استحمام أقل لحماية الجلد والمناخ.. فكرة جديدة تبرز في العالم

05 ديسمبر 2022
قد تصل كمية المياه المستهلكة خلال الاستحمام إلى 200 ليتر (Getty)
+ الخط -

 

في ظل الارتفاع الكبير في فواتير الطاقة وتنامي المخاوف البيئية، هل يبقى الاستحمام بصورة يومية لازماً على الرغم من أنّ ذلك يستهلك كميات كبيرة من المياه؟ الأمر غير ضروري بحسب أطباء جلد، شريطة الالتزام ببعض قواعد النظافة.

يفيد معهد "إيفوب" الفرنسي لدراسات الرأي العام بأنّ ثلاثة أرباع الفرنسيين تقريباً (76 في المائة) يقولون إنّهم يستحمون بالكامل يومياً مثل جيرانهم الألمان (77 في المائة)، فيما لا تتعدى نسبة هؤلاء بين البريطانيين 68 في المائة والإيطاليين 53 في المائة. لكنّ هذا النمط من الاستحمام اليومي يرفع فاتورة الطاقة وله أيضاً أثر بيئي.

وبحسب بيانات مرصد مركز معلومات المياه، فإنّ كلّ عملية استحمام تستهلك نحو 57 ليتراً من المياه أو ما يقرب من 40 في المائة من إجمالي الاستخدام اليومي للفرد الفرنسي. أمّا بيانات أخرى فتشير إلى أنّ الاستحمام الكامل يستهلك ما بين 150 و200 ليتر من المياه.

وفي هذا الإطار، رداً على سؤال حول ضرورة الاستحمام يومياً، تجيب المتخصصة في الأمراض الجلدية في باريس ماري جوردان: "لسنا مضطرين إلى الاستحمام يومياً من الرأس إلى أخمص القدمَين". وتوضح الطبيبة العضو في الجمعية الفرنسية للأمراض الجلدية أنّ الجلد عضو حيّ يتجدّد و"ينظّف نفسه" بطريقة ما، كذلك فإنّ سطح الجلد مغطّى بطبقة من المياه والدهون، الأمر الذي يمثّل أوّل حاجز وقائي ضدّ العوامل المعدية والتلوّث. تضيف أنّ هذه الطبقة ضرورية أيضاً للوقاية من الجفاف.

وتتابع جوردان أنّ "الجلد منظومة يجب الحفاظ على توازنها كأيّ منظومة أخرى"، مشيرة إلى أنّه يتعيّن غسل الجلد في حال "غمرته عوامل عدوانية" مثل التلوّث أو العرق. لكن، كقاعدة عامة، "يكفي غسل المناطق حيث العرق الدهني، والتي تكون أكثر عرضة لمستعمرات البكتيريا، مثل الإبطين والفراغات بين أصابع القدمَين والمناطق الحميمة". وتكمل أنّه بخلاف ذلك، "يستطيع الاغتسال بصورة مفرطة التسبّب في جفاف وحتى إكزيما (التهاب الجلد التأتبي)".

صحة
التحديثات الحية

منذ القرن التاسع عشر والأبحاث العلمية للكيميائي الفرنسي لوي باستور، بات معلوماً أنّ الاستحمام يقضي على جزء كبير من البكتيريا المسؤولة عن الأوبئة. وتشير هنا الطبيبة المتخصصة في الأمراض الجلدية والتناسلية في باريس، لورانس نيتير، إلى أنّ اليوم "في مكاتبنا، ثمّة أشخاصاً كثيرين يغتسلون بشكل مفرط، مرّات عدّة في اليوم، وفي الغالب بسبب رهاب الفيروسات". وتوضح نيتير أنّ "الخطر يكمن في تغيير الطبقة السطحية المائية الدهنية التي تسمح للجلد بالبقاء في صحة جيدة بشكل طبيعي".

ويوصي أطباء الجلد بالتركيز على أجزاء الجسم حيث الميكروبات والعرق، باستخدام الحدّ الأدنى من المنظفات أو الرغوة التي تضرّ الجلد. وتقول نيتير: "إذا اعتمدنا هذا النوع من النظافة واغتسلنا مرّة واحدة كلّ يومَين أو ثلاثة أيام، فلا مشكلة، ما لم نتعرّق كثيراً أو نمارس الرياضة"، مضيفة أنّ "هذا الأمر مثالي للتوفيق ما بين النظافة الجيدة وصحة البشرة واستهلاك الطاقة المنخفض".

وبينما يُعَد الاستحمام فرصة للاسترخاء في أحيان كثيرة، فإنّه يكون في الغالب شديد الحرارة أو يمتدّ لفترة أطول من اللازم، الأمر الذي يؤدّي إلى جفاف الجلد نتيجة نتيجة اختلال توازن البشرة. وفي مواجهة المنحى الداعي إلى الإكثار من الاستحمام، نشأت، قبل نحو عقد، حركة في الولايات المتحدة الأميركية تحت اسم "أنووشد"، وهي تقوم على تقليل الاستحمام لأسباب بيئية وللحفاظ على البشرة.

بدوره، يطبّق ألكسندر مونييه، الذي يترأس جمعية فرنسية تحمل اسم "إن ديشيه بار جور"، هذه المبادئ. ويخبر: "لم أعد أستحمّ إلا ثلاث مرّات شهرياً، عندما أكون قذراً أو أتعرّق". يضيف لوكالة فرانس برس: "في الأشهر الأخيرة، اكتشفت ببساطة أنّ ذلك لم يؤثّر عليّ سلباً، وفي السياق الحالي، فإنّ كلّ قطرة (مياه) لها أهميتها". ويتابع أنّه "حتى الآن، لم يقل لي أحد: رائحتك نتنة".

(فرانس برس)

المساهمون