الأجسام المضادة لدى المتعافين من فيروس كورونا تتلاشى خلال أشهر

27 أكتوبر 2020
نظرية الأجسام المضادة لمكافحة الوباء ليست فعالة (Getty)
+ الخط -

حذر باحثون في المملكة المتحدة من أن انخفاضاً سريعاً في مستويات الأجسام المضادة بدأ يظهر لدى أولئك الذين يتعافون من فيروس كورونا، الأمر الذي يشير إلى أن نظرية الأجسام المضادة لمكافحة الوباء ليست فعالة.

ووفق بحث نشرته جامعة إمبريال كوليدج لندن، اليوم الثلاثاء، فقد تم اختبار أكثر من 365 ألف شخص في إنكلترا، وتبين أن استجابة الجسم المضاد لفيروس كورونا تتضاءل بمرور الوقت، ما يشير إلى أن أي مستوى من المناعة يمكن أن يستمر فقط بضعة أشهر.

وأصبح الأمل في الحصول على مناعة طويلة الأمد من كوفيد 19 موضع شك، بعدما خلصت الدراسة إلى أن الأجسام المضادة الوقائية لدى الناس تنخفض بسرعة كبيرة بعد الإصابة بفيروس كورونا.

وقالت البروفيسورة ويندي باركلي، عالمة الفيروسات، التي كانت إحدى الباحثات في الدراسة: "إن فيروسات كورونا الموسمية التي تنتشر كل شتاء وتسبب نزلات البرد يمكن أن تعيد إصابة الناس بعد ستة إلى 12 شهرًا".

تعتبر الأجسام المضادة جزءاً أساسياً من دفاعات الجسم المناعية وتمنع الفيروسات من الدخول إلى الخلايا. وجد فريق "إمبريال كوليدج لندن" أن عدد الأشخاص الذين ثبتت إصابتهم باختبار وخز الإصبع للأجسام المضادة قد انخفض بنسبة 26% بين يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول.

وقال البروفيسور بول إليوت، مدير البرنامج في إمبريال كوليدج لندن: "إنّ اختبار الأجسام المضادة الموجب لا يعني أنك محصن ضد كورونا، ولا يزال من غير الواضح ما هو مستوى الأجسام المضادة للمناعة، أو إلى متى تستمر هذه المناعة، فإذا كانت نتيجة اختبار شخص ما موجبة للأجسام المضادة، فلا يزال يتعين عليه اتباع الإرشادات الوطنية بما في ذلك تدابير التباعد الاجتماعي، وإجراء اختبار المسحة إذا ظهرت عليه أعراض، وارتداء أغطية الوجه عند الاقتضاء".

وبحسب الدراسة، لوحظ الاتجاه التنازلي في جميع مناطق إنكلترا والفئات العمرية، ولكن ليس لدى العاملين الصحيين، ما قد يشير إلى التعرض الأولي المتكرر أو العالي للفيروس، كما يشير المؤلفون.

وأظهرت هذه الدراسة أن نسبة الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة يمكن اكتشافها تنخفض بمرور الوقت. وبحسب البروفيسورة هيلين وارد، إحدى المشاركات في البحث، "لا نعرف حتى الآن ما إذا كان هذا سيترك هؤلاء الأشخاص عرضة لخطر الإصابة مرة أخرى بالفيروس، ولكن من الضروري أن يستمر الجميع في اتباع الإرشادات لتقليل المخاطر على أنفسهم والآخرين من المؤلفين الرئيسيين.

الفئات العمرية

أظهرت الدراسة أن الانخفاض في الأجسام المضادة أكبر لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 75 عامًا فما فوق مقارنةً بالأشخاص الأصغر سنًا، وكذلك لدى الأشخاص المصابين بعدوى مشتبه بها وليست مؤكدة، ما يشير إلى أن استجابة الجسم المضاد تختلف حسب العمر وشدة المرض.

كما كشفت الدراسة عينها أن الانخفاض أكبر عند الأشخاص الذين لم يبلغوا عن تاريخ إصابتهم بالفيروس، إذ انخفضت الأجسام المضادة بنسبة الثلثين تقريبًا (64 بالمائة) بين الجولتين الأولى والثانية، مقارنة بانخفاض قدره 22.3 بالمائة لدى الأشخاص الذين أصيبوا بعدوى أكدها المختبر.

وفي أول تعليق على الدراسة، قال وزير الصحة البريطاني جيمس بيثيل:"إن البحث سيساعد في إعلام الحكومة بمواصلة الاستجابة للمرض".

وأضاف: "من المهم أيضاً أن يعرف الجميع ما يعنيه هذا بالنسبة لهم - ستساعد هذه الدراسة في مكافحتنا للفيروس، لكن الاختبار الموجب للأجسام المضادة لا يعني أنك محصن ضد كوفيد 19".

وكان لدى الناس في لندن أعلى نسبة من الاختبارات الموجبة في جميع أنحاء البلاد، حوالي ضعف المعدل الوطني. وكان العاملون في مجال الصحة والرعاية ومجموعات الأقليات العرقية وأولئك الذين يعيشون في المناطق المحرومة والأسر الكبيرة هم الأكثر عرضة للإصابة في الماضي.

وبحسب صحيفة ديلي ميل البريطانية، تشير أحدث النتائج، وهي جزء من دراسات التقييم الآني للانتقال المجتمعي (REACT) المدعومة من الحكومة، إلى انخفاض مستوى المناعة لدى السكان في الأشهر التي أعقبت الموجة الأولى من الجائحة، ما أدى إلى حدوث الموجة الثانية حالياً.

ومع ذلك، يعتقد الخبراء أنه لا تزال هناك حاجة إلى مزيد من العمل قبل أي دليل قاطع على المناعة طويلة المدى، وأيضًا كيف سيتفاعل الفيروس مع لقاح قابل للتطبيق يسمح بإجراء التجارب السريرية ضد كوفيد 19. قد تتطلب بعض الفئات عالية الخطورة من السكان جرعات معززة إضافية للمتابعة لتعزيز مستويات المناعة.

وكانت صحيفة واشنطن بوست قد نشرت سابقاً دراسة لعلماء من أيسلندا، تشير إلى أن الأجسام المضادة التي يصنعها الناس لمحاربة فيروس كورونا تستمر لمدة أربعة أشهر.

وأظهرت أنه في بعض الحالات تبقى الخلايا المناعية لمدة ثلاثة أشهر تقريبًاً، فيما يمكن أن تتلاشى عند مصابين آخرين في غضون أسابيع، أو تكاد تكون غير موجودة.

وبحسب الدراسة، إذا كان بإمكان اللقاح تحفيز إنتاج أجسام مضادة طويلة الأمد كما تفعل العدوى الطبيعية، فإنه يعطي الأمل في أن المناعة ضد هذا الفيروس شديد العدوى والذي لا يمكن التنبؤ به قد لا تكون عابرة، كما كتب علماء من جامعة هارفارد ومعاهد الصحة الوطنية الأميركية في معرض تعليقهم على الدراسة.

وتم إجراء الدراسة بواسطة شركة deCODE Genetics ومقرها ريكيافيك، وهي شركة تابعة لشركة التكنولوجيا الحيوية الأميركية Amgen، مع العديد من المستشفيات والجامعات ومسؤولي الصحة في أيسلندا.

واختبرت البلاد 15 بالمائة من سكانها منذ أواخر فبراير/شباط، عندما تم اكتشاف أولى حالات كوفيد 19، ما يوفر قاعدة صلبة للمقارنات.

المساهمون