طالب "تحالف مناهضة العنف والتحرش في عالم العمل" في الأردن الحكومة بالمصادقة على اتفاقية العمل الدولية رقم 190 التي أقرّها مؤتمر العمل الدولي، الذي ترأسه الأردن عام 2019، المتعلقة بإنهاء العنف والتحرّش ضد النساء في العمل، وأهمية توفير بيئة عمل خالية من التحرش والعنف، ودون أي معيقات أو انتهاكات.
وقال التحالف، في بيان صحافي، اليوم الإثنين، بمناسبة الذكرى السنوية لإطلاق اتفاقية العمل الدولية رقم 190 بشأن العنف والتحرش في العمل، إنّ التصدي لهذه الآفة "مسؤولية مشتركة للدولة ومؤسسات القطاعين العام والخاص معاً، والتي يجب أن تضمن توفير بيئة عمل خالية من التحرش والعنف".
وشدّد على أن حالات العنف والتحرش "تقوّض جهود تحقيق بيئة عمل لائقة للجميع، وفرض المساواة والحدّ من التمييز في العمل، كما تحدّ من فرص توفير عمل لفئات واسعة من العاملين، وتساهم في فقدان الوظائف وتفاقم مشكلة البطالة".
وأشار التحالف إلى أن "عدداً من الدراسات المحلية رصدت حجم وحالات العنف والتحرش في العمل التي تتعرض لها النساء، والتي أظهرت أن 75.3 في المائة من الأردنيات اللواتي تعرضن لتحرش في مكان العمل لم يفكرن في اتخاذ إجراءات قانونية، وأن نحو 30 في المائة من الإناث تعرضن لتحرش في أماكن العمل والدراسة، وأن من بين مجموعة من عاملات الزراعة أفادت نسبة 41 في المائة بأنهن قد تعرضن للتحرش أثناء التنقل".
من جهته، قال رئيس مركز بيت العمال المحامي، حمادة أبو نجمة، لـ"العربي الجديد" إن إقرار الاتفاقية اتخذ عندما كان الأردن يترأس مؤتمر العمل الدولي عام 2019 وبمشاركة وفد كبير من الحكومة وأصحاب العمل وممثلي العمال، إضافة إلى وفد لجنة العمل في البرلمان الأردني، وهذا يعني أن الاتفاقية أقرت بمشاركة الحكومة الأردنية وموافقتها، والأحرى المصادقة على الاتفاقية التي أصبحت ملزمة في عام 2021.
وأشار إلى أن الاتفاقية لا تحمي العمال فقط بل سوق العمل الأردني والعلاقة بين العامل وصاحب العمل، مشيرا إلى أن هناك حالات تحرش تحصل ويجب أن تتخذ الحكومة القرارات الكفيلة بالحماية من التحرش، وخاصة بشكل وقائي من خلال تهيئة بيئة العمل المناسبة التي تحد وتمنع حصول التحرش والعنف.
وأضاف أبو نجمة، أنّ الحكومة لغاية الآن لم تتخذ قرارا بالمصادقة على الاتفاقية، لافتا إلى أنه مطروح حاليا على مجلس النواب تعديلات على قانون العمل، آملا أن يكون هناك قرار لمواجهة التحرش والعنف في العمل.
ووفق بيان التحالف فإن "جائحة كورونا والأزمة الاقتصادية المرتبطة بها زادت أخطار العنف والتحرش في عالم العمل على المستويين المحلي والدولي، ما يحتّم المصادقة على الاتفاقية رقم 190، وتعزيز تدابير الوقاية في عالم العمل".
كما طالب التحالف بمواءمة تشريعات العمل الوطنية مع معايير الاتفاقية، وإدراج تعريف العنف والتحرش في عالم العمل الوارد في الاتفاقية في قانون العمل بنصوص صريحة، وأكد على ضرورة أن "يحيل قانون العمل إلى قانون العقوبات بشكل صريح ومباشر باعتبار التحرش جريمة يعاقب عليها القانون"، وضرورة أن يوفر القانون حماية في رحلة الانتقال من العمل وإليه، وخلال جميع مهمات العمل أيا كان موقعها، بالإضافة إلى توفير آليات الشكاوى والإبلاغ الآمن والمنصف.
وبحسب البيان، فإن نسبة مشاركة المرأة الأردنية في سوق العمل "هي بين الأدنى في العالم، ومن ضمن أهم عوامل عدم التحاق المرأة بسوق العمل وانسحابها منه ما تتعرض له من أشكال العنف والتحرش، وغياب ضمانات الحماية وآليات الشكاوى الفاعلة وآليات إنفاذ القانون، إضافة إلى مزاولة عدد كبير من النساء أعمالاً غير منظمة تفتقر إلى الحد الأدنى من الحماية والتفتيش في العمل، ما يعرضهن للعنف والتحرش، وقد تكون العاملات في موضع استضعاف أكبر بسبب جنسيتهن أو وضع إقامتهن، كالعاملات المهاجرات واللاجئات".
ووفق حمادة أبو نجمة، فإن الدول التي وضعت قوانين لمواجهة العنف والتحرش نجحت في مواجهة المشكلة، عكس الدول التي تفاقمت لديها الظاهرة. وبيّن أن الاتفاقية لا ترتبط فقط بالتحرش الجنسي، بل بكل أنواع العنف وكافة أشكاله ومنه موضوع التحرش والتحرش الجنسي.
يذكر أنّ التحالف يتكون من مجموعة من منظمات المجتمع المدني، بينها بيت العمال للدراسات، ومؤسسة صداقة، وجمعية المنتدى الاقتصادي والاجتماعي للنساء، وجمعية اتحاد المرأة الأردنية، ومركز عدالة لدراسات حقوق الإنسان، إضافة إلى عدد من المنظمات العمالية والناشطين العماليين والحقوقيين.