الحكم على وزيرة هجرة دنماركية سابقة بالسجن في قضية تتعلق باللاجئين

13 ديسمبر 2021
بقيت ستويبرغ مصرّة على موقفها خلال المحكمة (مادز كلاوس راسموسن/فرانس برس)
+ الخط -

بعد أسابيع على بدء محاكمة وزيرة الهجرة الدنماركية السابقة، أنغا ستويبرغ، أمام قضاة المحكمة العليا في كوبنهاغن، صدر حكم من القضاة الـ26 ضدّها، بالسجن غير المشروط شهرين، بسبب إهمالها الجسيم للقوانين. واستمعت المحكمة إلى أكثر من 100 شاهد في القضية واطّلعت على وثائق ومراسلات واتصالات هاتفية في وزارة الهجرة ودائرة الأجانب.  

وكانت ستويبرغ، المعروف عنها تشدّدها في سياسة الهجرة والدمج، أثارت زوبعة قضائية وسياسية بعد الكشف عن أنها أصدرت ما يشبه "توجيهات" سرية لموظفي "دائرة الأجانب والهجرة" بفصل الأزواج السوريين (28 زوجاً) عن بعضهم في يناير/كانون الثاني 2016. وتذرّعت الوزيرة التي كانت عضواً في حزب "فينسترا" الليبرالي، برئاسة رئيس الحكومة السابق، لارس لوكا راسموسن، في أوج أزمة اللجوء، أنّ سياستها تلك هدفت إلى "حماية الزوجات القاصرات"، خصوصاً مع قدوم لاجئات زوجات تتراوح أعمارهن بين 15 و17 سنة، وهنّ في قوانين الدنمارك "طفلات" غير راشدات، عشن مع أزواج يكبرهن بأكثر من 10 و15 سنة. 

 وكتبت الوزيرة السابقة على صفحتها الخاصة على فيسبوك في 25 يناير/كانون الثاني 2016 (أثناء توجّهها لاجتماع الاتحاد الأوروبي في بروكسل حول سياسات اللجوء، وسط عاصفة سياسية بسبب تشدّد بلادها)، ما يشبه "توجيهات ضمنية" لدائرة الهجرة، وفقاً للقانونيين الذين انتقدوا تصرّفها، "للتدخل الفوري لوقف الطفلات العرائس عن العيش مع الأزواج"، معتبرة وجود زوجات قاصرات في معسكرات اللجوء "يتعارض وقوانين وقيم الدنمارك". وكشفت الأدلة عن أنّ بيان صحافي صدر في 10 فبراير/شباط 2016، اعتُبر "توجيهاً لدائرة الأجانب لمباشرة فصل الأزواج"، وفق ما قدّمه الادعاء العام في القضية. 

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

 وأدّى الكشف في 2017 عن تطبيق "التوجيهات" غير القانونية، إلى أزمة سياسية وقانونية عميقة في البرلمان الدنماركي، الذي لم يتمكن من التصرف حيال ستويبرغ في ظلّ حكم يمين الوسط، ودعم اليمين القومي المتشدد لها، إلى أن تغيّر البرلمان إلى أغلبية من يسار ويسار الوسط في 2019. 

وبعد نتائج تحقيق برلماني لأشهر في ديسمبر/كانون الأول 2020، اضطرت الأغلبية النيابية في فبراير/شباط 2021، إلى إحالة ستويبرغ إلى المحاكمة، وخصوصاً بعد تواتر شهادات موظّفين قانونيين بأنه جرى تحذيرها من أنّ ممارستها تلك شكّلت خرقاً فاضحاً للقوانين وأسلوب عمل الوزارة. 

إلا أنّ ستويبرغ، ظلّت حتى أثناء محاكمتها تكرّر مقولتها: "لا شيء أندم عليه، أتمنى أن يفعل كل شخص مسؤول ما فعلته. لقد قمت بدوري لحماية أولئك الفتيات (القاصرات)". 

وكانت محكمة دنماركية قضت، على خلفية شكوى رفعها زوجان سوريان لأمين المظالم، بدفع 20 ألف كرونه كتعويض للزوجين الشابين، اللذين وصلا إلى البلاد عام 2015، بسبب "عدم الاستماع لوجهة نظرهما في القضية" حين جرى فصلهما عن بعضهما قسرياً.   

وأمام البرلمان الدنماركي اليوم فرصة لاعتبار زميلتهم ستويبرغ غير مستحقة لمقعدها بعد قضائها 20 سنة فيه، وبالتالي التصويت بأغلبية على طردها من المجلس النيابي، بعد أن وُجدت مذنبة في إهمال دورها بالحفاظ على العمل وفق القوانين في وزارتها السابقة. إلا أنّ معسكر اليمين القومي المتشدد يعارض تماماً مسألة إبعادها عن البرلمان.

 وترافق النطق بالحكم، اليوم الإثنين، مع تجمّع محتجّين من مؤيدي ستويبرغ، رفعوا شعارات مناهضة للإسلام والمهاجرين، كإشارة على اعتبارها شخصية رئيسة في مسار انتقادي لسياسات بلدهم حيال الهجرة، فيما احتجّ بعض اليسار على تلك الاحتجاجات التي اعتبروها "عنصرية" ورفعوا صورا تمثّل ستويبرغ مسجونة. 

ومن الجدير ذكره أنّ الأحزاب البرلمانية من مختلف الاتجاهات، لا تختلف مع ستويبرغ حول ما يسمى "حماية الزوجات القاصرات"، إذ إنّ المشرّعين في 2016 كانوا متّفقين على مبدأ حماية القاصرات، لكن الخلاف معها هو على خلفية تصرفها خارج نطاق الطرق القانونية لفصل الأزواج، ما اعتُبر انتهاكاً لحقوق الإنسان بسبب عدم الاستماع لأطراف القضية.

ويُعتبر الحكم الصادر، الإثنين، هو الثاني منذ 26 سنة بعد محاكمة وزير عدل محافظ سابق، اريك نين هانسن، على خلفية قضية لاجئي التاميل من سريلانكا والذي صدر حُكم بسجنه 4 أشهر مع وقف التنفيذ. وحكم اليوم، من القضاة الـ26، هو الأول في تاريخ البلد من ناحية إصدار حكم بالسجن على خلفية اتهامات مرتبطة بلاجئين. 

المساهمون