"الجدّارية" التونسية لإيواء المهاجرين: مخاوف من تحويلها إلى لامبيدوزا

12 مارس 2024
مخيمات للمهاجرين الأفارقة في تونس (ياسين جيدي/الأناضول)
+ الخط -

أثار قرار السلطات التونسية نقل مهاجرين من مركز إيواء بمنطقة جرجيس جنوب شرقي تونس، نحو منطقة الجدّارية بحافظة مدنين، مخاوف من بداية تهيئة قاعدة جديدة لإنزالهم على الواجهة البحرية الإقليمية جنوب البلاد.

ونقلت السلطات السبت الماضي ما يزيد عن 500 مهاجر من دول جنوب الصحراء كانوا يقيمون بمخيم على تخوم مدينة جرجيس نحو موقع جديد بمنطقة الجدّارية، رغم تحذيرات المجتمع المدني من تحويل المنطقة التي تصنف كمحمية بحرية إلى مخيم دائم أو منصة لإنزال المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر.

وتقع قرية "الجدّارية" قرب بحيرة "البيبان" الساحليّة على بعد 10 كلم شمال مدينة بنقردان، وتعدّ من أجمل البحيرات وأكبرها في حوض البحر الأبيض المتوسط، إذ يبلغ طولها 32 كيلومتراً وعرضها 10 كيلومترات.

وقال رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان، مصطفى عبر الكبير، إنه "جرى نقل 550 مهاجراً ليل السبت نحو مخيم إيواء جديد في قرية الجدّارية بالتنسيق بين السلطات والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التي تولت تأجير مخيم الإيواء الجديد" .

وأكّد عبر الكبير، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قرار إحداث مخيم للمهاجرين في الجدّارية جاء صادماً للمجتمع المدني بالمنطقة الذي حذّر منذ فترة من خطورة استغلال المنطقة ذات البعد الاستراتيجي المهم لإيواء المهاجرين" .

وأشار المتحدث إلى أن "الجدّارية، القرية التي تَعُد ألف ساكن، تُعد منطقة بحرية استراتيجية، وهي واجهة جنوبية للمياه الإقليمية التي تجمع ليبيا وإيطاليا"، معتبراً أن "القرار يعكس نجاح إيطاليا في إقناع السلطات بإحداث مراكز إيواء للمهاجرين جنوب المتوسط على الأراضي التونسية" .

ورجّح عبد الكبير أن" يتضاعف عدد المهاجرين في المنطقة عشرات المرات في غضون أشهر"، لافتاً إلى أن "الجدّارية ستكون نقطة لإنزال كل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم من البحر في المياه الإقليمية سواء كانت نقطة الإبحار من تونس أو ليبيا".

ووصف رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان القرار بـ"الخطير نظراً لأهمية المنطقة بيئياً وأمنياً" . وقال "إذا تم نقل أعداد إضافية من المهاجرين إلى الجدّارية فسيكون ذلك نجاحاً لإيطاليا والاتحاد الأوروبي في تحفيف الأعباء على سواحلها وتحويل جزء من الأزمة نحو تونس التي لا تملك إمكانات اللازمة لإيواء المهاجرين" .

وطالب بـ"إيجاد حلول لأزمة المهاجرين تكفل حقوقهم بمقتضى الاتفاقيات الدولية دون انتهاك خصوصيات الواجهة البحرية لمنطقة البيبان والجدّارية".

وتتعرض تونس إلى ضغوطات إيطالية وأوروبية من أجل كبح تدفقات المهاجرين بعد أن تحولت البلاد، بدلاً من ليبيا، إلى نقطة انطلاق رئيسية للفارين من الفقر والصراعات المختلفة في دول من أفريقيا والشرق الأوسط بحثاً عن حياة أفضل في أوروبا، وذلك عبر رحلات هجرة غير نظامية.

لكن وزير الداخلية كمال فقيه قال الأسبوع الماضي أمام البرلمان إن السلطة أحبطت اتفاقية سابقة بشأن المهاجرين أبرمت مع الجانب الإيطالي دون ذكر تفاصيلها.

وسجّلت السواحل التونسية حصيلة قياسية في عدد المهاجرين المفقودين خلال شهر فبراير/ شباط الماضي، حيث وصل عددهم إلى 67 ضحية ومفقوداً.

وكشف التقرير الشهري الصادر عن منتدى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في تونس بداية هذا الشهر، عن رصد 67 ضحية ومفقوداً، مما يرفع عددهم الإجمالي منذ بداية السنة إلى 104 ضحايا ومفقودين على السواحل التونسية.

ووفقاً للتقرير، فإن شهر فبراير شهد وصول 440 مهاجراً تونسياً إلى السواحل الإيطالية، مما يشير إلى انخفاض ملحوظ بنسبة 42.86% مقارنة بالفترة نفسها في عام 2023، وبذلك يرتفع عدد الواصلين منذ بداية السنة إلى 698 تونسياً، وتكون بذلك الجنسية التونسية في المرتبة الثالثة من حيث عدد الواصلين إلى إيطاليا.

المساهمون