اعتمدت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا، أخيراً، تقنية جديدة للبحث عن سرطان القولون، وأرسلت إلى 11000 مريض، في كافة أنحاء البلاد، كبسولة صغيرة، هي عبارة عن كاميرا يتمّ ابتلاعها لالتقاط صور داخل الجسم، للتحقّق من السرطان.
وبحسب صحيفة "ذي إندبندنت"، فإنّ الكاميرات ليست أكبر من كبسولة دواء، تقوم بتصوير دقيق كلّ ثانيتين، وترسل البيانات إلى جهاز شريك يتمّ ارتداؤه حول الخصر.
وبحسب الخبراء، فإنّ هذه الآلية التي اعتمدتها أخيراً هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا، هي بديل أبسط للتنظير الداخلي التقليدي، حيث يتمّ وضع أنبوب في جسم المريض بكاميرا للبحث عن سرطان القولون.
ووفق ما وصفه الخبراء، فإنّ الاستعانة بهذه الكبسولات ستساعد كثيراً في تأمين مستوى عالٍ من الرعاية الصحية للمرضى. كما ستساعد الصور المنقولة من داخل أجسادهم أثناء الإجراء، الأطباء في تحديد ما إذا كان الشخص مصاباً بسرطان الأمعاء، وهو ثاني أكثر أشكال المرض فتكاً في المملكة المتحدة.
وتمّ اعتماد هذه التقنية بعدما اضطرت العديد من المستشفيات إلى إلغاء وتأخير عمليات التنظير الداخلي أثناء جائحة فيروس كورونا والقواعد الجديدة التي فرضتها حماية الموظفين والمرضى من العدوى.
وقالت هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنكلترا، في بيان، إنّ "هذه الكاميرات، المعروفة باسم (كبسولة التنظير الداخلي للقولون)، تستغرق ما بين خمس وثماني ساعات لتقديم صور للأمعاء، بينما يقضي المرضى يومهم المعتاد".
تمّ استخدام هذه التكنولوجيا لسنوات في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تمّ ترخيصها منذ العام 2001، كما أطلقت المستشفيات الاسكتلندية خطة مماثلة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
تأمل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة في أن تساعد هذه التقنية في الكشف المبكر عن الإصابة بسرطان الأمعاء، ما يسهّل العلاج، إذ تعتبرها بمثابة اختبار وقائي.
وسيُعرض على حوالي 11000 مريض، يعانون من أعراض محتملة لسرطان الأمعاء، خيار ابتلاع الكبسولة كبديل لإجراء تنظير داخلي قياسي.
تواجه هيئة الخدمات الصحية الوطنية تراكماً كبيراً للاختبارات التشخيصية والإحالات من الأطباء العامين، ما يثير مخاوف من احتمال وجود عدد كبير من السرطانات غير المشخّصة. وأظهرت أحدث البيانات لشهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أنّ 350 ألف مريض في إنكلترا ينتظرون أكثر من ستة أسابيع لإجراء اختبار تشخيصي رئيسي، مثل التنظير الداخلي. في ديسمبر 2019، كان هناك 41906 مرضى فقط ينتظرون أكثر من ستة أسابيع.
وبحلول يناير/ كانون الثاني الماضي، ألغت المستشفيات في جميع أنحاء البلاد جميع الجراحات التي تهدد الحياة، بما في ذلك بعض أنواع السرطان، بسبب جائحة كورونا.
يقول إد سيوارد، الخبير الرئيسي في استخدام هذه التقنية، لصحيفة "ذي إندبندنت": "لا تزيد كبسولة القولون من قدرتنا التشخيصية فحسب، بل هي أيضاً تتيح إجراء الفحص في منزل المريض، أي لا يحتاج الأمر الدخول للمستشفيات، وبالتالي، فهي وسيلة رائعة للمرضى الذين قد يكونون متحصّنين أو حذرين بشأن الذهاب إلى المستشفى، إذ يمكنهم إجراء العملية براحة في منازلهم".
من جهته، اعتبر الرئيس التنفيذي لهيئة الخدمات الصحية الوطنية، السير سيمون ستيفنز، أنّ "هذا الابتكار يساعد في توسيع خدمات العديد من الحالات المرضية". وقال: "لهذا السبب، نحن الآن في طور التجربة، التي ستسمح لنا بالكشف عن المزيد من الأشخاص المصابين".
وأضاف، بحسب صحيفة "ذا غارديان"، أنّ "هذا الإجراء، المعروف باسم (كبسولة التنظير الداخلي للقولون)، هو مثال على طب (الخيال العلمي) الذي يتمّ نشره بشكل متزايد لتحسين الرعاية"، واصفاً الكبسولات بأنها "تحوّل كبير في الرعاية الصحية خارج المستشفيات، وسنشهد المزيد من التشخيص والعلاج للمرض في المنزل".
ووفق صحيفة "ذا تايمز" البريطانية، فقد تمّ استثمار ما مجموعه 150 مليون جنيه إسترليني في معدّات التشخيص، مثل مجموعة التنظير الداخلي وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، وأجهزة التصوير المقطعي.
ووفق أندرو جودارد، رئيس الكلية الملكية للأطباء، فإنه "يجب أن يكون مستقبل الرعاية الصحية أقرب إلى المنزل، بدلاً من زيارة المستشفيات". وتابع، بحسب صحيفة "ذا غارديان": "نأمل بأن ينقذ هذا بعض الأشخاص من الاضطرار إلى إجراء تنظير القولون، لكنهم سيظلون بحاجة إلى زيارة المستشفيات لإجراء فحوصات تتعلق بسرطانات الأمعاء، إذ يقول الكثيرون (إنه أسوأ جزء في تنظير القولون)".