استمع إلى الملخص
- **تحديات المعلمات في المدارس الخاصة**: تعاني المعلمات من تجاوزات مثل تأخير الرواتب وتسجيلهن برواتب أقل في الضمان الاجتماعي. يهدف العقد الإلكتروني الموحد إلى تحسين أوضاعهن بزيادة مدة العقد وتحسين الرواتب.
- **دور حملة "قم مع المعلم" والتحديات المستقبلية**: حملة "قم مع المعلم" ساهمت في تحقيق العقد الموحد، لكن هناك مخاوف من تحايل بعض أصحاب المدارس. تدعو الحملة إلى توعية المعلمات بحقوقهن ومراقبة الأجور.
أطلق الاتحاد العام لنقابات العمال في الأردن، بالتعاون مع منظمة العمل الدولية، في يوليو/ تموز الجاري، منصة عقد العمل الإلكتروني الموحد للعاملين في المدارس الخاصة ورياض الأطفال. ومن بين الأهداف إنهاء مشكلات استغلال المعلمين والمعلمات.
تأمل معلمات ومعنيون بالشأن التربوي في الأردن في أن يساهم عقد العمل الإلكتروني الموحد لكافة العاملين في المدارس الخاصة ورياض الأطفال في التغلب على التجاوزات الكبيرة التي ترتكبها مدارس خاصة عدة في حق المعلمين والمعلمات، وأهمها تقليص الرواتب، والإجبار على توقيع إجازات خلال عطلتي الصيف والشتاء، وإرجاع جزء من الأجور المحوّلة إلى البنوك بعد تسلمها، وتقليص قيمة الرواتب في بيانات مؤسسة الضمان الاجتماعي.
يُناهز عدد المدارس الخاصة في الأردن 4 آلاف، ويبلغ عدد المعلمين والمعلمات العاملين فيها نحو 40 ألفاً يشكلون نسبة نحو 30% من معلمي البلاد. ووفق أرقام سابقة أصدرتها وزارة التربية تشكل المعلمات نحو 90% من إجمالي معلمي المدارس الخاصة.
تقول المعلمة عبير (32 عاماً)، وهي من محافظة البلقاء، لـ"العربي الجديد": "آمل أن يُنهي العقد استغلال المعلمات العاملات في القطاع، والمرتبط بارتفاع البطالة بين خريجي الجامعات، خاصة الإناث، والتي تصل نسبتها إلى 34%. خلال عملي في مدرسة خاصة براتب شهري مقداره 320 ديناراً (نحو 450 دولاراً) جرى تسجيلي في الضمان الاجتماعي براتب 300 دينار (400 دولار). الرواتب تتأخر بين شهر ونصف الشهر وشهرين أحياناً، وقد تسدد على دفعات".
وتقول سارة أحمد (25 عاماً) لـ"العربي الجديد": "أحصل على الحدّ الأدنى للأجور، وهو 260 ديناراً (366 دولاراً). ويُجبر العقد المعلمات على عدم الحصول على رواتب خلال العطلة الصيفية. وهن يرضخن للشروط نظراً إلى حاجتهن إلى عمل، واعتبارهن أنه يصعب أن يجدن عملاً في مكان آخر".
وقال رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال الأردن، بعد إطلاق منصة عقد العمل الإلكتروني الموحد للعاملين في المدارس الخاصة ورياض الأطفال: "إنجاز العقد الموحد للعاملين في قطاع التعليم الخاص خطوة نوعية، علماً أن الاتفاق الجماعي الذي جرى توقيعه مع النقابة العامة لأصحاب المدارس العام الماضي نص على إنجاز العقد الموحد وزيادة مدته إلى 12 شهراً بدلاً من عشرة أشهر حالياً، وإضافة المحافظ الإلكترونية بما هي من الخيارات الملزمة في تحويل رواتب العاملين إلى جانب الحساب المصرفي، ما يوفر الأمان الوظيفي للعاملين، ويعزز حماية الأجور وعدم التلاعب بها".
توضح منسقة حملة "قم مع المعلم" ناريمان الشواهين، في حديثها لـ"العربي الجديد"، أن "العقد الموحد هو العقد المبرم بين صاحب العمل وبين المعلم أو المعلمة، ويودع في وزارة العمل التي تشرف على تطبيق بنوده لضمان حقوق الطرفين. وتشير إلى أن "حملة قم مع المعلم تطالب بالعقد الموحد منذ عام 2015 حين لم تكن تعرف معلمات هذا العقد. وأقرّ تطبيقه عام 2016، ثم تبين في العام التالي أنه يجري تجاوز حقوق المعلمات أو انتهاكها. وجرت المطالبة بعلاوة للتعليم وزيادة سنوية وبدل خبرة، وألّا يقل الراتب عن الحدّ الأدنى للأجور، لكن مدارس كثيرة لم تعطِ المعلمات ميزات، وبالتالي أصبح هدف الحملة تطبيق هذا العقد بعد التواصل مع مجلس النواب ولجنة التعليم في مجلس النواب ممثلة بالنائبة ميادة شريم.
وتقول الشواهين إن "الانتهاكات كانت واضحة، إذ يعتمد بعض أصحاب المدارس الخاصة الحد الأدني للأجور، وتكون العقود لمدة 10 أشهر. وعملت الحملة مع مختلف الجهات المعنية كي يكون العقد 12 شهراً بدلاً من 10 أشهر لضمان حماية أجور المعلمات بالعطلة الصيفية والشتوية، وألا تكون الرواتب بالحدّ الأدنى للأجور. تضيف: "نعمل مع مختلف الجهات المعنية ويتوقع الموافقة على تنفيذ العقد الموحد الجديد في بداية العام الدراسي الجديد في 22 أغسطس/ آب المقبل.
وتشير الشواهين إلى أنه جرى الاتفاق على أن تكون مدة العقد 12 شهراً لضمان أجور العطلة الصيفية للمعلمات، وعدم تحايل بعض المدارس عليهم كما يحصل حالياً لإجبارهن على الاستقالة مع انتهاء العام الدراسي. وستكون قيمة العقد الإلكتروني 270 ديناراً (380 دولاراً) بدلاً من 260 (366 دولاراً) سابقاً مع إضافة تحسينات سنوات الخبرة وقيمة الزيادة السنوية.
وترى الشواهين أن "المعلمة التي تبحث عن لقمة العيش هي الطرف الأضعف، وتُجبَر أحياناً على التخلي عن بعض حقوقها للحصول على عمل. ورغم اعتماد العقد الموحد فالمخاوف مستمرة من أن يتضمن الاتفاق المبرم بين صاحب المدرسة والمعلمين أشياءً أخرى، وهو ما كان يحدث سابقاً في العقد الورقي. ودعت المعلمات إلى محاولة تثبيت حقوقهن الموجودة في العقد الجديد الذي يمنحهن قدرة أكبر على عدم قبول أي اتفاق خارج العقد الموحد، وإطلاق حملة للتوعية بهذا الموضوع".
من جهته، يقول مدير بيت العمال الأردنيين حمادة أبو نجمة لـ"العربي الجديد": "العقد الإلكتروني مهم في التوثيق، ففي السابق يمكن إرسال عقد غير أصلي إلى وزارتي التربية والعمل، ورفع مدة العقد إلى 12 شهراً يحل مشكلة استغناء المدارس عن المعلمين خلال العطلة الصيفية عبر إنهاء خدمات ثم إعادة التعيين مع بداية العام الدراسي الجديد. ويبقى الأهم مراقبة الأجور التي كان يجري الاحتيال عليها في السابق، ورغم الاتفاق على مبلغ وإرساله عبر البنوك كان بعض أصحاب المدارس يطالبون المعلمات بإعادة جزء من الراتب الذي تسلمنه، ما يكرّس التحايل على الرقابة الحكومية على الرواتب، في وقت لا تريد المعلمات أن يخسرن عملهن بتقديم شكوى ضد أصحاب المدارس".
يضيف: "أصبح الحدّ الأدنى للأجور لدى بعض أصحاب العمل هو الحدّ الأعلى والأدنى للأجور في الوقت ذاته، ويُعتبر دور النقابات في عقد الاتفاقات العمالية مهماً لرفع الأجور. وعموماً يتحكم العرض والطلب بالأجور في قطاع التعليم، و80% من البطالة بين الإناث اللواتي يحملن درجة البكالوريوس وأعلى. هناك عرض كبير وطلب محدود على الخريجات، خاصة أن الإناث يشكلن غالبية العاملين في المدارس الخاصة، ما يتيح لأصحاب المدارس وضع الشروط التي يريدونها، ولا يحدث ذلك مع الذكور لأنهم أقل ممارسة لهذه الوظائف.
ويلفت إلى أن "التوجه النمطي لدى الإناث في الأردن يشمل قطاعات التعليم والصحة، بسبب الثقافة الاجتماعية، ما يجعل الكثير من الخريجات في صفوف البطالة رغم أن الوظائف باتت أكثر تنوعاً في ظل التطور التكنولوجي والتقني".