التعويض الدراسي في المغرب

12 مايو 2021
في إحدى مدارس المغرب (فرانس برس)
+ الخط -

كان لوباء كورونا أحكامه القاهرة في المغرب، ومن المعروف أن المدارس والجامعات مثلها مثل كل مناطق التجمع، عُرضة لانتشار المرض وانتقاله بين التلامذة والطلاب أنفسهم، وإلى الهيئة التعليمية والإدارية والأهل بطبيعة الحال. 
وعلى الرغم مما يشاع من أن المغرب لم يسبق له أن خاض أي تجارب سابقة في شأن "التعلم عن بُعد"، إلّا أن الدورات التدريبية التي خضع لها عدد من المعلمين والأساتذة في سنوات سابقة ساهمت في التخفيف من أعباء التجربة التي لم تكن جديدة بالكامل، لكن مصدر الخلاف أن التعليم عن بُعد كان قبلاً اختيارياً، في ما بات بفعل الوباء إجبارياً. 
هذا على الصعيد المدرسي العام، أما على المستوى الجامعي، وبالنظر إلى أعمار الطلاب وخبراتهم في التعاطي مع التكنولوجيا الرقمية، فقد كانت الأمور أكثر يسراً وسهولة، علماً أن الكليات والأقسام داخل الجامعة نفسها تتفاوت في الإفادة من ثورة المعلومات. وبالنظر إلى مثل هذه الأوضاع فقد قررت وزارة التعليم المغربية تعويض الدروس "الحضورية" بأخرى عن بُعد، بما يسمح للطلاب بمتابعة التعليم من البيت. 
وبالعودة إلى التجارب السابقة التي خضع لها المعلمون وطلابهم فقد كان هذا التحول إيجابياً، حتى إنّ طلاباً وجدوا الانتقال من المباشر إلى الافتراضي مجالاً لفهم أكثر من ذي قبل، وبالتالي لم يعانوا من صعوبات تعلمية، ووجدوا أن بقاءهم في البيت يوفر عليهم مشقات الانتقال ونفقاته. وما ساعد في سهولة استيعابهم للمواد عن بُعد أن المعلمين والأساتذة أنفسهم كانوا قد سبق أن تدربوا على ذلك، وإن لم يستعملوه على نحو واسع. لكن هذا التقويم الإيجابي يراه البعض مبالغاً به، إذ كي ينجح هذا النوع من التعليم، فهو بحاجة إلى تفاعل تأهيلي من أركان المثلث الثلاثة، بمن هم المعلمون والأساتذة والأهل والطلاب طبعاً. أي أن المطلوب هو تدريب الجميع لتحقيق الفائدة المرجوّة، وهذا الأمر غير متاح حالياً، لكن في المستقبل يجب العمل على هذه التوجه كي تتم عملية الإفادة من هذه التقنية. 

موقف
التحديثات الحية

ويركّز عدد من المعلمين على أهمية المتابعة العلمية والإدارية والتقنية في الوقت نفسه، إذ لا بد وأن يرافق إعطاء الدروس عدد من كبار الاختصاصيين في المادة لتعزيز ما يقدمه المعلم من معلومات، إلى جانب متابعة الإدارة التربوية في القطاعين العام والخاص لأدائهم ومردوده. أما بشأن المتابعة التقنية فلا غنى عنها، إذ إنّ المعلم والأستاذ، بما فيه الجامعي، بحاجة دوماً للمساعدة التقنية لحل الإشكالات الطارئة. 
لكن ما يتشارك فيه المغرب مع سواه من دول لم تتجهز على نحو مسبق لاستقبال هذا التحول مرده أن العديد من الأسر لا يمتلك هواتف ذكية وغير متصل بشبكات الإنترنت. ويصف معارضون سياسة وزارة التربية بأنها عبارة عن عملية ترقيع، لأنها لم تنشأ عن عملية تخطيط مدروسة، بل أملتها الأوضاع الصحية القاهرة. وتبقى إيجابية تتمثل بأشكال من المبادرات الفردية والجماعية، علماً أن وزارة التعليم المغربية خصصت القناة الرابعة العمومية لبث برامج تعليمية للطلاب غير المتصلين بهواتف محمولة أو كمبيوتر.
(باحث وأكاديمي)

المساهمون