استمع إلى الملخص
- التقرير يسلط الضوء على استمرار الانتهاكات ضد العائدين ويدعو لانتقال سياسي يحترم حقوق الإنسان لضمان عودة آمنة وكريمة للاجئين.
- الناشطون والائتلاف الوطني السوري يطالبون بتحسين الظروف للاجئين في الدول المضيفة ويؤكدون على ضرورة الضغط الدولي لمنع الترحيل القسري وتحقيق الأمان والكرامة للعائدين.
وثّقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان اعتقال وتعذيب ما لا يقل عن 4714 من اللاجئين والنازحين السوريين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، مع تسجيل وفاة 367 منهم تحت التعذيب. التقرير الذي نُشر اليوم الخميس، تزامناً مع اليوم العالمي للاجئين، كشف النقاب عن أرقام مروعة تشير إلى استمرار الانتهاكات ضد العائدين.
حقائق مقلقة
منذ مطلع عام 2014 وحتى يونيو/حزيران 2024، سجلت الشبكة اعتقال 4714 عائداً من اللاجئين والنازحين على يد قوات النظام السوري، أُفرج عن 2402 منهم فقط، بينما تحول 1521 من المحتجزين إلى مختفين قسرياً. وتشمل هذه الأرقام 3532 حالة اعتقال بين اللاجئين العائدين من دول اللجوء، بينهم 251 طفلاً و214 امرأة.
وفي الفترة بين إبريل/نيسان 2023 ويونيو/حزيران 2024، تم تسجيل 168 حالة اعتقال بين اللاجئين المُعادين قسرياً من لبنان، بينهم 6 أطفال و9 نساء، معظمهم اُعتقلوا على يد مفرزة الأمن العسكري التابعة للنظام السوري في منطقة المصنع الحدودية. كما رصد التقرير اعتقال 1014 نازحاً عادوا إلى مناطق النظام، بينهم 22 طفلاً و19 امرأة، حيث أُفرج عن 253 منهم فقط.
جرائم قتل
وبين يناير/كانون الثاني ويونيو/حزيران 2024، سجلت الشبكة مقتل 43 شخصاً داخل مراكز الاحتجاز، بينهم طفل واحد، معظمهم على يد قوات النظام السوري وفصائل أخرى متورطة في النزاع. كما قتل 367 مدنياً على يد أطراف النزاع، بينهم 56 طفلًا و34 امرأة.
وأشارت الشبكة إلى أن قوات النظام السوري مسؤولة عن مقتل 53 مدنياً، بينهم 8 أطفال و4 نساء، بينما قتلت القوات الروسية 5 مدنيين، من بينهم 3 أطفال وامرأة واحدة. كما سجلت الشبكة مقتل 4 مدنيين، بينهم طفل واحد، على يد تنظيم داعش، و16 مدنياً على يد هيئة تحرير الشام. وبلغ عدد الضحايا المدنيين على يد فصائل المعارضة المسلحة / الجيش الوطني 10 أشخاص، بينهم طفل واحد، فيما قتلت "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) 33 مدنياً، بينهم 8 أطفال. إضافة إلى ذلك، قُتل 246 مدنياً، بينهم 34 طفلاً و28 امرأة، على يد جهات أخرى غير محددة.
استمرار الانتهاكات
وأكدت الشبكة في العديد من تقاريرها أن اللاجئين العائدين إلى سورية يتعرضون للانتهاكات التي يعاني منها السكان المقيمون في البلاد. وأشارت إلى أن السبب الرئيسي لهذا الوضع هو غياب القانون وسيطرة القمع والاستبداد، مع تركز السلطات بيد واحدة.
وشددت الشبكة على أنه لا يمكن تحقيق عودة آمنة وكريمة للاجئين إلا من خلال انتقال سياسي نحو نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان ويضمن العدالة وسيادة القانون.
إدانات وتحذيرات
وأوضح الناشط الحقوقي سامر ضيعي، المدير التنفيذي لـ"رابطة المحامين السوريين"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الذي يوثق 4714 حالة اعتقال تعسفي و367 حالة قتل بين العائدين إلى مناطق سيطرة النظام السوري، يكشف عن خطورة الوضع في سورية، حيث إن العودة إلى هذه المناطق التي توصف بأنها آمنة، تنطوي على مخاطر جسيمة.
وأكد ضيعي أن "الممارسات الحالية لأجهزة النظام السوري باعتقال اللاجئين العائدين تشكل انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان وفقاً للقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية". وأشار إلى أنه "رغم الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها دول الجوار مثل لبنان، فإن الترحيل القسري للاجئين يعرضهم لخطر كبير".
وأضاف ضيعي: "يجب على المجتمع الدولي ممارسة ضغط قوي على الدول المضيفة لوقف عمليات الترحيل القسري وضمان حقوق اللاجئين. كما أن تعزيز التعاون الإقليمي والدولي يعد خطوة حيوية لتقديم الدعم المالي والتقني لهذه الدول، مما يساهم في تحسين ظروف اللاجئين ويخفف من الضغوط عليها".
وحث الناشط الحقوقي الدول المضيفة، وخاصة لبنان، على المساهمة في حل الأزمة من خلال وضع نظام إداري وتشريعي واضح لإقامة السوريين على أراضيها، بالإضافة إلى إصدار تشريعات شاملة بما يتماشى مع اتفاقية اللاجئين لعام 1951 واحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، والالتزامات بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
ويرى أن "تنظيم وضع اللاجئين السوريين في لبنان وتصنيفهم حسب فئات محددة يمكن أن يسهم في منح الإقامات القانونية لمن يستحقونها لأسباب مختلفة، وضمان حماية من يحتاجون للحماية القانونية، مع تجنب ضياع حقوقهم ووقوعهم ضحايا للفساد أو الوضع القانوني غير المستقر".
كما أشار إلى أن لبنان، "باعتباره دولة جارة لسورية، يلعب دوراً مهماً في استقرار الوضع السوري من خلال الضغط على المليشيات اللبنانية الموجودة داخل سورية، والتي تحتل جزءاً كبيراً من المناطق الحدودية والمدن السورية". وأكد ضرورة "تفعيل لبنان لقوانينه ومحاسبة مواطنيه المشاركين في هذا التدخل غير الشرعي، مما ينتقص من سيادة لبنان ويساهم في استمرار الأزمة السورية".
ودعا ضيعي "المجتمع الدولي ووكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تفعيل برامج إعادة التوطين للاجئين السوريين في دول الجوار، بما فيها لبنان، حيث يمكن أن تساهم هذه البرامج بشكل كبير في التخفيف من الضغط على لبنان وتوفير ظروف معيشية أفضل للاجئين، وإبعادهم عن خطر الترحيل إلى الموت في سورية".
وأكد أن رفع مستوى التوعية بين اللاجئين حول حقوقهم وسبل الحماية المتاحة لهم يمكن أن يقلل من حالات الترحيل القسري والانتهاكات. كما أشار إلى أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي للاجئين، بالإضافة إلى فرص التعليم والتدريب المهني، مما يمكنهم من الاندماج والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمعات المضيفة.
وشدد كذلك على ضرورة تعزيز الإطار القانوني الدولي والالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان لضمان حماية اللاجئين، وضمان عدم تعرضهم للاعتقال التعسفي أو الإعادة القسرية. وأكد أن دعم العملية السياسية الشاملة في سورية هو أمر أساسي لتحقيق الاستقرار على المدى الطويل.
وطالب ضيعي "بإخراج ملف اللاجئين من البازار السياسي والصراعات الإقليمية، وحث المعارضة السورية على التوقف عن استخدام هذا الملف لأغراض سياسية والتعامل معه من منظور إنساني بحت، يعزز احترام حقوق الإنسان ويضمن تقديم الدعم والحماية اللازمين للاجئين". وأكد أن "هذه القضية تستحق التعامل الجدي لضمان حقوق اللاجئين وسلامتهم وتعزيز الاستقرار في المنطقة". وأوضح أن التعاون الدولي وتوحيد الجهود يمكن أن يسهم في تقديم حلول فعالة ومستدامة لهذه الأزمة الإنسانية.
من جهته، أكد الائتلاف الوطني السوري في بيان صدر، اليوم الخميس، أن "سورية لا تزال غير آمنة وأن الظروف ليست ملائمة لعودة اللاجئين". وأوضح البيان أن "أسباب اللجوء ما زالت قائمة، بل وزادت تعقيداً وانتشاراً"، مشيراً إلى "استمرار نظام الأسد في ممارساته القمعية بما في ذلك القتل والاعتقال بطرق وأساليب مختلفة، وهو ما أكدته تقارير المنظمات الدولية والسورية المختصة".
شدد الائتلاف على أن "عودة اللاجئين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتحقيق الانتقال السياسي في سورية وفقاً للقرار الأممي 2254، الذي يدعو إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية تضمن بيئة آمنة ومحايدة، تمهيداً لعودة اللاجئين بشكل طوعي وآمن وكريم".
وأوضح أن "أزمة اللاجئين، وكذلك أزمة النازحين داخلياً الذين يعيشون ظروفاً قاسية، هي نتيجة مباشرة لسياسات نظام الأسد وشركائه في عمليات التهجير". ودعا المجتمع الدولي إلى الوقوف بشكل جاد وفعال إلى جانب السوريين، مؤكداً أن حجم الأزمات الإنسانية والانتهاكات والجرائم التي ترتكب بحقهم، سواء داخل سورية أو خارجها، يفوق قدرتهم على مواجهتها بمفردهم. وانتقد الائتلاف "استمرار المجتمع الدولي في التعامل مع الوضع السوري الكارثي بأسلوب إدارة الأزمات بدلاً من السعي إلى حلها بشكل جذري ونهائي".