الاحتلال يستهدف أطفالاً فلسطينيين خرجوا لجمع الحطب في غزة

17 فبراير 2024
آثار عدوان الاحتلال على مستشفى كمال عدوان (محمود صباح/الأناضول)
+ الخط -

على أسرّة مستشفى كمال عدوان ببلدة بيت لاهيا شمال غزة، تستلقي أجساد أطفال رقيقة أحرقتهم نيران الاحتلال الإسرائيلي دون أي ذنب سوى البحث عن حطب لإيقاد نار طهي الطعام، بعد أن نال منهم الجوع.

الطفل الفلسطيني محمد صالح (14 عامًا)، خرج من بيته في شمال قطاع غزة، منذ ساعات الصباح الأولى، محمّلًا بالأمل والعزيمة، للبحث عن الحطب لطهي الطعام، في ظل انعدام الغاز والكهرباء بالقطاع، يرافقه في مهمته والده بسام صالح، وشقيقته منة، وأبناء عمه ميرال وشقيقها.

بدأوا جميعًا مهمتهم اليومية وهم لا يعلمون أنها ستتحول إلى مأساة بفعل القصف الإسرائيلي المتواصل الذي استهدفهم، محوّلًا أجسادهم الغضة إلى هدف مشتعل.

فبينما كانوا يحاولون البحث عن الحطب لإشعال النيران لطهي الطعام وسد جوعهم، جاءت قذيفة إسرائيلية غادرة، فقتلت والدهم بسام، وأحرقت جسد محمد وشقيقته منة وأبناء عمه ميرال وشقيقها.

أطفال غزة.. مرضى بلا دواء

بين الحين والآخر، يتجلى أنين الأطفال من شدة الحروق، بينما تبرز على ملامحهم آثار الإصابات، التي لم تسلم منها براءة وجوههم، بل تحولت إلى ندوب مظلمة تروي قصتهم بفعل الغارة الإسرائيلية.

ويواجه الأطفال ألمًا آخر، حيث يجدون أنفسهم في معركة جديدة لتعافيهم من الحروق والإصابات التي لحقت بهم، والتي تزداد تعقيدًا بسبب نقص الدواء والطعام الضروري المخصص لهم. في ظل الحصار الذي يفرضه الاحتلال الإسرائيلي على شمال قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مما يجعل توفير الرعاية الطبية والمواد الغذائية الأساسية أمرًا صعبًا للغاية لجميع المرضى والسكان.

يصف الطفل صالح ظروفهم قائلًا: "كنا جالسين في المنزل، لا مياه، ولا كهرباء، ولا أي شيء، كل ما كنا نريده هو طهي الطعام لإشباع جوعنا"، وبينما يظهر على صوته التعب والإرهاق، يضيف: "أمي ترغب في طهي الأرز، ولكن لم نجد حطبًا في المنزل، فذهبنا للبحث عنه".

وتابع: "كنا نتجول بحثًا عن الحطب، وفجأة سمعنا صوت طائرة وانفجار عنيف، لم نكن نعلم ماذا حدث، وفوجئنا بتفرقنا في كل اتجاه".

وأشار إلى أن القصف الإسرائيلي أدى إلى فقدانه للوعي، وعندما استعاد وعيه، وجد نفسه مغطى بالحطام وشعر بآلام الحروق التي تنتشر في جسمه، موضحًا أن تلك الغارة أسفرت عن استشهاد والده وإصابتهم جميعًا بحروق شديدة وكسور وإصابات أخرى، قائلًا: "كنا نبحث عن الحطب لكي نطهو الطعام ونحاول البقاء على قيد الحياة".

بدورها، تقول السيدة الفلسطينية الأربعينية، وهي والدة الجريحة ميرال محمد صالح، وزوجة عم محمد: "عندما خرج الأطفال بحثًا عن الحطب لم يكونوا قد تناولوا الطعام لفترة، فما ذنب هؤلاء الأطفال في ما يحدث لهم".

سوء التغذية يفاقم معاناة أطفال غزة

الطبيبة المشرفة على علاج الأطفال راوية طنبورة، تقول: "يعاني الأطفال من حروق في أجسادهم بشكل شامل، ويحتاجون رعاية طبية عاجلة"، موضحة: "بعضهم يعاني من كسور في أيديهم تمنعهم من الحركة، وبحاجة ماسة لعمليات جراحية، ونحتاج إلى نقل الحالات إلى مستشفيات أخرى لتلقي العلاج اللازم".

وأضافت: "الطفلة ميرال تعاني من ثقب في الأمعاء، ومنذ وصولها إلى المستشفى، تم منعها من تناول الطعام والشراب، لأن حالتها قد تزداد سوءًا إذا تناولت الطعام".

وتابعت: "نحن بحاجة ماسة لعلاجات وأدوية لعلاج الحروق التي تغطي جسد الأطفال، ولكن معظم هذه الأدوية غير متوفرة هنا، وتزيد المشكلة تأزمًا بسبب نقص الوقود والكهرباء، مما يعوق عملية العلاج والإسعاف".

ولفتت إلى أن "سوء التغذية للأطفال يزيد من سوء وضعهم، ويؤخر عملية تعافيهم"، داعية إلى "توفير العلاج بأسرع ما يمكن للأطفال في المستشفى، وكذلك لباقي المرضى".

وخلال الحرب المستمرة في غزة، استهدف جيش الاحتلال الإسرائيلي العديد من المنشآت الطبية وسيارات الإسعاف، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والوقود لمستشفيات شمال القطاع، وفقًا لتقارير وزارة الصحة في غزة.

وحسب وزارة الصحة الفلسطينية بغزة، فإن نحو 600 ألف مواطن شمال غزة يتعرّضون للموت نتيجة المجاعة وانتشار الأمراض والقصف الإسرائيلي، فيما حذرت الأمم المتحدة، في بيان سابق، من أن 2.3 مليون شخص في قطاع غزة معرّضون لخطر المجاعة.

ومنتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن جميع سكان القطاع يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض عليهم منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

ومنذ 7 أكتوبر 2023، تشن إسرائيل حربًا مدمرة على قطاع غزة خلّفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين معظمهم أطفال ونساء، فضلًا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة ودمار هائل بالبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى مثول تل أبيب أمام محكمة العدل الدولية بتهمة "الإبادة الجماعية".

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون