في عطلة نهاية الأسبوع لم يأت إلا عدد قليل من الزبائن إلى متجر محمد بالمدينة السياحية القريبة من بحيرة الحبانية، وسط العراق، والذي يصفه بأنه "مكان لم يكن يهدأ بسبب الزوار لسنوات، قبل أن يضرب الجفاف البلاد والبحيرة، ويؤثر سلباً في حركة الزوار والسياح".
وفيما لم يعد المكان الذي يضمّ شققاً سياحية وفندقاً إلا ظلاً لما كان عليه في الماضي، حين كان يعتبر أحد أفضل المنتجعات السياحية في الشرق الأوسط منذ تأسيسه عام 1979، يقول محمد من أمام دكانه الذي يبيع فيه مرطبات ومياه وملابس ومعدّات سباحة: "خلال العامين الماضيين، كان هناك عمل وحركة، لكن لا مياه الآن، فهذا عام جفاف"، يضيف: "بسبب قلّة المياه، بات لا يأتي أحد. توقف العمل، وإذا عادت المياه سيعود الناس".
وقد تراجعت مياه البحيرة التي تبعد نحو ساعة ونصف الساعة عن بغداد عشرات الأمتار. ويوضح مدير الموارد المائية في محافظة الأنبار جمال عودة سمير أن "البحيرة تحتوي الآن على 500 مليون متر مكعّب من المياه فقط، في حين تبلغ قدرتها الاستيعابية القصوى 3.3 مليارات متر مكعب، علماً أنها كانت ممتلئة بحدّها الأقصى عام 2020 حين سجلت الشقق السياحية 9 آلاف حجز، في حين لم تتجاوز 3 آلاف حجز منذ مطلع العام الحالي".
وعند المساحات المائية لبحيرة الحبانية يفترش زوار قليلون الأرض الموحلة، في حين تعبر كلاب شاردة أحياناً وتحلّق طيور النورس فوق ما تبقّى من مياه. وقد وُضعت مظلّات متفرقة على الشاطئ بينما بدت الشقق السياحية المحيطة خالية.
وعموماً مياه البحيرة ضحلة وموحلة ولا تصلح للسباحة، ويقول قاسم لفتة، من مدينة الفلوجة المجاورة للبحيرة: "كان حال المكان أفضل في السابق، وكانت المياه أعلى، أما هذه السنة فالوضع أسوأ كثيراً بسبب قلة المياه وانخفاض مستوى البحيرة".
وناشد قاسم الدولة الاهتمام بالمكان "لأنه المتنفس الوحيد لأهل الأنبار والمحافظات الجنوبية وبغداد".
ويعيش العراق العام الرابع من الجفاف، ويعدّ من بين خمس دول تصنّفها الأمم المتحدة بأنها الأكثر تأثراً بتداعيات التغيّر المناخي.
وخلال زيارته إلى العراق في الأسبوع الماضي، حذّر مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من أن ما يشهده العراق من جفاف وارتفاع في درجات الحرارة هو بمثابة "إنذار للعالم"، وأشار إلى أن المخزون المائي في العراق هو الأدنى في تاريخ الدولة العراقية الحديثة منذ مطلع عشرينيات القرن الماضي".
ويوضح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية خالد شمال أنه "إلى جانب تأثر منسوب المياه بتراجع الأمطار وارتفاع درجات الحرارة، عانت بحيرة الحبانية من تراجع نهر الفرات الذي ينبع من تركيا ويعبر في سورية ويغذّيها. وقد اضطرت الوزارة إلى سحب مياه من البحيرة لتعزيز حصص المياه في محافظات الوسط والجنوب".
وتقول السلطات العراقية إن "السدود التي تبنيها تركيا وإيران تعدّ سبباً رئيساً في تراجع منسوب نهري دجلة والفرات في البلاد".
(فرانس برس)