تعتني كل طِفلات العالم بألعابهن وعرائس الدمى في غرفهن عنايةً كبيرة، وتمنع الطفلة عادةً باقي أطفال العائلة أو صديقاتها من العبث بهذه الألعاب أو تخريبها، لكن الطفلة الفلسطينية ميس فضايل (13 عاماً)، لم تتمكن لا من حماية ألعابها ولا حماية والدها الأسير رامي فضايل (40 عاماً)، الذي عذبه جنود الاحتلال الإسرائيلي في غرفتها فجر الأربعاء، ودمروا ألعابها وخزائنها وغادروا.
في حدود الساعة الخامسة والنصف من فجر الأربعاء، استيقظ الأسير رامي فضايل وزوجته حنين نصار (37 عاماً)، على وقع انفجار باب منزلهم، وما أن استعدوا لمغادرة السرير واستكشاف ما حصل، حتى وجدوا جنود الاحتلال في الغرفة، ليبدأ تعذيب رامي أمام ابنته ميس.
تقول زوجة الأسير رامي، حنين نصار لـ"العربي الجديد": "إن جنود الاحتلال اقتحموا منزلنا في حي الطيرة بمدينة رام الله وسط الضفة الغربية، مرتين؛ الأولى أمس الثلاثاء، في حدود الساعة الثالثة والنصف فجراً، قرعوا الجرس وأخذوا رامي للتحقيق في معتقل (بيت آيل) المقام على أراضي مدينة البيرة المجاورة لرام الله قبل أن يعود لمنزله عند الساعة السادسة والنصف صباحاً، وفي المرة الثانية، الأربعاء، حشروه في غرفة ابنتنا الوحيدة (ميس)".
بحوار يبدو فيه صوت زوجة الأسير رامي فضايل متعباً ومتثاقلاً، تابعت: "ثم أخذوه إلى غرفة طفلته ميس بعد أن تعرضوا له بالضرب في غرفته، ثم أخذوا ميس لتشاهد أباها وهو يتعرض للضرب بالأيدي وبالأرجل وأعقاب البنادق في غرفته، لم تبكِ ميس، لكنها صرخت على الجنود من أجل ترك والدها، والكف عن ضربه في جميع أنحاء جسده، بعدها ترك الجنود ميس وعادت إلي، ثم استدعوها مرة أخرى، للضغط على والدها لمدة تقارب الساعة، ثم اعتقلوه".
"لم تستوعب ميس أن والدها الذي أفرج عنه الاحتلال قبل أسبوع فقط، بعد انتهاء اعتقالٍ دام عامين، ورصيد اعتقالات إدارية بلغت منذ العام 2003، عشرة أعوام، صار معتقلاً للمرة السادسة، قبل قدوم العام الجديد، لذا لاحقت جنود الاحتلال بعد أن اعتقلوا والدها واستعدوا للانسحاب من أمام المنزل، وأثناء مغادرة الدورية التي اعتقلت رامي، كانت ميس تنادي على والدها وتبكي، وأنا لم أمنعها من ذلك"، توضح حنين.
وتتابع: "حاولت احتضانها وتهدئتها، ذهب رامي ونحن عدنا إلى المنزل الذي دمروا فيه غرفة ميس وألعابها وخزائنها ومكتبتها الصغيرة، وكسروا سريرها، جلسنا والصمت كان سيد الموقف؛ أذكر أن ميس كررت حواراً أخيراً مع والدها حول سماحه لها بترتيب حفلة مع صديقاتها في المنزل فرحاً بقدوم العام الجديد، ثم عدنا للصمت، خلص الحكي".
حاولت الطفلة ميس الخلود للنوم بعد شروق الشمس لكنها لم تستطع، وبعد محاولات عديدة بذلتها الأم، نامت ميس ظهراً، متوعدة الاحتلال الإسرائيلي بفضح ما فعلوه بوالدها وبطفولتها، و"ستكتب ميس تقريراً حول ما جرى لصالح الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، وهي نائبة ممثل فلسطين في هذه الحركة، كانت تقول بفرجيهم رح أكتب شو عملوا بطفولتي"؛ تقول والدتها حنين التي يخفت صوتها كلما حاولت الكلام.
بعد اعتقال رامي فجر اليوم، فككت حنين شجرة عيد الميلاد وخبأتها، وظهر الحزن مجددًا للعائلة التي حرمت من رامي على مدار أكثر من عامين في سجون الاحتلال، سوى من أسبوع واحد أمضاه رامي مع زوجته وطفلته بعد الإفراج عنه في 23 من الشهر الجاري، حينها كان عيد الميلاد المجيد بعيدين، ففرحة بالإفراج عن رامي، وفرحة بالاحتفال بالعيد في الـ25 من الشهر الجاري.
توضح حنين أن رامي الذي أمضى أسبوعا واحدا فقط في الحرية مع عائلته، عاش أجواء العيد واشتروا ملابس جديدة، لكن الفرحة ذهبت مع اعتقال رامي وفككت العائلة بعد اعتقاله شجرة الميلاد التي زينت العائلة بها منزلها وخبأتها، وهو ما يظهر الألم التي عاشته العائلة بحرمانها من رامي عشرة أعياد مرت بدونه وهو في السجن.