الأفغانيات إلى المدارس والجامعات في مارس المقبل

19 فبراير 2022
في طريقهن إلى مدرستهن في قندهار (جافد تانفير/ فرانس برس)
+ الخط -

وعدت حكومة "طالبان" بفتح جميع مدارس وجامعات الفتيات في شهر مارس/ آذار المقبل. هذا الخبر السار يأتي في وقت فتحت الجامعات الحكومية أبوابها أمام الشبان والشابات في خمس ولايات شرقي وجنوبي البلاد في التاسع والعشرين من الشهر الماضي. ومضت ستة أشهر على سيطرة "طالبان" على الحكم من دون أن يعاد فتح مدارس أو جامعات الفتيات الحكومية، الأمر الذي أثار قلقهن وقلق جميع المعنيين في قطاع التعليم على وجه الخصوص. ولا تتوقف "طالبان" عن إطلاق الوعود بإعادة فتح مدارس الفتيات، لافتة إلى أن التأخير الحالي يرتبط بإتخاذ خطوات لازمة وسن قوانين تراعي الشريعة الإسلامية بالإضافة إلى ترتيب الأمور المالية، مستدلة بما حدث في بعض الولايات، إذ فتحت جامعات أبوابها على الرغم من الكثير من العراقيل، منها اعتماد "طالبان" الفصل بين الذكور والإناث. وكان وزير الخارجية في حكومة "طالبان" الملا أمير خان متقي قد أعلن خلال زيارته العاصمة القطرية الدوحة في 14 من الشهر الجاري، خلال لقائه المبعوث الخاص للاتحاد الأوروبي إلى أفغانستان توماس نيكلسون، أن مدارس وجامعات الفتيات ستفتح أبوابها بشكل طبيعي في شهر مارس/ آذار المقبل، مطالباً الاتحاد الأوروبي بتقديم الدعم المالي واللوجستي اللازم بهذا الخصوص، الأمر الذي رحب به نيكلسون بحسب بيان الخارجية الأفغانية.
كما سبق أن أعلن الناطق باسم حكومة "طالبان" ذبيح الله مجاهد، في تسجيل صوتي له في الـ 28 من الشهر الماضي، أن "طالبان ليست رافضة لتعليم البنات، ولن تكون كذلك، وأن أنباء سارة في الطريق بهذا الخصوص"، مشيراً إلى أن "طالبان تضع الخطط لفتح مدارس البنات والجامعات الحكومية". وأكد أن مدارس الفتيات ستفتح أبوابها في جميع أنحاء البلاد مع بداية العام الدراسي الجديد منتصف مارس/ آذار المقبل. كما أكد أنه "في الوقت الحالي، لا تعتزم طالبان إجراء أي تغيير في المناهج التعليمية، مع الإشارة إلى تغيرات طفيفة وخصوصاً في المواد الدينية والاجتماعية، الأمر الذي يتوقعه الأفغان".
كما سبق وأعلن وزير التعليم في حكومة "طالبان" الملا نور الله نوري، في حديث مع الممثلة الخاصة للأمم المتحدة ورئيسة بعثة المساعدة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان "يوناما" ديبورا ليونز، في العشرين من الشهر الماضي، أن "طالبان تعتقد أن مستقبل هذه البلاد مرتبط بالتعليم، ونعمل من أجل فتح مدارس الفتيات ليس نتيجة للضغوط الدولية، بل لأن الأمر ضروري"، مؤكداً أنه "مع بداية العام الشمسي الجديد (يبدأ منتصف مارس/ آذار المقبل) ستفتح المدارس أبوابها أمام الفتيات، لأن حكومة طالبان مسؤولة أمام المجتمع الدولي والشعب الأفغاني معاً".
هذه التصريحات وتجدّد الوعود والمباحثات التي دارت بين "طالبان" والمسؤولين الدوليين بهذا الخصوص، والتي تزامنت مع فتح جامعات الفتيات في خمس ولايات أفغانية، أنعشت آمال الفتيات والمهتمين بتعليمهن.

الطالبة سحر ناياب يوسفي أتمت الثانوية العامة بنجاح العام الماضي، وكانت تنتظر الالتحاق بالجامعة لدراسة الطب بفارغ الصبر. لكن في ظل المتغيرات التي شهدتها أفغانستان خلال الأشهر الأخيرة، وعدم وضوح سياسات طالبان إزاء تعليم الفتيات، شعرت باليأس، قبل أن تتفاءل خيراً مجدداً". وتوضح في حديثها لـ "العربي الجديد": "كنت أشعر باليأس وانعدام الاستقرار لأنه كانت لدي أحلام كثيرة. كنت أستعد للالتحاق بالجامعة بعدما أكملت الثانوية العامة بصعوبة. لكن مع الأسف الشديد، فإن سياسات طالبان إزاء القضية أظهرت أن تعليم الفتيات ليس ضمن أولويات حكومتها. لكن أرحب بما تقوله وأشعر بالتفاؤل".  

حالفهن الحظ بالعودة إلى المدرسة قبل زميلات أخريات (سيد خضيبيردي سدات/ الأناضول)
حالفهن الحظ بالعودة إلى المدرسة قبل زميلات أخريات (سيد خضيبيردي سدات/ الأناضول)

من جهتها، تقول أسماء أطلس، وهي في الصف العاشر في مدرسة زرغونة للبنات في العاصمة كابول، إنها متفائلة بقرب افتتاح المدارس، معربة عن رغبتها في إتمام تعليمها الثانوي على الأقل، هي التي تحلم بأن تصير معلمة في المستقبل. وتوضح لـ "العربي الجديد": "لا نحتاج إلى الطعام بقدر ما نحتاج إلى التعليم، وخصوصاً تعليم الفتيات. هذا القطاع، على الرغم من كل المشاكل، شهد تطوراً كبيراً خلال العقدين الماضيين، إذ كان هناك إقبال كبير من قبل الفتيات على التعليم حتى في الأرياف والقرى البعيدة حيث تمنع الأعراف والتقاليد تعليم الفتيات، وقد شكلت أهم عقبة في وجه تعليمهن في الماضي. لكن مع الأسف، فإن التغيرات الأخيرة وسياسات طالبان تدفع القطاع إلى الوراء، كما أن تهميش تعليم الفتيات يسيء إلى سمعة طالبان دولياً".
في هذا السياق، تقول الناشطة الأفغانية والمهتمة بقطاع التعليم (وخصوصاً تعليم الفتيات) صفية وهاب لـ"العربي الجديد": "لا يمكن تصديق الوعود لأنها تكررت من دون أي نتيجة". تضيف: "أثبتت طالبان خلال تعاملها مع النساء أنها لم تتغير كثيراً في بعض الجوانب، ومنها الجانب التعليمي مع الأسف، لأن النظام التعليمي في أفغانستان لم يكن نظاماً مختلطاً، ولم يكن فيه ما يخالف الشريعة الإسلامية.

بالتالي، كان الأحرى بطالبان فتح المدارس فور وصولها إلى الحكم كي تثبت للعالم والشعب الأفغاني أنها ليست الحركة التي كانت في تسعينيات القرن الماضي، وباتت تتماشى مع ما يطلبه المجتمع الدولي والشعب الأفغاني، علماً أن الشعب الأفغاني تغير كثيراً خلال العقدين الماضيين وبات تعليم الفتيات خطاً أحمر".
من جهته، يقول نائب الناطق باسم "طالبان"، عضو اللجنة الثقافية في الحركة بلال كريمي، في حديث لـ "العربي الجديد"، إن "طالبان قالت منذ اللحظة الأولى إن تعليم الفتيات من الأولويات، والتأخير فقط هو من أجل ترتيب الأمور المالية ووضع آلية تتناسب والشريعة الإسلامية. وفي شهر مارس/ آذار المقبل، ستفتح المدارس والجامعات أبوابها في وجه الفتيات بصورة طبيعية".

المساهمون