عقب الزلزال الذي ضرب تركيا وسورية في 6 فبراير/ شباط الجاري، أعلنت دول أوروبية عدة عزمها على اتخاذ إجراءات لتسهيل قدوم منكوبين بالزلزال في البلدين لديهم عائلات أو أقارب يقيمون في هذه الدول. بعد ألمانيا وفرنسا، أعلنت بلجيكا وإسبانيا اتخاذ إجراءات مماثلة، فيما قالت هولندا إنها تدرس الأمر.
ونقلت وسائل إعلام بلجيكية عن وزيرة الدولة لشؤون اللجوء والهجرة نيكول دي مور قولها إنه "يمكن أن يحصل أتراك وسوريون تضرروا من الزلازل ولديهم أقارب في البلاد على تأشيرات مؤقتة في شكل أسرع". وأضافت: "لدى العديد من البلجيكيين عائلات في مناطق متضررة، ويرغبون في مساعدة أقاربهم. ويمكن أن تساعدهم الحكومة البلجيكية من خلال تسهيل إجراءات منح تأشيرات عاجلة. ويشمل القرار أيضاً الأشخاص المتواجدين في بلجيكا ولديهم تأشيرة إقامة قصيرة تفرض مغادرتهم البلاد قريباً، والذين سيحصلون على تمديد في حال باتوا لا يستطيعون العودة بسبب تدمر منازلهم بالزلزال". وحول قدرة بلجيكا على استقبال لاجئين جدد في ظل قلة مراكز الاستقبال ونوم العديد من طالبي اللجوء في الشارع، أوضحت دي مور أن "القادمين من متضرري الزلزال سيبقون في البلاد فترة قصيرة لا تتجاوز ثلاثة أشهر، وسيقيمون مع أقاربهم وليس في مراكز الاستقبال، ولن يسمح لهم بتقديم طلبات لجوء".
كما أعلنت إسبانيا أنها تخطط لاستقبال 100 لاجئ سوري من متضرري الزلزال. وقال وزير الدمج والضمان الاجتماعي والهجرة خوسيه لويس إسكريفا، إن "الزلزال تذكير كبير بالدراما السورية. سنبذل قصارى جهدنا للقيام بدورنا، وفي الأسابيع المقبلة سنعمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لجلب أكثر من 100 شخص تم تحديدهم بأنهم من الفئات الأكثر ضعفاً كلاجئين".
إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الهولندي فوبكا هوكسترا أن وزارته تدرس إمكان حصول ضحايا الزلزال في تركيا وسورية على تأشيرات مؤقتة للقدوم الى هولندا. ورأى في حديث تلفزيوني أن المشكلات الناجمة عن الزلزال لن تحل في غضون أسابيع أو شهور قليلة، مشيراً إلى أن بلاده مهتمة في شكل أساسي حالياً بتقديم المساعدة الضرورية، لكنها تريد درس احتمال تقديم تأشيرات مؤقتة للسوريين والأتراك المنكوبين الذين لديهم عائلات في هولندا.
وتضغط بعض أحزاب المعارضة على الحكومة الهولندية لمنح متضرري الزلزال تأشيرات زيارة سريعة، كما فعلت بلجيكا وألمانيا، خصوصاً لاستقدام أشخاص باتوا بلا مأوى نتيجة تهدم بيوتهم، علماً أن أكثر من ألف لاجئ من سورية يقيمون في هولندا حالياً.
وفي ألمانيا، أعلنت وزيرة الداخلية نانسي ويسر قبل أيام أن بلادها ستسهل منح تأشيرات دخول لمدة ثلاثة أشهر للسوريين والأتراك المتضررين من الزلزال، إذا كان لديهم عائلات في البلاد، من أجل توفير مأوى لهم أو تلقي علاج. وبدأت السلطات الألمانية فعلاً في تقديم تسهيلات في شأن إصدار تأشيرات دخول للأتراك والسوريين المتأثرين بالزلزال إلى ألمانيا لمدة 3 أشهر.
ونشر موقع "أورونيوز" مقالاً شرح فيه طريقة الحصول على تأشيرات. ونقل عن وزارة الخارجية الألمانية قولها إن "قانون منح تأشيرات الدخول العاجلة سيسري حتى 31 يوليو/ تموز من العام الحالي، ويمكن تقديم الطلبات من خلال مكاتب "آي داتا"، المؤسسة الرسمية الوحيدة التي تعتمدها وزارة الخارجية الألمانية لتقديم خدمات التأشيرات في أنقرة وإسطنبول وإزمير. وبدأت مكاتب المؤسسة في إعطاء مواعيد لطلبات التأشيرات في فروعها بأنحاء البلاد اعتبارا من 13 فبراير/ شباط الجاري شرط إثبات أن مكان إقامتهم يقع في منطقة الزلزال، وأنهم تأثروا به".
وباعتبار أن معظم الناجين من الزلزال فقدوا ممتلكاتهم والوثائق المهمة مثل جوازات السفر، أوضحت الخارجية الألمانية في بيان، أنها تعمل بالتنسيق مع السلطات التركية لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا وثائق سفرهم بسرعة في الكارثة، وستلتقي مسؤولي مكاتب "آي داتا" لمناقشة هذا الأمر. وأكدت أهمية تعاون السلطات التركية في تقديم الدعم للأشخاص المعنيين، وطالبت ضحايا الزلزال الذين يريدون الذهاب إلى ألمانيا بالحصول أولاً على الوثائق اللازمة من السلطات التركية.
وأوضحت أن تأشيرات سفر من الدرجة الأولى ستمنح للراغبين بالذهاب إلى أقاربهم في ألمانيا، أو من الدرجة الثانية مثل الأب أو الأم أو الأطفال والأخوة والأجداد والأحفاد.
ووفق الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الألمانية يجب أن يوقع الراغبون في إحضار أقاربهم إلى ألمانيا تعهداً بدفع جميع النفقات وبينها العلاجات الطبية، وإرسال التعهد إلى سلطة الهجرة المحلية. وبالنسبة إلى السوريين الذين يعيشون في بلدهم، يجب أن يقدموا طلباتهم إلى السفارات والقنصليات الألمانية في البلدان المجاورة، مثل لبنان والأردن وتركيا. وقالت الخارجية الألمانية انها تسعى إلى زيادة عدد موظفيها في بعثاتها الديبلوماسية من أجل استيعاب أكبر عدد ممكن من الطلبات، وضمان سرعة معالجتها.
ويعيش في ألمانيا عدد كبير من اللاجئين السوريين، يقارب المليون، وأيضاً نحو 4 ملايين تركي. ووصل معظم السوريين الى البلاد بعدما قررت المستشارة السابقة أنجيلا ميركل فتح الحدود خلال أزمة اللجوء بين عامي 2015 و2016، بينما وفد المهاجرون الأتراك خلال العقود الماضية.
وأظهرت بيانات أصدرها المكتب الفيدرالي الألماني للإحصاء العام الماضي أن عدد السوريين الذين حصلوا على الجنسية الألمانية عام 2021 كان أعلى ثلاث مرات من العام السابق، وزاد عن 19 ألف شخص. بدورها أعلنت الحكومة الفرنسية أنها تعتزم منح تأشيرات عاجلة لأقارب مقيمين في شكل قانوني في البلاد من منكوبي الزلزال، مع الحرص على ضمان أمن فرنسا.
وقالت وزيرة الخارجية كاترين كولونا: "تستدعي المسألة تقييماً مشتركاً بين وزارتي الخارجية والداخلية. وفي مواجهة مأساة الزلزال الرهيبة يمكن وضع تدابير خاصة، كما حصل في الماضي، ما يتطلب دراسة متأنية لضمان الاستقبال في ظروف آمنة لأراضينا". وخلال السنوات الماضية قدم نحو عشرة آلاف سوري إلى فرنسا عبر نظام الأمم المتحدة، أو القنصليات الفرنسية في تركيا ولبنان والأردن.