ترحيل مخالفي القوانين. بل حتى إن الاعتداء على المسنة أثار بين لاجئي السويد ومهاجرين من أصول عربية رفضاً واسعاً، وندّد مهاجرون ولاجئون وجمعيات مختلفة به، ويأمل كثيرون منهم في حديثهم لـ"العربي الجديد" في استوكهولم "ألّا يجري التعميم على اللاجئين والمهاجرين".
سجال في السويد حول العنف
يتزايد السجال في السويد حول العنف، مع احتدام عنف الرصاص والمتفجرات في حرب عصابات الممنوعات في ضواحي مختلف المدن، وبعض منتسبي ومتزعّمي تلك المجموعات هم من أصول مهاجرة. وقد أودى العنف وتبادل إطلاق النار والتفجيرات بحياة عشرات الضحايا ممن لا علاقة لهم بحرب العصابات، وبينهم أطفال وآباء وربات منازل. وساهم تراكم الإحباط والغضب من توسع العنف في تحول الاعتداء إلى قضية رأي عام، ما وسّع النقاش حول اللاجئين وسياسات الهجرة عموماً، إذ يطالب زعيم أقصى اليمين (ديمقراطيو السويد) جيمي أكيسون بالمزيد من التشدد. ويؤمن حزبه أغلبية برلمانية لحكومة ائتلاف يمين الوسط برئاسة رئيس الحكومة أولف كريسترسون.
سجل جنائي طويل
بيّنت التحقيقات أن الشاب المحكوم ومنذ وصوله لاجئاً في عام 2015 عرفته عن قرب المحاكم والسجون السويدية. ورغم أن الشرطة السويدية لم تعثر حتى اليوم على قلادة الجدة كريستا، إلا أنها خففت من وقع الصدمة والحسرة باعتقال المعتدي سريعاً. وكشف الاعتقال والمحاكمة عن مزيد من أسباب السجال المنتقد بشدة للتشريعات السويدية، إذ تتعالى أصوات المطالبين بالحزم أكثر لتسريع ترحيل المخالفين للقوانين إلى بلادهم الأصلية.
وتشير مداولات القضية إلى أن الشاب الذي حضر وحيداً (تحت الثامنة عشرة) سرعان ما كشف عن ميول إجرامية. وبحسب ما نشرت الشرطة في استوكهولم فقد جرى اعتقاله بعد فترة وجيزة من قدومه لاجئاً في الساحة الرئيسة وسط استوكهولم سيرغليس تورغ (حيث يتجمع شبان من أصول لاجئة) بتهمة حيازة الحشيش. وبعد عامين من اللجوء، أي في 2017، حكم بالسجن خمسة أشهر، بعد الاعتداء على مفتش تذاكر المواصلات العامة.
وتوالت القائمة من اعتداء جنسي على فتاة قاصر وسطو على رجل في 2018، لتوسع صحيفته الجنائية، وفقاً للصحافة المحلية، كحيازة المخدرات، ثم حكم بخمسة أشهر في 2020 بعد سرقة نقود امرأة مسنة كانت تسحب نقودها من ماكينة الصراف الآلي.
ودين بجريمة اغتصاب عنيف في خريف 2021، وحكم بالسجن لمدة سنتين وستة أشهر. وساهم الكشف عن خروجه المبكر من السجن، في 2022، بمزيد من النقاش الذي اعتبر أن جرائمه تثير ذعراً اجتماعياً، بحسب زعيم اليمين المتشدد أوكيسون، الذي تساءل: "لماذا كان يجب الانتظار كل هذا الوقت ليحكم عليه بالطرد من البلاد؟"، وذلك بعد أن حُكم على الشاب في الأسبوع الماضي في جريمة الاعتداء على المسنة بالسجن خمس سنوات ونصف السنة وترحيل دائم من السويد بعد انقضاء المحكومية.
في غضون ذلك، فإن حالة الغضب تنتشر في السويد، بعد ربط الاعتداء على كريستا المسنة بتاريخ الشخص الجنائي، إذ أصبحت أحزاب سياسية أخرى، من يمين ويسار الوسط، تدعو إلى التشدد في مسألة الإبعاد (الترحيل) من السويد لمرتكبي المخالفات القانونية. وتكشف التقارير الشرطية السويدية عن وجود كثيرين ممن يُفترض ترحيلهم إلى بلادهم الأصلية. وينضم المزيد من الأحزاب السويدية إلى فكرة ضرورة تبنّي تشريعات تُتيح إبعاد مخالفي القوانين السويدية حتى إلى الدول التي تعتبر غير آمنة للاجئين، وسط نقاش أوسع عن تفاقم التحديات المتعلقة بسياسات الهجرة والدمج في السويد.