وقفت الطفلة الفلسطينية هدى أبو مزيد (13 عاماً) مع مجموعة من الأطفال والفتية أمام مقتنيات عدد من الأطفال الفلسطينيين الذين قضوا شهداء في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال الجولة الأخيرة التي انطلقت شرارتها في مايو/ أيار الماضي واستمرت 5 أيام.
وشاركت هدى إلى جانب عدد كبير من الأطفال الفلسطينيين في منطقة حي أبو عبيد بدير البلح وسط القطاع في مهرجان "الاحتلال يقتل الطفولة"، مساء اليوم الخميس، الذي أقامته مؤسسات ثقافية عدة ومنظمات المجتمع المدني وأخرى حكومية في غزة لفضح الجرائم الإسرائيلية بحق الأطفال.
وشهدت جولة التصعيد الأخيرة على غزة استشهاد 28 طفلاً وطفلة فلسطينية نتيجة للقصف الإسرائيلي الذي طاول المنازل والمنشآت المدنية، وتعمد الاحتلال الإسرائيلي استخدام القوة الغاشمة خلال عمليات القصف الذي كان يزعم أنها تستهدف قيادات المقاومة الفلسطينية.
وتخلل المهرجان مجموعة من الزوايا والأقسام التي وضعت على أنقاض المنازل الفلسطينية المدمرة خلال المواجهة الأخيرة، وجمعت بعض مقتنيات الأطفال الذين استشهدوا خلال التصعيد الأخير، كالقرطاسية الخاصة بهم، وألعابهم التي كانوا يمرحون بها.
وخصصت اللجنة التحضيرية للمهرجان زوايا خاصة للفنانين التشكيليين لعرض بعض الرسومات على جدران ما تبقى من المنازل الفلسطينية التي تسلط الضوء على الأطفال الفلسطينيين. وتناولت الرسومات باللغتين العربية والإنكليزية الجرائم الإسرائيلية بحق الأطفال.
وشهد المهرجان مشاركة لوحدة هندسة المتفجرات التابعة للأجهزة الأمنية في غزة التي عملت على عرض جانب من الصواريخ والقذائف الذكية التي استخدمها الاحتلال في الجولة الأخيرة، بالإضافة إلى تقديم نصائح للأطفال حول كيفية التعامل مع الأجسام المشبوهة والابتعاد عنها.
وخلال الفعالية، جرى عرض مجموعة من الأعمال المسرحية والدرامية التي عبرت عن واقع الطفولة الفلسطينية، والتي جسدها عدد من الأطفال، وتحدثوا خلالها عن تجربتهم خلال جولات القصف والتصعيد الإسرائيلي المتكرر ضد القطاع. وتقول الطفلة هدى أبو مزيد لـ"العربي الجديد" إن "منزلها لم يبعد سوى أمتار بسيطة عن الحي المستهدف خلال العدوان الإسرائيلي الأخير، إلا أنها لا تنسى ذكريات القصف وشدة الانفجارات التي كانت حاضرة خلال عملية القصف الجوي للمكان". كما تتحدث عن ذكريات المنطقة والمنازل التي كانت موجودة قبل أن تتحول إلى رماد أو مخلفات أسمنتية لم تعد صالحة للعيش نتيجة تعمد الاحتلال الإسرائيلي قصف البيوت والمنشآت المدنية وتدمير بعضها على رؤوس سكانها بمن في ذلك الأطفال.
وتطالب المجتمع الدولي بالتحرك ليعيش أطفال فلسطين عموماً وقطاع غزة على وجه الخصوص حياة مماثلة لتلك التي يعيشها أطفال العالم، والضغط على الاحتلال لوقف استهداف الأطفال حتى يعيشوا حياة آمنة بعيداً عن قلق الحرب.
أما الفنان التشكيلي الفلسطيني مهند صيام، فاختار المشاركة في المهرجان الفني لإيصال رسالة للعالم من أجل حماية أطفال غزة من الموت، في ظل تعمد الاحتلال استهداف البيوت والمنشآت المدنية في كل جولة تصعيد يقوم بشنها على القطاع المحاصر. ويقول لـ "العربي الجديد" إن "الطفولة الفلسطينية في غزة مشردة وضائعة ولا تجد من يناصرها أو يقف إلى جانبها نتيجة انحياز العالم وعدم ملاحقة الاحتلال على جرائمه المرتكبة، الأمر الذي يتطلب أن يكون للفنانين الفلسطينيين رسالة تعبر عن قضايا الأطفال".
وشارك صيام خلال المهرجان بلوحتين تشكيليتين رسمهما على ما تبقى من جدران أحد المنازل. حاكت الأولى صورة لطفلة تحمل دمتيها تزامناً مع قصف إسرائيلي يشن على غزة وتحاول تلافي النظر للصواريخ، والثانية أظهرت طفلاً يعبر بلغته البسيطة عن الصمود في وجه العدوان.
بدورها، تؤكد المنسقة الإعلامية للمهرجان فداء يونس، أن الرسالة الأساسية للمهرجان تهدف إلى تعريف العالم بالانتهاكات الإسرائيلية ضد أطفال فلسطين، وتسليط الضوء على ما جرى من استهداف متعمد لهم خلال العدوان الأخير. وتقول لـ "العربي الجديد" إن أطفال غزة من حقهم العيش كبقية أطفال العالم بعدما تدخل المجتمع الدولي في أكثر من مناسبة للحديث عن أطفال أوكرانيا خلال الحرب الروسية الأوكرانية المندلعة، في وقت يواصل الصمت والانحياز مع الاحتلال في استهدافه لأطفال فلسطين.
وتشير إلى أن أطفال فلسطين ليسوا بنك أهداف للاحتلال الإسرائيلي الذي يتعمد في كل جولة تصعيد أو حرب يقوم بشنها على القطاع، ما يتطلب تدخلاً دولياً وأوروبياً للوقوف إلى جانب الطفولة الفلسطينية ومناصرتها ودعمها بكل السبل.
في السياق، يشدد رئيس اللجنة التحضيرية للمهرجان ورئيس هيئة الشباب والثقافة أحمد محيسن على أن رسالة المهرجان تتمثل في إيصال رسالة الأطفال إلى العالم والمجتمع الدولي في ظل التحيز الواضح للاحتلال الإسرائيلي في التعامل مع جرائمه واستهدافه للمدنيين. ويؤكد على ضرورة تسليط الضوء بشكل واضح على الطفولة الفلسطينية وحجم الجرائم الإسرائيلية المرتكبة ضدها بمختلف الأدوات والأشكال الفنية، والعمل على إيصالها للعالم من أجل التحرك لحماية أطفال فلسطين.