ما زال فيروس كورونا الجديد يحصد أرواحاً في الأردن، فقد زاد عدد الوفيات على 12 ألفًا و500 وفاة فيما تخطّت الإصابات المسجّلة بكوفيد-19 مليون إصابة. يأتي ذلك فيما تتّسع رقعة الإصابات بمتحوّر أوميكرون أحدث متحوّرات الفيروس، في الأيام الاخيرة، الأمر الذي يثير القلق ممّا سوف يكون.
يقول عضو جمعية أطباء الصدر الأردنية محمد حسن الطراونة لـ"العربي الجديد" إنّ "الوضع الوبائي في الأردن مقلق، وممّا لا شكّ فيه أنّ الإصابات في ارتفاع بسبب متحوّر أوميكرون، ما يعني زيادة في الحالات النشطة والحالات التي تستوجب استشفاء"، موضحاً أنّ "متحوّر أوميكرون ينتشر بسرعة كبيرة تفوق بنحو ثلاثة أضعاف سرعة متحوّرات كورونا الأخرى خصوصاً في فصل الشتاء، في ظلّ انتشار الفيروسات التنفسية. وهو يصيب المحصّنين وكذلك الذين سبق أن أصيبوا سابقاً، مخترقاً الجهاز المناعي".
ويرى الطراونة أنّ "مصطلح التجمّعات الآمنة الذي تطلقه أحياناً الحكومة الأردنية غير مقبول وغير واقعي، خصوصاً في ظلّ انتشار أوميكرون"، منتقداً "السماح بإقامة احتفالات جماهيرية، خصوصاً أنّ ثمّة فترة أعياد حالياً". ويشرح أنّ "الأردن هو في وسط موجة تفشّ، وقد تنشأ موجة جديدة انطلاقاً من هذه الموجة"، مشدّداً على أنّ "الحلّ يكمن في الوقف الفوري للتجمعات والاحتفالات إلى جانب عدد من الإجراءات الأخرى". ويلفت الطراونة إلى أنّه "في الفترة الأخيرة، كانت سياسة الحكومة في التعامل مع ملف كورونا بمثابة ردود فعل، في غياب أيّ تخطيط لمواجهة أزمات وسينايوهات متوقعة".
يضيف الطراونة أنّ دخول متحوّر جديد إلى البلاد وانتشاره فيها يعني دخول البلاد في أزمة وبائية جديدة، الأمر الذي يعني حالات استشفاء إضافية وضغطا على غرف العناية المركّزة وعلى العلاجات والكوادر الطبية"، متسائلاً عن "الجدوى الاقتصادية من إقامة الحفلات والمهرجانات، لا سيّما أنّ ثمّة تكلفة وبائية وصحية واقتصادية على الأشخاص والمجتمع". ويحذّر الطراونة من "احتمال مواجهة المنظومة الصحية ضغطاً كبيراً في حال انتشار المتحوّر الجديد على نطاق واسع"، مشيراً إلى أنّ "ثمّة أثراً محتملاً لذلك على العاملين في القطاعات الخدمية والإنتاجية كذلك". ويطالب بوضع "خطة للتعامل مع أيّ مستجدات وخفض مدّة الحجر المنزلي إلى ما بين سبعة وعشرة أيام"، شارحاً أنّ "الأمر ضروري".
وحول تخطّي الإصابات بكوفيد-19 في البلاد مليون حالة مع أكثر من 12 ألف وفاة، يعلّق الطراونة أنّ "الرقم الفعلي للإصابات يتجاوز ذلك بأضعاف، و85 في المائة من المصابين قد لا تظهر الأعراض عليهم"، مشيرا إلى أنّه "عند إصابة أحد أفراد الأسرة، يعمد الأفراد الآخرون إلى حجر أنفسهم ذاتياً في معظم الأحيان، ولا يخضعون إلى فحوص للتأكد من إصابتهم. لذلك فإنّ ما يُعلن عنه هو فقط الحالات التي تمكّنت السلطات الصحية من بلوغها وفحصها، أمّا الإصابات الحقيقية فتُقدَّر بأضعاف الرقم المعلن". ويدعو الطراونة إلى "متابعة المعزولين منزلياً، صحياً وأمنياً، بالإضافة إلى تحديث البروتوكولات العلاجية وتوفير الأدوية التي اكتُشفت أخيراً، والتأكد من جهوزية المنظومة الصحية، والاستمرار في التوعية".
من جهته، يقول مستشار رئاسة الوزراء لشؤون الصحة وملف كورونا في الأردن عادل البلبيسي لـ"العربي الجديد" إنّ "المنحنى الوبائي بدأ بالانخفاض في الأسابيع الثلاثة الماضية، بعد بلوغه في بداية ديسمبر/ كانون الأوّل الجاري قمّة الموجة الثالثة". يضيف أنّ "السيناريو المقبل انتشار الفيروس غير واضح بسبب متحوّر أوميكرون، علماً أنّ الإصابات حتى الآن محدودة نوعا ًما"، مشيراً إلى أنّ "جميع المصابين بأوميكرون في الأردن لم يحتاجوا إلى دخول المستشفى (حتى الآن)، لكنّ أحداً لا يعلم بدقّة ما سوف يحدث، خصوصاً أنّ ثمّة إصابات بأعداد كبيرة في دول كثيرة من العالم، مع عودة بعض الدول إلى الإغلاق". ويتوقّع البلبيسي أن "يصير متحوّر أوميكرون هو السائد بالأردن في نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل، كما في مختلف دول العالم، إذ هو الأسرع انتشاراً (حتى الآن)"، لكنّه يشير إلى أنّ "أعراضه أقلّ شدّة ومدّة حضانته أقلّ، بالإضافة إلى أن الوفيات الناجمة عنه أقلّ كذلك".
يضيف البلبيسي في هذا السياق: "نتطلع إلى تلقّي كلّ من تجاوز 18 عاماً اللقاح المضاد لكوفيد-19 بجرعتَيه على أقلّ تقدير، ونشجّع كذلك الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و18 عاماً على تلقّي اللقاح، مع العلم بأنّ الأمر غير ملزم للعودة إلى التعليم الحضوري في المدارس"، مشيراً إلى أنّ "مجموع عدد الأشخاص الذين تلقّوا الجرعة الثالثة أو التعزيزية يُقدَّر بنحو 210 آلاف، وهو رقم متواضع".
ويؤكد البلبيسي أنّ "لا تغييرات بشأن تعليمات الوقاية الخاصة باحتفالات رأس السنة. ومن يرغب في الاحتفال، يتوجّب عليه تلقّي الجرعة الثالثة من اللقاح المضاد لكوفيد-19". وحول وفاة أكثر من 12 ألف أردني وتخطّي الإصابات مليون إصابة، يرى البلبيسي أنّ "الأمر متشابه في مختلف دول العالم"، لكنّه يدعو المواطنين إلى "الالتزام بشكل أكبر بإجراءات السلامة والصحة العامة المتعلقة بفيروس كورونا الجديد"، لافتاً إلى أنّ "المرحلة المقبلة سوف تشهد تشديداً رقابياً عالياً في ما يخصّ الالتزام، من قبل مختلف أجهزة الدولة للمحافظة على فتح القطاعات". ويؤكد أنّ "لا توجهات إلى إغلاق قطاعات في الأردن، ولا تفكير في العودة إلى الحظر".
وكانت الحكومة الأردنية قد حدّدت عدداً من الإجراءات بموجب أمر الدفاع رقم 35، سوف يبدأ العمل بها في بداية عام 2022 المقبل. وبموجبها، لن يُسمح لموظف القطاع العام أو العامل في منشآت القطاع الخاص الالتحاق بالعمل إلا إذا تلقّى جرعتَي لقاح مضاد لكوفيد-19، وسوف يُمنع أيّ شخص تجاوز 18 عاماً من مراجعة أيّ من الوزارات أو الدوائر الحكومية أو المؤسسات الرسمية أو المؤسسات العامة أو الدخول إلى أيّ من منشآت القطاع الخاص إلا في حال تلقّيه جرعتَي اللقاح، على أن يُستثنى من هذا البند من يراجع المستشفيات والمراكز الصحية في الحالات الطارئة.
وسوف تُغلق منشآت القطاع الخاص المخالفة لأحكام أمر الدّفاع رقم 35 لمدّة أسبوع إذا كانت المخالفة للمرّة الأولى، ولمدّة أسبوعَين في حال تكرار المخالفة، ولا يُعاد فتح المنشأة إلا في حال تصويب المخالفة. كذلك أُلزمت مراكز التسوّق ومنشآت القطاع المصرفي وشركات الاتصالات والمعارض والمطاعم والمخابز والمقاهي والفنادق ومكاتب شركات توزيع الكهرباء وشركات المياه والنوادي الليلية والبارات وصالات الديسكو والحمامات التركية والشرقية والأندية الرياضية ومراكز اللياقة البدنية والمسابح بدفع غرامة مالية قدرها 1000 دينار أردني (نحو 1400 دولار أميركي) في حال المخالفة للمرّة الأولى، وثلاثة آلاف دينار (نحو 4200 دولار) في المرّة الثانية وخمسة آلاف دينار (نحو 7000 دولار) في المرّة الثالثة، والإغلاق لمدّة أسبوع في المرّة الرابعة.